قراءة الحكاية الشعبية

2021-07-02

 

باسم عبدالحميد حمودي

يحلل بعض الدارسين سبب ذلك في أن الراوي الشعبي لابد له أن يصنع الصورة المثالية للبطل الذي يستطيع تحقيق ما أراده في عالم الخيال، وهو أمر لا يستطيع تحقيقه السامع -إلا ماندر- وذلك يشكل نوعا من التعويض النفسي لديه.

وإذا كانت دراسات المدرسة النفسية للحكاية الشعبية عموما تميل إلى اعتبار التعويض المنهحي للنص داخل الحكاية نوعا من السياق العام الذي لابد له أن يظهر، فإن مظاهر التطهير الحاسمة في اسطورة أوديب تبدو واضحة للعيان.

الثقافة الشعبية

قاد علم الثقافة الشعبية علم النفس للبحث داخله لما تمتلكه اجزاؤه القولية (الأسطورة –الحكاية –المثل الشعبي- النكتة المتوارثة – الحكم..الخ) من ثراء في الخيال وفي البناء الدرامي، كما قاد علماء الألسنيات، مثل ستراوس، الى دراساته المنهحية في المضمر والظاهر من الحكاية، ودخل الى علم الثقافة الشعبية -علم الفولكلور-علماء الانثروبولوجي وهم يبحثون في عادات الشعوب وتقاليدها.

إن بناء الحكاية الخرافية يظل في حلقته الاساس يعمل على ايصال البطل الى صورة الحياة الجميلة التي يحلم بها السامع –القارئ- ويستخدم الراوي خلالها السحر احيانا في سبيل تحقيق هذا الهدف.

وهو يصنع الانسان في صراع مع ذاته ومع امنياته بعد طول معاناة، مثل شخصية قمر الزمان وشخصية السندباد، لكن بعضهم لا يستطيع تحقيق سعادته المثلى مثل ملكيادس (قارون) الذي يحول كل ما يمسكه الى ذهب، لكن كل هذه النماذج نحو تحقيق شخصية الانسان المثلى في عالم الصراع الذي تخوضه من اجل تحقيق اهدافها سلبا او ايجابا.

الرمز الكبير

إن الحكاية الشعبية تختلف عن الحكاية الخرافية، فلكل رمز في الحكاية الخرافية مدلول، وهو يسهم مع المداليل الاخرى في ابراز المدلول النفسي الكبير للحكاية الشعبية.

في ذلك تقول د.نبيلة ابراهيم في كتابها «قصصنا الشعبي من الرومانسية الى الواقعية» ما نصه: ان قيمة الحكاية تتوقف على مدى نجاح الرمز الكبير في ابراز هدف الحكاية الشعبية، وهذا الرمز الكبير هو ما

يسميه البلاغيون التشبيه التمثيلي، وهذا الرمز مثل صاحب الصنابير الذي جلس بالقرب من قصر كبير ليطلع كل انسان على ما يأتي به صنبوره، اي يطلعه على حظهِ في الحياة، وعندما جرب الرجل صنبوره هو وحده وجده قد سد وكف الماء ان ينسكب منه، ولهذا توفي الرجل في النهاية.

ان هذا التشبيه العملي الذي اوردته د.نبيلة ابراهيم قد يبدو غير ملائم لوصف فروق موقع الرمز بين الحكايتين، لكنه يوضح شيئا عمليا من الحكاية.

قدرة الراوي

ان الحكاية الشعبية توضح ايضا قدرة الراوي على استخدام التورية والكناية، بحيث يغدو السرد الشعبي (الكلام المنطوق هنا والمدون فيما بعد) على شكل ألغاز احيانا، وحكاية «شن وطبقه» مشهورة في هذا الجانب.

اخيرا يمكن القول ان الحكايات الشعبية بكل الوانها واشكالها جزء من ثراء الشعب الفكري، وانعكاسه على ذلك التلوين الغزير في حضارتهِ المثقلة بثقافة واسعة ومتنوعة، حيث تشارك الثقافة الشعبية عالم النفس

وعالم اللغة وعالم الاجتماع والمسرحي والناقد الثقافي في البحث في صلب الحكايات، والاستفادة منها في بحوثهم اضافة الى تسلية السامع –القارئ - مع ذلك.

وقد شاركت الحكاية الشعبية في انتاج الكثير من الافلام والمسلسلات الدرامية في شتى الاستديوهات بالعالم، وبلغات شتى لايصال الامتاع النفسي والفكري للمتلقين في كل أرض ومكان، ويغدو حقل الدراسات واسعا في هذا المجال إضافة للفيلمولوجيات الكثيرة في هذا الجانب. 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي