حزب المحافظين البريطاني يتلاعب بمصير البلاد والأمور إلى تفاقم
2021-10-04
جيمس مور
جيمس مور

ماذا تفعلون عندما تفطنون أن حزبكم (المحافظ في بريطانيا) مسؤول عن أكبر فشل منذ... منذ... منذ... هل هناك بيننا من هم بعمر يسمح لهم بتذكر ما جرى في السبعينيات (أنا كنت طفلاً في ذلك الوقت)؟ ربما يمكنكم، وبإمكانكم أن تخبروني ما إذا كنا وصلنا إلى أسوأ مرحلة أم أن الأمور قابلة لأن تسوء أكثر [ممكن أن تتفاقم]؟

أعتقد أنه يمكننا ربما القول "منذ السبعينيات" لأن كتب التاريخ تنبئنا أن تلك الحقبة عاشت معاناة وتبعات العمل لثلاثة أيام في الأسبوع وشهدت أيضاً انقطاعاً في التيار الكهربائي. تلك الحقبة انتهت بما عرف لاحقاً بـ"شتاء الغضب" أو عدم الرضا الشعبي winter of discontent 1979. لكننا على مشارف أن نشهد تكرار إلى حد مخيف لتلك الحقبة. والتكرار هذا، لو كانت هناك عدالة، سيمثل كابوساً يلاحق طيفه حزب "المحافظين" الحاكم كما لاحقت تلك الفترة حزب "العمال" في الماضي.

[تشهد بريطانيا مظاهر من قبيل] تضارب بالأيدي في محطات الوقود، طرق مغلقة بسبب طوابير الانتظار التي تمتد أميالاً، رفوف المتاجر خاوية بشكل يذكر بالحقبة السوفياتية.

لكن السؤال هو عن كيفية تعامل "بوزو" المهرج [في إشارة إلى بوريس جونسون] مع كل ذلك، فيما أنصار حزب "المحافظين" يجتمعون (في مؤتمرهم السنوي في مانشستر هذا الأسبوع)؟ أعتقد أننا ربما نعرف الإجابة مسبقاً. فهو سيؤدي وصلة التهريج المعتادة. فهو سيجلس على كرسيه في المكتب وأغنية "ذا شوو" The Show لفرقة "غيرلز ألاود" Girls Aloud تصدح من سماعات الأذن من نوع "إير بود" الخاصة بالمحترفين المتطورة AirPod Pros قبل أن يقف على المنصة وشعره منكوش بشكل يظهر ذائقته الفنية لينطلق في الغناء. في الواقع، لا يا بوريس، أرجوك ألا تستمع إلى تلك الأغنية. لأن تلك الأغنية تبدأ كلماتها بـ"كان عليك أن تعرف، وكان عليك أن تعتني وأن تقف منتظراً في المطبخ بملابسك الداخلية" إنها صورة لا أريدها أن تدخل رأسي.

فالاستعراض الذي سنراه سيتضمن كثيراً من أعلام المملكة المتحدة المعروفة بـ"يونيون جاك" Union Jacks، وذلك مشابه لما رأيناه مع دونالد ترمب يرفع إبهامه [مؤكداً تفوقه] أمام جمهور هائج يرتدي البدلة الرسمية أو لجمهور ممن يرتدون سترات مليئة بالأعلام الأميركية، وينطلق بوريس قائلاً "انظروا إلي" وأنا في الطليعة، ويوجه لكمات إلى حزب العمال مع كل ما يرافق ذلك من إنكار للواقع. انسِ شعار "الأسد البريطاني يزأر" المبتذل أو أي من التفاهات التي يكون قد سطرها أساتذة كتاب خطابات الترويج ببذلاتهم المرتبة. الشعار المعلق في أعلى المنصة كان يجب أن يقول: " تناول الحبة الزرقاء (لون حزب المحافظين الحزبي)، استيقظ في سريرك، وصدق كل ما نريدك أن تؤمن به". تحديداً صدق ألا شيء يحدث. نعم، (صدق) أننا بالفعل حققنا الحلم الذي لطالما وعدنا به المؤيدون لـ"بريكست" بوصولنا إلى أرض الأنجاد (الشجعان) المشمسة. أولئك الملاكمون الذين يتقاتلون من أجل البنزين في المحطات هم مجرد حلم مزعج سببه ارتفاع حرارتك بسبب الحمى، لكن ليس هناك مشكلة نقص في الوقود على الإطلاق.   

هل هناك نقص في العمالة؟ هذا لم يحدث. هل تسبب "بريكست" في مشاكل؟ هذا لم يحدث. هل تركت المحاصيل لتتلف في الحقول؟ تعرفون الإجابة. أما عن الديك الرومي، فإنه سيصوت لصالح حزب المحافظين بحلول عيد الميلاد هذه السنة، لأنه لو فعل ذلك، فلن يكون هناك أي عامل في المسلخ ليوجه له طلقة الرحمة ويقوم بذبحه.

سيكون هناك بالتأكيد بعض أرقام المؤشرات التي سيقوم حزب "المحافظين" بنشرها أيضاً (خلال فترة انعقاد مؤتمر الحزب السنوي). الاقتصاد كان قد حقق نمواً سريعاً في الربع الثاني، وهو ما سيحتفي به (وزير الخزانة) ريشي سوناك، متجاهلاً الواقع أن الاقتصاد بصدد التعثر كسبب مباشر لعدم الكفاءة الفاضح للأشخاص الجالسين إلى جانبه على طاولة مجلس الوزراء. بعد ذلك سنقفز مباشرة إلى الحروب الثقافية. ولن يكون أكثر فائدة (لحزب المحافظين) من انتقاد أداء هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، عندما ترغب (الحكومة) بتحويل الأنظار عن واقع أن الفريق المحيط (برئيس الوزراء) عاجز حتى عن تنظيم حفل متوسط في إحدى القرى، ناهيك عن إدارة شؤون دولة كاملة.  

خطاب بوزو [لقب يطلق على بوريس جونسون تهكماً] سيرحب به بشدة المؤمنون بالحزب الذين اعتنقوا تماماً عقيدة  الجنرال السير أنتوني سيسيل هوغماني ميلتشيت General Sir Anthony Cecil Hogmanay Melchett. وستعلمون ما أعنيه بذلك لو أتيحت لكم فرصة مشاهدة برنامج السلسلة التلفزيونية "بلاك أدر يتقدم" Blackadder Goes Forth.

"فعندما يفشل كل شيء فإن اللجوء إلى وضع قناع على رأسك ورفض مواجهة الوقائع مباشرة لا بد أن يؤدي إلى مرور [انقضاء] العاصفة" ، بحسب ما يقوله الممثل ستيفن فراي Stephen Fry الذي جسد شخصية ميلتشيت. ويمكنكم مشاهدة هذا المقطع المتوفر على قناة يوتيوب، ولا بد أن يتوفر رابط إلكتروني لذلك المقطع في الحقيبة الترحيبية التي توزع على المشاركين في مؤتمر حزب المحافظين. 

شخصية "ميلتشيت" كان الغرض منها التجسيد الساخر لجنرالات بريطانيا الذين يفتقدون للكفاءة إبان الحرب العالمية الأولى، وقاموا بإرسال جنودهم على دفعات خارج الخنادق ليسقطوا بنيران المدافع الرشاشة. يروق لجونسون رؤية نفسه بأنه خليفة تشرشل. فلو كان البريطانيون أسوداً حقيقيين، فإن جونسون ووزراءه (في الحكومة) هم بالفعل مثل حمير ذلك النزاع (الحرب الكبرى الأولى)، ويقومون بإرسالنا جميعاً (أي عامة الشعب) خارج الخنادق لنموت من جزيئيات الفيروس.

فمع انتهاء فترة تقديم التعويضات المادية العامة [التي منحت للعاطلين عن العمل إبان الجائحة] قد تكون الجائحة المقبلة على شكل فقر غذائي.  ولكن ذلك سيكون مشكلة أخرى على متجرعي الحبة الزرقاء المجنونة الذين فقدوا أي اتصال بالواقع، التعامل معه.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن الأمة برس

اندبندنت عربية



مقالات أخرى للكاتب

  • إيلون ماسك يزرع رقائق كمبيوتر في الأدمغة... كيف أحصل على واحدة؟
  • مشكلة الوعد بتخفيض الضرائب: لا يمكننا تحمل كلفته
  • هل يمكن لمنتدى دافوس أن يفجر مفاجأة؟





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي