الرياض وأبوظبي. الاضطرابات الجيوسياسية لم تهدم أسس التحالف

2021-07-17

 

يتم حاليا اختبار التحالف الأكثر أهمية في الشرق الأوسط بين الإمارات والسعودية من خلال التطلعات الاقتصادية، ومع ذلك يستمر كلا الجانبين في تشارك الأجندات الجيوسياسية ذاتها.

فالعلاقة بين أبوظبي والرياض لا تقوم فقط على صداقة حكامهما، لكن أيضا على تحالف طويل الأمد نجا من أزمات مختلفة على مر السنين. لكن موضوعا واحدا ظل دائما بلا تغيير.

وحول ذلك، قالت "ياسمينة أبوالزهور"، وهي زميلة زائرة في مركز بروكنجز الدوحة، إن السعودية والإمارات تشتركان تقليديا في مصالح جيوسياسية وسياسية خارجية متشابهة.

وأوضحت "أبوالزهور": "خلال انتفاضات الربيع العربي عام 2011، لم ترق الحركات الثورية في جميع أنحاء المنطقة لكلا البلدين. كما ينظران إلى إيران على أنها تهديد للملكية التقليدية والأنظمة السنية في المنطقة، ولكلاهما علاقات متوترة مع تركيا".

وأوضحت أن الجانبين تبنيا في بعض الأحيان مواقف مختلفة قليلا أو معتدلة حول قضايا عدة، مثل الحرب في اليمن، والحرب السورية، والتطبيع مع إسرائيل.

لكن في السنوات الأخيرة، تحولت الشراكة تدريجيا إلى منافسة.

وقالت "أبوالزهور" إن الخلاف الأخير على النفط ما هو إلا عرض أخير للصدع في العلاقات بين البلدين.

وكانت الرياض قررت في فبراير/شباط الماضي منح العقود الحكومية للشركات التي يكون مقرها في المملكة فقط. وشكل هذا تحديا لدور دبي كمركز مالي للمنطقة.

تنافس على الاستثمارات

قالت "أبو الزهور" إنه من المرجح أن تستمر الخلافات بين الرياض وأبوظبي حول التطلعات الاقتصادية في لعب دور محوري فيما يتعلق بأجندات كل منهما.

وأضاقت: "نظرا لأهدافهما الاقتصادية المتشابهة، قد تصطدم السعودية والإمارات أثناء محاولتهما تنويع اقتصاداتهما بعيدا عن قطاع الهيدروكربونات من خلال تطوير قطاعات مماثلة (مثل السياحة والخدمات المالية والتكنولوجيا)، وبالتالي التنافس على الخبرات وفرص الاستثمار".

تمثل هذه التطورات تغييرا كبيرا بالنظر إلى أن الحاكم الفعلي للسعودية "محمد بن سلمان" (مبس) والإمارات "محمد بن زايد" (مبز ) كانا بمثابة الثنائي القيادي الجديد في الشرق الأوسط.

ويقول المحللون إن سبب الخلاف الحالي بين البلدين الخليجيين أعمق من مجرد الاقتصاد.

ففي العامين الماضيين، تصدعت العلاقة بين "بن سلمان" و"بن زايد" بشكل متزايد.

في البداية، خاض كلاهما حربا ضد مليشيا "الحوثي" المتحالفة مع إيران في اليمن عام 2015 ، وضغطا على الولايات المتحدة لمعارضة الاتفاق النووي الإيراني.

كما فرض كلاهما حصارا اقتصاديا على قطر، التي اعتبروها صديقة جدا لإيران، وكريمة جدا مع حركة "حماس" الفلسطينية، وقريبة جدا من جماعة "الإخوان المسلمين".

وفي صيف 2019، أوقفت الإمارات حربها ضد المتمردين الحوثيين في شمال اليمن، وركزت فقط على دعم الانفصاليين في الجنوب.

وبذلك، تخلت أبوظبي بشكل أساسي عن المملكة، التي يظل خوفها الأكبر قيام دولة حوثية على حدودها الجنوبية.

ورغم تعاونهما الوثيق في العديد من المجالات مثل اليمن وسوريا والعراق، إلا أنهما لم يكونا دائما متزامنين بشكل كامل.

وفي هذا الصدد، قال كبير المحاضرين في سياسات الشرق الأوسط بجامعة برادفورد البريطانية "أفشين شاهي": "لقد تبادل البلدان الرؤى الرئيسية، لكنهما اختلفا عند التطبيق". 

وأوضح "شاهي": "كان اليمن، بصفة خاصة، شاهدا على مدى سرعة تحول شراكتهما إلى منافسة عندما هاجمت الإمارات جوا  القوات الحكومية في جنوب اليمن لدعم حلفائها الانفصاليين الجنوبيين".

استثمار قوى

في أغسطس/آب 2020 ، قامت الإمارات بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل؛ ما أدى بشكل أساسي إلى تقويض عرض السلام السعودي لنزاع الشرق الأوسط، المعروف بـ"مبادرة السلام العربية"، والتي تتضمن  الاعتراف العربي بإسرائيل مقابل دولة فلسطينية.

وعن ذلك، قال الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط بجامعة ليدز البريطانية "جيمس وورال" إن احتضان الإمارات للإسرائيليين جاء بعد عملية طويلة تم التفكير فيها ومعايرتها بعناية.

وأوضح أن العلاقة بين أبوظبي وتل أبيب التي ظهرت للعلن مؤخرا كانت واسعة وبعيدة عن "السلام البارد" الفاتر بين إسرائيل وكل من مصر والأردن.

وأضاف وورال: "هذه شراكة إستراتيجية تقدم لكلا البلدين صفقة كبيرة، وتم الاستثمار فيها بقوة. فقد راهن الإمارتيون على الكثير من رأس المال السياسي، وبالتالي فمن غير المرجح أنهم استشاروا السعوديين في تلك الخطوة".

ولفت إلى أن اعتراف الإمارات بإسرائيل وانخراطها في علاقات معها يجلب بوضوح فوائد متعددة للرياض.

ومع ذلك، تفاقم الخلاف السعودي الإماراتي مؤخرا عندما قررت المملكة استبعاد الواردات من "المناطق الحرة"، أو تلك المرتبطة بإسرائيل، من اتفاقية التعريفة التفضيلية مع دول الخليج العربي.

وقال "وورال": "ما فعله السعوديون هو تغيير قوانينهم، بالنظر إلى عدم اعترافهم بإسرائيل واستمرار مقاطعتهم للبضائع الإسرائيلية؛ وذلك لضمان عدم استفادة البضائع التي تنتجها الشركات الإسرائيلية في الإمارات من اتفاقيات التعريفة التفضيلية التي أبرمتها المملكة مع الإمارات.

والأساس المنطقي وراء ذلك واضح؛ فمن "الصعب على شرعية الرياض في الداخل أن ترى على أرففها طوفانا من المنتجات التي تصنعها الشركات المملوكة لإسرائيل"، وفق "وورال".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي