"إنذار حقيقي".. متى يخرج المليون إسرائيلي إلى الشوارع لمواجهة حكومة الظلام؟
2023-01-12
كتابات عبرية
كتابات عبرية

أبدأ من النهاية. الكفاح بدأ. هذا إنذار حقيقي. أمر 8. خطر مؤكد وقريب لانهيار الديمقراطية الإسرائيلية.

أمور سيئة تحصل عندما يسكت المواطنون الطيبون. كل مواطن مفتوح العينين في مجتمع محب للحياة، يجب أن يسأل نفسه: “أين أقف أنا من هذا الكفاح؟”، وأن يجيب نفسه جواباً مباشراً، حتى لو كان أليماً وبقلب ثقيل – وأن يعمل بموجبه. سيكون هذا الكفاح لكثير منا الأمر الأهم الذي فعلناه في أيام حياتنا. تقف بيننا وبين الصدام شريحة رقيقة من حماة الحمى. لا أدري، في لحظة كتابة هذه الأقوال إذا كانوا سيعملون وكيف. قد نجد أنفسنا في كل سبيل ملزمين بالكفاح. سيكون صعباً. كد، عرق ودموع. نأمل ألا يراق دم. سيحسم الكفاح في المظاهرات، في الشوارع، في الميادين، على محاور السير، في أماكن العمل وفي مؤسسات التعليم العالي. في هذه الأيام تنطلق شرارات الإرادة الجماعية والتصميم ووحدة الهدف. إذا ما دُفعنا إلى ذلك، فسينشب عصيان مدني. وإذا كانت المحاولة لإسقاط إعلان الاستقلال ستستمر، فسيتعاظم كالنبع المتدفق. عندما يخرج مليون مواطن إلى الشوارع ستسقط حكومة الشر هذه.

لا أدري كم من الوقت سيستغرق هذا وما هو حجم الضرر الذي سيلحق. أثق أننا سننتصر في نهاية اليوم –. هكذا حصل لدى شعوب نهضت بعصف من “قبائل” وجماعات مختلفة في هويتها وتفترق في تفسيرها لأهداف الوجود القومي الذي تحقق بشكل مشترك. وفي كل حالات الصدام هذه تغلب محبو الإنسان والحرية، حتى لو تلوت الطريق عبر دكتاتوريات ظلامية. والدكتاتورية، لمن نظر إليها، لا تستبدل بالانتخابات. الظلام الدامس يسود، كما هو دوماً، قبل لحظة من الشروق. أعرف أننا سننتصر لأننا في الجانب الصحيح من الحقيقة وفي الجانب الصحيح من التاريخ. عندما نجبر نعرف كيف نقاتل. نعرف لماذا وعلى ماذا نوشك أن نقاتل، وعليه فسنعرف كيف نتغلب على كل وجل وخوف. عندما نتعاون جميعنا ونعمل معا في أقسى اللحظات سيأتي يوم النصر.

ومن هنا إلى البداية. بعد عشرة أيام فقط من الانتخابات وخروج الجني من الكيس. حكومة مهووسة، تريد كل شيء وعلى الفور. لا إصلاح قد يكون ضرورياً في جهاز القضاء، بل حملة سريعة لتحطيمه. لا تعديلات في عمل الشرطة، بل إخضاعها السياسي لاستفزازي مثابر، مع 53 لائحة اتهام و8 إدانات. لا تعديل مقاييس حيوياً في الدولة، بل باب واسع فتح للفساد والعنصرية والخوف من الإنسان. متهم بالرشوة تعهد (ولم يوقع) على تضارب مصالح، كي تقر العليا أهليته للتنافس على رئاسة الوزراء، يعين وزير عدل، بينما يعنى بإحدى يديه بسياقات لتعيين قضاته ممن سيجلسون في الاستئناف، وباليد الأخرى بتعيين شخص أدين ثلاث مرات حتى الآن في قضايا رشوة وأموال وزيراً كبيراً، سيؤتمن في المستقبل أيضاً على الصندوق. ثلاثة وزراء، بينهم عنصريان سائبان، سيشاركان بمعونة الرب بتقويض السلسلة ووحدة القيادة في الجيش الإسرائيلي. كل هذا بينما يندفعون وهم يهتفون لفرصة إشعال النزاع السياسي – الإقليمي بيننا وبين الفلسطينيين، وتحويله إلى حرب دينية بين إسرائيل والإسلام.

وبالطبع، هناك المزيد؛ إذ ثمة شخص مناهض للإنسانية ومتزمت سيعين مسؤولاً عن مناهج التعليم، ووزيرة ظلامية تعتقد أنه من الخير إذا تمكن الطبيب من أن يقرر ألا يعالج مريضاً على خلفية دينه وميله الجنسي أو لون جلدته، وهناك نائب هاذٍ مع خلفية عسكرية يطالب بإصدار أمر اعتقال على خلفية خيانة الدولة، لمن كان رئيس وزراء ووزير دفاع حتى قبل أسبوعين. وزراء سيعينون مقربين ومتفرغين عديمي التجربة والخلفية المهنية لمناصب مديرين عامين ومستشارين قانونيين. تسجل قوائم موظفين لأجل “تطهير منهاجي” لمن يلوثون الخدمة العامة من خلال إبداء عدم الولاء “للزعيم العزيز”. وثمة سواق قافلة ثلاثة، ممن يعملون منذ 30 سنة مع كل رؤساء الوزراء، يكتشفون فجأة بأنهم “وظيفة ثقة” والآن ضاعت الثقة، فينقلون من وظائفهم دون تفسير. لكن التفسير معروف للجميع؛ فقد حقق معهم في الشرطة عن الفساد حول رئيس الوزراء، وكمواطنين مستقيمين، قالوا الحقيقة. هذه خطيئتهم.

باتت التشويهات تتسلل إلى الأسفل. في مقهى لندفار، رفضوا خدمة “اليسرويين”. وفي محطة القطار أوقفت امرأة ابنة 60 لأنها كانت تلبس قميصاً “قصيراً”. قد نشهد محاولة دهس نشطاء احتجاج في بئر السبع. ويروون لنا بأن كل هذا القرف هو “إرادة الشعب”؟ هل على هذا فكر وحلم بسطاء الشعب الكادحون والمواطنون المستقيمون حين صوتوا لليكود؟ أعرف ناخبي الليكود، أحزاب اليمين والكثير من المواطنين المتدينين الذين يتحفظون بشكل طبيعي عن معظم خطوات الإفساد هذه التي تنفذ ظاهراً باسمهم. ولكن من يحصيهم بعد يوم من الانتخابات؟ هذه ليست “إرادة الشعب”. هذا حلف فاسدين في خدمة أنفسهم، مع عنصريين يبتزون الفاسدين بخدمة رؤية مسيحانية وخطيرة. وكل حملة هذا الهراء من رئيس الوزراء حتى آخر الوزراء لشؤون اللاشيء، يغرقون حتى الرقبة في ممارسة “الكذبة الكبرى” التي تم تبنيها من أنظمة ظلامية في الماضي.

رئيس وزراء ضعيف وقابل للابتزاز، كذاب عضال كبير حتى وفقاً لشركائه – مبتزيه، يشرح بإنكليزية فاخرة جهوده “الهائلة العظيمة” للدفاع عن قسم الديمقراطية، ويفعل بالعبرية النقيض التام. وزير العدل، من جهته، يكذب بكل وقاحة، بأن محكمة العدل العليا تحكمت بحياتنا وصادرت صلاحيات من الكنيست والحكومة. كذب! منذ قيام الدولة سن في الكنيست 1.893 قانوناً، وتدخلت محكمة العدل العليا في 22 منها فقط. السيد لفين يروي لنا أيضاً بأننا المكان الوحيد في العالم الديمقراطي حيث لا يقرر فيه المشرع قضاة العليا، وهذا ليس صحيحاً. الحقيقة أن في دولاً عديدة تقيد الائتلاف في اختيار القضاة للعليا. عبر لجان تعيين تضم جهات مهنية (بريطانيا والهند)، تستوجب توافقاً بين الائتلاف والمعارضة (ألمانيا)، أو تعاون عدة سلطات مستقلة (الولايات المتحدة وإيطاليا). ويضيف الوزير المهووس ويدعي وجوب فقرة التغلب في معظم الدول الديمقراطية الأخرى، هذا كذب! الحقيقة أنه يكاد لا يكون في أي ديمقراطية دستورية فقرة تغلب. وأينما يوجد (كندا مثلاً)، فثمة دستور محصن، مع وثيقة حقوق كاملة، ونظام فيدرالي، وكوابح وتوازنات أخرى، لا توجد عندنا. في كندا، بالطبع، لا يوجد أي خطر تستخدم فيه فقرة التغلب لإنقاذ رئيس الوزراء وبعض من وزرائه من المحاكمة أو من نتائج الإدانات السابقة لهم، في تشريعات عاجلة شخصية وبأثر رجعي، لكنهم الكنديون، الذين ليس فيهم عمق التسيب وطمع “القوة والمال والشرف” الذي يعاني منه رواد هذه الحكومة.

ويقال إذن، هذه حكومة منتخبة وقانونية، لكن أعمالها التي وصفت آنفاً، ونواياها المعروفة لاحقاً، والتي في أساسها “انقلاب النظام” التي تغتال إعلان الاستقلال والقيم الأساس التي قاتلت وقامت عليها دولة إسرائيل تجعلها غير شرعية على نحو ظاهر. وواجبنا بالتالي، واجب كل مواطن يفهم هذا، أن ينضم إلى الكفاح في سبيل الوطن وأمنه ومستقبله. في سبيل قيم إعلان الاستقلال، في سبيل المساواة، في سبيل أخوة الإنسان وكرامته وحقوقه وحريته.

الديمقراطية، كما سبق أن قيل، يجب أن تعرف كيف تدافع عن نفسها في وجه من يستخدمون القواعد التي تقررها والانتخابات التي تمنحها كي يهدموها من الداخل. هذا بالضبط هو الوضع الذي نعيشه. نحن ملزمون باستيعاب أن ما يحدث “انقلاب على النظام”، وليس أقل. كتب إلى بيني غانتس، صديقي الشاب، الذي يسمى كوستا بلاك: “يا بيني، نتنياهو ليس معنياً برأب الصدوع، بل بالشروخ. وليس معنياً بتعديلات في جهاز القضاء بل بهدمه التام، هو ليس معنياً بالحوار بل بالإخضاع والتحطيم للديمقراطية وسلطة القانون. لن نقبل من زعماء المعسكر… (لا شيء آخر) غير الكفاح ضد حكومة متطرفة، جاءت لتخرب كل أسس الديمقراطية الإسرائيلية”. عمر كوستا هو تقريباً نصف عمر حماة الحمى، زعماء الأحزاب، وقضاة العليا، ورؤساء أقسام المملكة، ورموز الحكم عندنا. ليت كل أولئك يتباركون بوضوح رؤية رجل شاب واحد.

ومن هنا عدنا إلى البداية؛ فلنعمل، هذا إنذار حقيقي.

 

بقلم: إيهود باراك

يديعوت أحرونوت 12/1/2023



مقالات أخرى للكاتب

  • هكذا نقل نتنياهو اليهود من "الوصايا العشر" إلى ضربات قصمت ظهر الدولة   
  • هل حققت إسرائيل هدفها بضربها راداراً للدفاع الجوي في أصفهان؟  
  • إسرائيل بعد ضربتها لأصفهان.. هز مقصود للسفينة الإقليمية أم لعب بالنار؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي