كيف ينظر العالم العربي إلى ما يجري في إسرائيل؟
2023-03-26
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 العقد الأخير في الشرق الأوسط كان بقدر كبير عقد إسرائيل، فقد أصبحت فيه قوة إقليمية عظمى ورائدة، وذات قوة سياسية وعسكرية واقتصادية، يسعى جيرانها إلى قربها ويعملون على التقدم بالتعاون معها، بل وبعلاقات سلام وتطبيع. واعترف بقوتها أعداؤها الذين حذروا من الدخول معها في مواجهة.

لكن هذه القوة تبددت في غضون بضعة أسابيع، كأن الحديث يدور عن سراب؛ فـ “حزب الله” يتحدى ويسعى لإعادتنا عقدين إلى الوراء إلى بداية القرن قبل أن يكون ميزان الرعب والردع تجاهه.

العلاقات مع الإمارات تتأرجح، ونشبت مع الجار الشرقي الأردن أزمة حادة. كل هذا يتأثر بالبرودة التي بثها البيت الأبيض تجاه حكومة إسرائيل. فالولايات المتحدة لا تزال قوة عظمى عالمية وذات تأثير حاسم في منطقتنا، رغم الضعف والتعب اللذين تبثهما.

صحيح أنه لا حاجة للتأثر أكثر مما ينبغي بالأقاويل والتصريحات، ففي صلب علاقاتنا مع العالم العربي مصالح مشتركة، بخلاف القيم، وهذه ليست أمراً عابراً ومؤقتاً. قوة إسرائيل، وخاصة قوتها العسكرية، لا تزال معها، وهذا ما يعترف به العرب أيضاً. وعليه، فإن خريطة الشرق الأوسط والعلاقات التي بين العالم العربي وإسرائيل لن تتغير بسرعة. لكن الشائق أنه حين تكون إسرائيل في دوامة، والعالم الكبير – وخصوصاً صديقتنا الولايات المتحدة وإلى جانبها “رفاقنا” في أوروبا، لا يترددون في توبيخ أو خبط الحكومة، فسيبقى العالم العربي صامتاً ويملأ فمه بالماء في ضوء العاصفة الداخلية التي نشبت عندنا.

الحقيقة أن للعالم العربي مصلحة في إبقاء الموضوع الفلسطيني في سبات ومنع نشوب عنف قد ينتقل إلى الدول العربية المجاورة أيضاً، وسيسمع صوته في هذا الموضوع. ولكن باستثناء هذا، تجده صامتاً في كل ما يتعلق بما يجري في إسرائيل.

ينبع الأمر، أولاً وقبل كل شيء، من انعدام الفهم والاهتمام. فباستثناء إسرائيل، لا توجد دولة ديمقراطية أخرى في المنطقة المحيطة بنا. ولا توجد في الدول العربية ديمقراطية ولا فصل للسلطات أو جهاز قضاء مستقل. أما عن عدم الأهلية المطلقة في الغالب، فيؤتمن الجيش، بعد أن يكون أحدث انقلاباً وأطاح بالحاكم.

لقد تحدث رئيس الوزراء الراحل إسحق رابين عقب التوقيع على اتفاقات أوسلو فقال إن “الشرطة الفلسطينية ستقاتل ضد حماس بدون “بتسيلم” وبدون المحكمة العليا”. هذا وإن كان رابين رجلاً ملتزماً بالديمقراطية وحذراً ومنضبط النفس، فقد فهم قيود النموذج العربي رغم سحره وميزاته فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.

لكن في الصمت العربي أكثر من انعدام اهتمام أو فهم. فهو يعبر عن خوف عميق من أن أحداً ما في الشارع العربي سيرى المشاهد ويسمع الأصوات من إسرائيل، فيغرى بأخذ احتجاجنا قدوة كي يخرج للتظاهر ضد الأنظمة والحكام في الدول العربية من الداخل.

وأخيراً، يخيل أن العالم العربي يفهم بأنه لن يخرج أحد رابحاً من الهزة التي تمر على إسرائيل.

في كتب الإرشاد التي وجدها الجيش الإسرائيلي في معسكرات الجيش المصري في سيناء بعد الهزيمة في حرب الأيام الستة، وجدت شروحات للجنود المصريين عن إسرائيل تقول إنها دولة يسري في دمها الانشقاق والانقسام، والدليل – بن غوريون يكره أشكول وبالعكس. لكن هذا لا يغير شيئاً للعالم العربي، فالعرب يكرهون إسرائيل والإسرائيليين كلهم.

لكن الواقع اليوم مختلف. الحقيقة أن في طهران أو بيروت من يفرك يديه فرحاً، لكن في أوساط أصدقائنا، ويوجد كهؤلاء، يسود قلق. لقد تحولت إسرائيل في العقد الأخير لتصبح حجر زاوية في النظام القيمي الجديد. فهي تورد الماء والطاقة للأردن ولمصر، وتمنح مساعدة أمنية لدول الخليج، وأكثر من كل هذا – تشكل حلقة ربط مهمة بين العالم العربي وواشنطن.

العالم العربي يحافظ على مسافة، ويصعب عليه إدراك ما يدور الحديث عنه في واقع الأمر، ولكنه في الوقت نفسه يبث قلقاً؛ فالأهم هو الأمن والاستقرار في منطقة تكون فيها إسرائيل قوية، لأن ذلك مدماك مركزي في الحفاظ عليها.

 

أيال زيسر

إسرائيل اليوم 26/3/2023



مقالات أخرى للكاتب

  • لغانتس "الساذج" وآيزنكوت "المغبون": ساعر حجر نتنياهو الأخير لـ "الإخفاق المطلق"  
  • شلهوب وديمقراطية إسرائيل".. ما معنى أن يعبر "غير اليهودي" عن رأيه في مؤسسة أكاديمية؟    
  • الاستخبارات الإسرائيلية تسائل نفسها: هل قتلنا مروان عيسى؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي