معركة الجمال
2021-06-04
وحيد عبد المجيد
وحيد عبد المجيد

المِعمار، أو طراز البناء وسماته وما يتعلق به من طلاء وزخرفة وغيرهما، أول ما يلفت انتباه زائر مدينة أو منطقة، إما إلى جمالها أو قُبحها. فالطراز المعمارى لأى مكان هو الدافع فى الأغلب الأعم للشعور بجماله أو قُبحه.

 أقبح الأماكن عادةً هى التى لا نجد أثرًا فيها لطراز معمارى أو آخر، ولا يشعر قاطنوها بأن شيئًا ينقصهم أو يزعجهم وهم يعيشون فى قوالب أسمنتية لا معنى فيها ولا روح.

وأجمل الأماكن، فى المقابل، هى التى يوجد فيها طراز معمارى معين، على نحو يعطى شعورًا بالتناسق والراحة ويُتيح تأمل هذا الطراز وكيفية البناء على أساسه. أما الأماكن التي توجد بها طرز معمارية مختلفة دون تخطيط وتحديد أين ينتهى أحدها ويبدأ الثانى فهي تُعد في منزلة بين المنزلتين.

ورغم أن فى كل طراز نوعًا من الجمال، تختلف الأذواق فى تفضيل هذا أو ذاك منها. وهذا اختلاف طبيعى لا يضر، بل على العكس يُفيد لأنه قد يفتح بابًا لنقاش يدل على ارتفاع مستوى الذائقة الجمالية.

ولكن الاختلاف بين الطرز المعمارية يصبح ضارًا عندما يرتبط باتجاهات سياسية، ويؤدى إلى معارك فى غير محلها. وهذا ما يحدث الآن فى الولايات المتحدة، إذ قررت إدارة الرئيس جو بايدن إلغاء قرار سابقه دونالد ترامب بشأن اتخاذ المعمار الكلاسيكى طرازًا مفضلاً للمبانى الفيدرالية الجديدة.

ولأن العمل بموجب هذا التغيير يحدث من خلال الهيئة الفيدرالية الأمريكية للفنون الرفيعة التى يؤيد أغلب أعضائها الطراز الكلاسيكي، أو بالأحرى الكلاسيكى الجديد الذى طُور فى عصر النهضة الأوروبية, لجأت إدارة بايدن إلى استبدال أربعة من بين أعضائها السبعة لضمان الأغلبية فيه, رغم أن هذه الهيئة يُعين أعضاؤها لمدة أربع سنوات، ولا يُقال أى منهم فى المعتاد خلال هذه الفترة، ومع ذلك أقالت رئيسها جاستن شوبو وثلاثة آخرين يعتقدون أن المعمار الكلاسيكى هو المفُضَّل لدى أغلب الأمريكيين.

غير أن المعركة لم تنته بإقالتهم. فقد صال المعمار أيضُا فى قلب الصراع الذى يقسم الولايات المتحدة أو يكاد يشطرها نصفين.

 

  • مدير مركز الأهرام للدراسات السياسيّة والاستراتيجيّة


مقالات أخرى للكاتب

  • هل يتحسن الاقتصاد العالمي في 2023؟
  • أسوار في كل مكان
  • الحقائق أيضًا ترحل





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي