إيكونوميست: في الجولة الأخيرة من المواجهات الفلسطينية ـ الإسرائيلية التفاوض هو الطريق لا إدارة النزاع

2021-05-14

إبراهيم درويش


قالت مجلة “إيكونوميست” في افتتاحيتها أن الطريقة الوحيدة لوقف دوامة العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين هي المفاوضات التي ستجلب السلام لإسرائيل وفلسطين وأن التحكم بالنزاع لا يعد حلا. وأضافت أن المواجهة كانت جاهزة للانفجار والعالم كان يحب أن يتجاهلها، فمرة أخرى لكز الفلسطينيون والإسرائيليون بعضهم البعض إلى حافة الحرب بالأرض المقدسة.

فقد تم شن مئات الصواريخ من في غزة على القدس وتل أبيب وجنوب إسرائيل فيما ضربت الغارات الإسرائيلية غزة التي تسيطر عليها حركة حماس بشدة، وقتل العشرات أكثرهم من الفلسطينيين في المواجهة.

وقالت إن القتال الذي لم ير مثله بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ سنوات كانت في قلبه القدس. وبدأت عندما قرر قادة الشرطة الإسرائيلية إغلاق ساحة “بوابة دمشق” التي تقود إلى المدينة القديمة المسورة ومكان تجمع الفلسطينيين في ليالي رمضان ولأسباب “أمنية” مواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وجرح المئات ثم بدأت الصواريخ بالوصول. وأشارت أن العنف كما هو الحال يترك نتائج سلبية. فتحويل المدن الإسرائيلية “إلى جهنم” كما هددت حماس لن يساعد الفلسطينيين الذين يعانون بشكل كبير في غزة، بل وعلى العكس. فكل صاروخ تطلقه حماس يعطي إسرائيل الفرصة للزعم أنه لا يوجد هناك شريك للسلام وتشديد حصارها على غزة. ولكن على إسرائيل أيضا أن تعيد النظر في استراتيجيتها. فقادتها يتعاملون مع النزاع بشكل عام كمشكلة يمكن إدارتها لا حلها. ومع ذلك فمعاملتها للفلسطينيين تؤدي إلى المشاكل. وأزمة اليوم هي متوقعة مع أن الشرارات التي أشعلتها لم تكن معروفة. وتعبر القدس عن المشكلة، فمع أن إسرائيل تزعم أنها “العاصمة الأبدية الموحدة” لها إلا أن سكانها منقسمون، ففي الجزء الشرقي منها لا تزال تعيش فيه غالبية فلسطينية مع أنها احتلتها عام 1967. وتركت اتفاقيات أوسلو القدس ضمن موضوعات الحل النهائي التي سيتم التفاوض عليها بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ولكن إسرائيل بنت جدار فصل بينها ومناطق الفلسطينيين. وهي تحاول تقوية زعمها في المدينة من خلال إحاطتها ببيوت جديدة لليهود وإجبار سكانها على الخروج. ومع أنهم يشكلون نسبة 38% من السكان إلا أن الفلسطينيين فيها لا يعتبرون مواطنين بل مجرد “مقيمين” ولهم الحق في العناية الصحية والإجتماعية ولكن ليس على قدم المساواة مع اليهود.

وبدا التباين في القانون في القضية المعروضة أمام المحكمة العليا والتي سخنت من حرارة الجو، فهي تقوم بمراجعة قرارا لطرد عائلات فلسطينية من الشيخ جراح، بالقدس الشرقية. وبيوتهم قائمة على أرض كان يعيش فيها اليهود قبل 1948. ويمنح القانون الإسرائيلي الورثة باستعادة أملاك في القدس الشرقية، وهو حق ليس مضمونا للفلسطينيين الذين شردوا من بيوتهم في القدس الغربية أو اي مكان في إسرائيل. وليس غريبا استعداد الفلسطينيين المقيمين في المدينة للاحتجاج. ولكن الظلم في أماكن أخرى أسوأ، فقد راقب الفلسطينيون في الضفة الغربية إسرائيل وهي تصادر أراضيهم وتبني مستوطنات عليها، وهو عمل غير قانوني حسب القانون الدولي. وعليهم التعامل مع حواجز التفتيش ونظام التصاريح المرهق. وفي غزة هناك أكثر من مليوني مواطن قطعوا عن العالم من خلال الحصار الذي فرضته مصر وإسرائيل منذ عام 2007 عندما سيطرت حماس على القطاع، وتعاني المنطقة من مشاكل توفير الطاقة الكهربائية ومياه الصنابير وسخة، وقاد اليأس من الوضع إلى العنف في 2018 و2019 ويغذي الجولة الحالية. ومع ذلك يتجاهل الساسة الإسرائيليون النزاع. ولم يظهر الموضوع الفلسطيني في أي من الجولات الانتخابية الأربع التي نظمتها إسرائيل في الفترة الماضية. ويشعر الكثير من الإسرائيلية بالراحة من شعار بنيامين نتنياهو “ضد الحل” ويبدو غير مهتم بالبحث عن حل دائم مع الفلسطينيين.

ويعمل منافسوه على صفقة قد تخرجه من الحكم، ولكنهم لم يطرحوا أي شيء قبل الجولة الأخيرة من العنف، أي أفكار حول التعامل مع النزاع. وترى المجلة ان القادة الفلسطينيين سهلوا على إسرائيل التخلي عن السلام، فحماس مهتمة بإطلاق الصواريخ أكثر من تحسين حياة الغزيين. ولم تفعل حركة فتح التي تدير الضفة الغربية الكثير. فزعيم الحركة محمود عباس في عامه السابع عشر في الحكم. وفي 29 نيسان/إبريل قرر تأجيل الانتخابات حيث لام إسرائيل لأنها منعت سكان القدس الشرقية من التصويت فيها. وفي غياب المنظور الجيد للمستقبل يفضل الشبان الفلسطينيون مواجهة إسرائيل، وهو ما يجعل من أحداث العنف المتكررة حتمية. ولن يحل الوضع إلا المفاوضات وعلى القوى الغربية والإقليمية الدفع باتجاه استئنافها. ويجب أن يعود الإسرائيليون والفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات، فحل النزاع أصعب من إدارته، ولكن المفاوضات هي الخطوة الدائمة للخروج. وقالت إن الجولة الأخيرة في المواجهات لن ينهيها وقف إطلاق النار طالما لم يرفق بتحسين الظروف المعيشية لسكان غزة.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي