باربي "ملكة بريطانيا" ليست إلهاما للفتيات بل تذكير بمكانتهن السيئة
2022-04-24
كايتي إدواردز
كايتي إدواردز

إليكم خلاصة الحوار الدائر حالياً: صناعة دُمية على هيئة الملكة إليزابيث الثانية "لتكون مصدر إلهام لكل فتاة مفاده أن قدراتها لا محدودة، وتذكيراً لها بأن بإمكانها أن تكون أي شيء تريد". إنه مطلب غير واقعي تماماً.

تعرف الفتيات حق المعرفة أن التفاوت بين الجنسين ما زال موجوداً ومؤثراً. كيف يمكنك البدء بصناعة رموز لطموح الشابات في حين أن المشهد الاجتماعي قاتم للغاية؟ هناك تهديد لسلامة الفتيات في الأماكن العامة، على هيئة التحرش المستمر في الشوارع والتعامل مع الاعتداء الجنسي على أنه أمر عادي.

تتعرض أجساد الفتيات للتمحيص والتعييب على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الواقع. كل هذا ولم نتحدث بعد عن فجوة الأجور بين الجنسين والعوائق الخفية الكثيرة التي ترتطم بها معظم الشابات مما يزعزع تقدمهن المهني في مرحلة ما في المستقبل.

بالتالي، يقتضي ارتقاء دمية إلى صنو رمز "الإمكانات اللامحدودة المتاحة أمام كل فتاة"، أن تعكس العقبات العديدة التي تلقى في طريق الفتيات. في النهاية، من المرجح أن يحدد السياق الاجتماعي والاقتصادي الذي وُلدنا فيه إمكاناتنا، مثله مثل الأصول التي تنحدر منها عوائلنا، وليست الدمى التي طرحتها شركة "ماتيل" المصنعة للدمية الشهيرة باربي في أحدث تشكيلة لها.

أنا أعرف الفكرة التي كانت وراء هذه الخطوة! دعونا نصنع دُمية باربي على هيئة الملكة! نعم! إنها المرأة المثالية التي يمكنها تذكير الفتيات أن بإمكانهن أن يصبحن أي شيء [حققن كل ما يرغبن فيه]، لكن مهلاً، ما الذي تقولونه؟

لقد تجاوزت شركة "ماتيل" حتى القوالب النمطية الجنسانية الخاصة بها عندما طرحت نسخة باربي على هيئة الملكة. هذه الدمية المتوفرة لفترة محدوة هي تحية لذكرى اليوبيل البلاتيني لجلوس إليزابيث الثانية على العرش واحتفال بعيد ميلادها السادس والتسعين عن طريق منحها وجهاً ناعم الملمس وخالياً من التجاعيد! بجدية، لو أردت اختلاق نكتة مثل هذه لما استطعت [تعصى الخيال].

قد تتساءل، ما هو الأمر المروع في وجود دمية باربي على شكل إليزابيث الثانية؟ في النهاية، هي كنز وطني بالنسبة لكثيرين. يزعم كثيرون أنهم مغرمون بالملكة ويحبونها حتى. أليس طرح دُمية باربي بمناسبة اليوبيل البلاتيني تكريماً مناسباً، حتى ولو كان ساخراً، للملكة التي جلست على عرش بيرطانيا لأطول فترة؟

تكمن المشكلة في اقتراح أن الملكة ترمز إلى "الإمكانات اللامحدودة لكل فتاة". إنها نكتة سمجة تستهزئ بالغالبية العظمى من الفتيات في هذا البلد.

عندما تكون معاناتنا مستمرة من الأمثلة المروعة على سوء معاملة السلطات للشابات في الطبقة العاملة، على غرار الطريقة التي استقبل بها المجتمع مع فضائح إغواء الفتيات التي عصفت بالبلاد برمتها، فمن الواضح تماماً أن كراهية النساء وفتيات الطبقة العاملة لا تزال راسخة جداً في ثقافتنا، لدرجة أن أي محاولة لخلق رموز للإمكانات اللامحدودة التي تمتلكها كل فتاة يجب أن تعترف بملايين الفتيات والنساء المهملات بسبب نظام الفصل الطبقي لدينا.

في حين يبدو أن شركة "ماتيل" تعتقد أن باربي الملكة التي قدمتها لنا هي دفعة قوية في صالح الحركة النسوية – وكأن يد ترتدي قفازاً حريرياً ترتفع في الهواء مناصرة لتحرير المرأة - فإن العكس هو الصحيح في الواقع. الدمية هي رمز للقيود المفروضة علينا وليس لإمكاناتنا.

تُعد الملكة - بالتالي النظام الملكي والأرستقراطي - دليلاً على النظام الطبقي البريطاني، وهو أمر ما زال يخنق الملايين في هذا البلد، على الرغم من التشدق السياسي الذي يتحدث عن الاحتكام إلى الاستحقاق والمساواة الاجتماعية. سيظل مكان ولادتك والأسرة التي تكونت فيها يحددان فرص حياتك والطريقة التي ستعامل بها، وحتى متوسط العمر المتوقع أن تحياه.

ربما تتمتع الملكة بشخصية عظيمة. ليست لدي أدنى فكرة. مثلي مثل أي شخص آخر، باستثناء دائرتها العائلية المقربة، أنا لا أعرفها، ما أعرفه هو أنه طالما بقيت الملكية موجودة كدلالة على أن البعض يستحق معاملة أفضل من البعض الآخر وفقاً لظروف ولادته فحسب، فإن النظام الطبقي الذي يضر بالكثيرين في هذا البلد سيستمر في الازدهار.

مثلاً، فكروا فقط في الطريقة الرسمية التي نشير بها إلى الملكة. صاحبة الجلالة. صاحبة السمو الملكي. صممت هذه المصطلحات للتعبير عن تفوقها على المواطنين الآخرين. استخدام هذه الألقاب يعني ضمنياً أن بعض الأشخاص يولدون أفضل من غيرهم - هل هذه فكرة نريد أن تدوم حقاً [تكتب لها الحياة]؟ من الواضح أن فكرة الأعراق الممتازة [الانتماء إلى عرق سام] جذابة بالنسبة للكثيرين، لكنها أيضاً خطيرة جداً.

دعونا لا نخطئ التقدير، قد تكون دُمية باربي الملكة التي طرحتها شركة "ماتيل" بمثابة تكريم لجلالتها، لكنها إهانة لملايين الفتيات اللاتي تعرضن للإذلال والاضطهاد والاستتباع في النظام الطبقي السائد في البلاد.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس – اندبندنت عربية-



مقالات أخرى للكاتب

  • تجريم "حق الإجهاض" ليس انتصارا للحياة بل حكم بالموت على النساء





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي