دراسة حديثة: البحر الأحمر شبّ عن الطوق وأصبح محيطا شابا

متابعات الامة برس:
2021-05-16

الصغير محمد الغربي: يفصل البحر الأحمر بين قارة أفريقيا والجزيرة العربية. البحر الأحمر؟ قد لا تكون هذه التسمية صحيحة علميا، بل من الأصوب القول "المحيط الأحمر" حسب فريق دولي من الباحثين. إليك أهم الأسباب التي جعلتهم يعتقدون ذلك.

قد تبدو كثير من الأشياء من حولنا بديهية لكن الأمور في العلوم لا تؤخذ بمظاهرها فحسب. فالبحر الأحمر، بطوله الذي لا يزيد على 2250 كيلومترا، وعرضه المقدر بنحو 355 كيلومترا فقط في أوسع نقطة له، لا يبدو أنه يشبه المحيط.

والدراسة الجديدة التي نشرها حديثا فريق دولي من الباحثين تحت إشراف "مركز جيومار هلمهولتز" (GEOMAR Helmholtz) لأبحاث المحيطات في كيل بألمانيا في مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" (Nature Communications) تقدم أدلة جديدة تؤكد أن البحر الأحمر هو في الحقيقة محيط بلغ مراحل متقدمة من التطور جعلته مشابها للمحيطات المعروفة في كثير من الخصائص.

 

   أدلة جديدة على أن قاع البحر الأحمر شبيه بقاع المحيطات

بم تتميز المحيطات على البحار؟

تتميز المحيطات الأطلسي والهادي والهندي والمتجمد الشمالي والجنوبي بامتدادها الواسع، وهي تشكل معظم الغلاف المائي لكوكب الأرض، في الوقت الذي تصنف فيه المسطحات المائية المالحة الأصغر والمحاطة جزئيا على الأقل باليابسة، مثل البحر الأبيض المتوسط، على أنها بحار.

لكنّ الجيولوجيين يذهبون أبعد من ذلك في تعريف البحار والمحيطات، ويصنفون المحيطات بناء على وجود القشرة المحيطية المكونة من البازلت التي تتشكل عندما تندفع الصهارة من باطن الأرض عبر الصدوع في قاع المحيط في أثناء ابتعاد القارات عن بعضها.

وفي الوقت الحالي تتفكك أفريقيا والجزيرة العربية، وهي عملية تسمى الصدع القاري، ويتسع البحر الأحمر بينهما بمعدل سنوي متوسط يزيد على السنتيمتر الواحد.

سمات مشتركة

وفي الدراسة الجديدة، وحسب بيان صحفي نشر على موقع المركز الألماني، أظهر العلماء أول مرة أن قاع البحر الأحمر وتركيبته الصخرية نموذج لحوض محيط "شاب" لكنه متطور.

وللتوصل إلى هذه النتيجة استخدم الفريق بوجه أساسي بيانات الجاذبية والزلازل لتطوير نموذج تكتوني جديد لحوض البحر الأحمر، فضلا عن المعلومات المستمدة من خرائط قاع البحر عالية الدقة نتيجة للدراسات الكيميائية التي أجريت على عينات الصخور.

وساعدت شذوذات الجاذبية على اكتشاف هياكل قاع البحر المخفية مثل محاور الصدع وتضاريس الأعماق. وقام مؤلفو الدراسة بموازنة أنماط الجاذبية لمحور البحر الأحمر مع تلال وسط المحيط المماثلة فوجدوا أن أوجه التشابه بينها تفوق الاختلافات.

فعلى سبيل المثال، اكتشف الباحثون أول مرة شذوذات متشابهة في الموقعين للجاذبية المتعامدة مع محور الصدع، التي تسببها الاختلافات في ثخن القشرة الأرضية الممتدة على طول المحور. وهي سمات نموذجية جدا للقشرة المحيطية في المناطق الأكثر نشاطا للصهارة والأكثر ثخانة.

ومن ناحية أخرى دعمت خرائط قياس الأعماق وبيانات الزلازل فكرة وجود واد متصدع شبه مستمر في جميع أنحاء حوض البحر الأحمر.

وتم تأكيد ذلك أيضا من خلال التحليلات الجيوكيميائية لعينات الصخور من المناطق القليلة التي لا تغطيها كتل الملح، التي أظهرت وجود "بصمات جيوكيميائية لقشرة المحيط الطبيعية" كما يقول الدكتور فروكي فان دير زوان المؤلف المشارك في الدراسة، وفق البيان.

بحر أم محيط؟

وبهذا التحليل الجديد لبيانات الجاذبية والزلازل، حصر الفريق بداية توسع المحيط في البحر الأحمر منذ نحو 13 مليون سنة. يقول الدكتور نيكو أوغستين من مركز جيومار إن "هذا أكثر من ضعف العمر المقبول عموما".

وهذا يعني أن البحر الأحمر لم يعد محيطا صغيرا، ولكنه بلغ مرحلة الشباب ويمتلك هيكلا مشابها لجنوب المحيط الأطلسي الذي يبلغ عمره نحو 120 مليون سنة.

ويؤكد المؤلفون أن النموذج المعروض لا يزال محل نقاش في المجتمع العلمي لكنه يقدم التفسير الأفضل لما نلاحظه في البحر الأحمر، من خلال شرح كثير من التفاصيل في المناطق المغطاة بالملح والرواسب في البحر الأحمر التي لم تشرحها النماذج السابقة.

ولكن النموذج الجديد يثير أيضا عددا من الأسئلة التي تلهم مزيدا من البحث في طبيعة البحر الأحمر من منظور علمي جديد.

لذلك، لا تتوقع رؤية "المحيط الأحمر" على الخريطة في وقت قريب، حتى إن ثبتت صحة النموذج الجديد. و"يبدو (اسم) البحر الأحمر أكثر جمالا، رغم أن البحار ليست مرتبطة بالقشرة المحيطية"، كما يقول نيكو أوغستين.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي