هل سيتدخل تشارلز الملك في السياسة كما فعل عندما كان أميرا؟
2022-09-22
أندرو غرايس
أندرو غرايس

يخفي مشهد الأحزاب المتآلفة حول مناسبة رحيل الملكة والتعهدات بالولاء لخليفتها، تساؤل كبار السياسيين في مختلف الأطياف حول الموضوع الطاغي نفسه: هل سيتدخل الملك تشارلز في السياسة بالطريقة التي كان يقوم بها كأمير ويلز؟

في ظاهر الأمر، الإجابة هي: لا. سيتعين على الملك إنهاء نشاطاته في الحياة العامة. وكما اعترف في أول خطاب له كملك: "لن يكون من الممكن بعد الآن منح كثير من وقتي وطاقاتي للمؤسسات الخيرية والقضايا التي أهتم بها بشدة". وسبق له القول إنه لن يكون شديد "الغباء" لدرجة أن يتدخل [في السياسة].

يثق بعض الوزراء في أن الملك سيقاوم الإغراء. وأشاروا إلى أنه قلل في السنوات الأخيرة من الخطب المتعلقة بالقضايا السياسية والاجتماعية العزيزة على قلبه بالتزامن مع توليه تدريجاً مزيداً من واجبات الملكة. لا يتوقع الوزراء منه أن يلقي خطباً قبل موافقتها من قبل الحكومة، كي تكون متماشية مع سياستها، لكنهم يتوقعون أن يعبر عن أي آراء سياسية شخصية بحرية خلال لقائه الأسبوعي مع رئيسة الوزراء ليز تراس. ستكون تلك مصارحة مختلفاً تماماً عن "مذكرات العنكبوت الأسود" [مجموعة رسائل مثيرة للجدل التي وجهها إلى وزراء الحكومة والسياسيين البريطانيين وعبر فيها عن رأيه في قضايا مثل الزراعة والتعديل الوراثي والاحتباس الحراري والحرمان الاجتماعي والتخطيط والهندسة المعمارية]، المستوحى عنوانها من خط يده، التي وجهها إلى عدد من الوزراء حول مواضيع مختلفة، ما أكسبه حينها لقب "أمير الشكوى".

على رغم أنه من المتوقع رؤية اليمين المحافظ له كشخص مناصر لثقافة "ووك" woke [ثقافة التنبه إلى التحيز والتمييز العنصريين]، إلا أن آراءه لا تبدو منسجمة. لقد قرب القضايا البيئية أكثر إلى قلوب بعض المحافظين المتحفظين، لكنه عارض في الوقت نفسه حظر صيد الثعالب وعبر عن آراء معارضة للعمارة الحديثة. لديه عديد من الأصدقاء المؤثرين اليمينيين، يطلق عليهم منتقدوهم لقب "الحاشية المغرورة وغير العصرية المتمتعة بامتيازات مفرطة".

يخشى بعض كبار الشخصيات في وستمنستر في ما بينهم أن تتسرب آراء الملك حيال موضوعاته المفضلة إلى المجال العام عبر أصدقاء ثرثارين يرغبون في إظهار أنهم مطلعون على الأسرار والخفايا. ربما كانت هذه هي الطريقة التي ظهرت بها انتقاداته الأخيرة لخطة الحكومة "المروعة" لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، بدلاً من كونها تسريباً متعمداً.

على العكس من ذلك، كانت الملكة ودائرتها المقربة أكثر تحفظاً. كانت تدخلاتها العامة نادرة للغاية، مثل مناشدتها الإسكتلنديين أن "يفكروا ملياً" قبل الاستفتاء على الاستقلال عام 2014.

كانت الملكة تجري محادثات جانبية مع كبار الوزراء، يتذكر المرء تعليقاً ناقداً عن رئيس أساقفة كانتربيري سابق [رأس الكنيسة الأنغليكانية]. لكن الأشخاص الذين وثقت بهم نادراً ما خانوا ثقتها. كان السياسيون هم الذين يثرثرون: كشف ديفيد كاميرون أن الملكة "أطلقت تنهيدة تعبر عن ارتياحها" بعد سماعها نتيجة الاستفتاء حول استقلال إسكتلندا، وأفشى بوريس جونسون لموظفيه أن الملكة أخبرته عندما أصبح رئيساً للوزراء: "لا أعرف لماذا قد يرغب أي شخص في هذه الوظيفة".

إذا "كشفت الأنباء" عدم رضى الملك عن قرار تراس بالموافقة على التكسير الهيدروليكي، الأمر الذي لن يكون مفاجئاً نظراً لسجله السابق، فسيؤدي ذلك إلى توترات بينه وبين "داونينغ ستريت". لن تكون هذه هي المرة الأولى.

عندما كان تشارلز أميراً، حذرته حكومة بلير عندما كان يتحدث علانية ضد المحاصيل المعدلة وراثياً، فتراجع عن موقفه. نُقلت الرسالة إليه عن طريق بيتر ماندلسون، الذي أصبح صديقاً مخلصاً للملك المستقبلي. لقد كان مخلصاً للغاية، كما كشفت مذكرات ماندلسون.

بعد وفاة أميرة ويلز [ديانا]، لم يحظ كل من تشارلز وشريكته الجديدة بشعبية، لكن ماندلسون أخبره (على نحو صحيح) أن الجمهور سيتقبل كاميلا في النهاية إذا لم "يفرض الأمر بالقوة". أخبره أيضاً أن بعض الأشخاص "كونوا انطباعاً بأنك تأسف لحالك، بالأحرى أنك كئيب ومحبط".

أكثر القضايا التي يحتمل أن تثير خلافاً بين الملك وحكومة تراس هي أزمة المناخ، وهي قضية بدأ بمناصرتها منذ أكثر من 50 عاماً، قبل وقت طويل من أن تصبح قضية العصر، والصفقات التجارية التي قد تقوض المزارعين في المملكة المتحدة.

أخبرني وزير سابق في الحكومة أن المناخ سيصبح الآن "مصدر اهتمام شخصي للملك ولكن سبباً للمعاناة في السر. لن يكون قادراً على التحدث عنه علناً". هناك تكهنات بأنه سوف "يفوض القضية" إلى أمير ويلز الجديد، الحريص على الحفاظ على البيئة.

قال أحد المصادر في وايتهول، "لا أعتقد أن ويليام سيستخدم القضية لانتقاد الحكومة". مع ذلك، يمكن للقضية البيئية أن تعزز جاذبية النظام الملكي بين فئات الشباب، حيث لا يحظى حالياً بدعم كبير.

بدت لهجة تراس متشككة بشأن تصفير الانبعاثات في محاولتها إرضاء أعضاء حزب المحافظين أثناء انتخابات القيادة. عندما أصبحت رئيسة للوزراء، أصبحت مواقفها ضبابية. السيئ في الأمر هو أن جاكوب ريس موغ هو المسؤول عن سياسة الطاقة، وأن زاك غولدسميث قد أقيل من منصب وزير البيئة. لكن كريس سكيدمور، المؤيد القوي لتصفير الانبعاثات، يرسم الطريق المحتمل أمام للمملكة المتحدة للوصول إلى الهدف البيئي تحت قيادة تراس.

المحافظون المتشككون حيال المناخ ومن يهللون لهم في الصحافة لن يجعلوا الحديث عن المناخ أمراً سهلاً بالنسبة إلى الملك، ولو تحدث بالفعل، فسيحذرونه بلا شك من تعريض الملكية الدستورية للخطر من خلال التدخل في السياسة. على كل حال، الحفاظ على بقاء الكوكب بحد ذاته بالتأكيد يبرر الخروج عن التقاليد. دعونا نأمل أن هناك حلاً حيثما توجد الإرادة.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-اندبندنت عربية-



مقالات أخرى للكاتب

  • ما زلنا ندفع ثمن أخطاء جونسون في "بريكست"، والاتحاد في خطر
  • هوس سوناك بمشروع الترحيل إلى رواندا يؤدي إلى انقسام حزبه
  • سوناك أمام خيارات انتخابية صعبة





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي