الشيء بالشيء يذكر، فمقتل الرئيس من انتهت مهمته، ذكّرني بحرب تلاسن حالياً بين فرنسا ومستعمرتها السابقة الجزائر، الدولة العربية التي نَشر فيها المستعمر الفرنسي الأميّة، منذ احتلالها 1830 إلى الإستقلال 1962. الاتهام بـ"نشر الأميّة" هذا جاء على لسان مسؤول جزائري، الغريب أن ما عناه ذاك المسؤول، أن الأميّة عمّت البلاد، حتى في لغة المستعمر، وليس في العربية لغة البلاد فحسب. وبالتالي فإن فرنسا، لم تقم بمحو الماضي، ولكن هيمنت على المستقبل أيضاً، المستقبل الأمّي الذي أوكل المستعمر به رجاله في البلاد، العسكر الذين يخوضون حرباً أهلية، للسيطرة على البلاد، منذ الاستقلال 1962، وحتى يومنا هذا، يوم الحراك "الربيع الجزائري"، ما يتخذ من الشارع طريقة سلمية، لإزالة آثار الحرب الإستعمارية، وهذا حسب رأي قطاع واسع ممن يشارك في الحراك.
إن الحقيقة المرّة، على الرغم من كل التخرصات، أن أفريقيا كما كانت أرض العبيد، لعصر النهضة الأوروأميركية، باتت أرض الخامات للعصر الصناعي، وحالياً نشاهد عودة في العصر السيبراني، لتجارة العبيد، تحت صيغة "الهجرة غير الشرعية". هذا في الوقت الذي تم فيه، استنزاف باطن أرض أفريقيا، ثم جاءت ضربة الجفاف القاصمة، من آثار ثقب الأوزون.
وهكذا معاناة قارة أفريقيا فيما بعد الاستعمار، أشد من مرحلة الاستعمار نفسها، الذي حسب مقولة الستينيات التهكمية: خرج من الباب لِيعود من النافذة. ومن ذا "مقتل الرئيس" مثلما "الهجرة غير الشرعية"، مؤشر على الحال الأفريقي، الذي يشبه حال الشرق الأوسط، ما هو حال حرب أكثر منه حال سلام، منذ نهاية الحرب الكبرى الثانية وحتى أفق آخر.
طبعاً يؤكد الكثيرون على مسؤولية الأفارقة عن حال قارتهم، وهو كذلك، حيث العبد كان دائماً، في رأي مفكرين كثر في الغرب، مصاب بإرادة العبودية! ومليء كتاب "الاستشراق" وكذا "الثقافة والإمبريالية" لإدوارد سعيد، بالاستدلالات من هذه الأطروحات الفكرية الغربية، منذ مونتسيكو حتى ماركس وغيرهما كثر، وهذا أعاد الكثير من تلاميذهم في أفريقيا وغيرها إنتاجه.
ولست هنا بصدد محاكمة لتبيان من قتل الرئيس؟ ولا من المسؤول عن حال القارة السوداء، لكن ردود الأفعال اتجاه ما حدث، من قبل فرنسا والولايات المتحدة ودول غربية أخرى، كانت السّباقة لإعلان المسؤولية اتجاه تشاد أولاً فالقارة ثانياً. وذا كما حدث عند الانقلاب العسكري في بورما "مانيمار" بقارة آسيا. ما أعاد أجواء الحرب الباردة، عندما كان الغرب يشجب ما يؤيد الاتحاد السوفياتي، ما ظهر وكأن روسيا والصين ترثان مواقفه.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن الأمة برس