كتبمحركات

محسن العيني الذي عرفته لفترة وجيزة لكنني رأيت من خلاله روح اليمن كلها - عبدالناصر مجلي

2021-08-25

عرفته وجها لوجه في واشنطن في العام 1994 عندما كنت مراسلا لصحيفة القدس العربي اللندنية ، رجلا أنيقا سريع البديهة ورجل دولة من الطراز الرفيع ودبلوماسيا محنكا يحترمه الجميع ، وسرعان ماتوطدت العلاقة عندما عرف بأنني ابن الشيخ عبدالرزاق مجلي أحد ثور 26 سبتمبر و14 أكتوبر الذي كان يعرفه كما أخبرني ، وأتصل بي مهنئا عندما ارسلت له مجموعتي الشعرية (سيرة القبيلة) ودعاني الى بيته وتعرفت على السيدة الفاضلة والأم المحترمة والأنيقة وسيدة المجتمع الودودة زوجته أم هيثم عزيزة ابو لحوم التي احتفت بمجموعتي الشعرية في إحدى جامعات فيرجينا بالقرب من العاصمة واشنطن دي سي .
رأيت فيه رجلا حكيما ونافذ البصيرة كان له موقف من حرب 1994 لم يخبرني به واعتذر بلباقة عن اجراء حوار معه في تلك اللحظة التاريخية من عمر اليمن ، لكنني قلت له ياسعادة السفير لاينبغي عليك الاعتذار فقد يغضب البعض ، فضحك قائلا كلهم يغضبون.
وفي السفارة في نفس تلك الفترة تعرفت على الاخ العزيز والصديق النبيل سعادة السفير الدكتور عبدالوهاب الحجري الذي كان موظفا في السفارة آنذاك ، وترقى فيها حتى صار سفيرا متمكنا للجمهورية اليمنية ، وقد أمتاز ايضا بالدماثة والتواضع والذكاء.
بعدها بعام استضافني الى واشنطن لتكريمي عن مجموعتي الشعرية سيرة القبيلة التي كانت كلها عن الحرب وقال لي وهو يحدق في عيني مباشرة : رغم صغر سنك إلا أنك ياعبدالناصر قد قلت في هذا الكتاب مالم يجرؤ أحد على قوله فشعرت بإطراء لانضير له ولاوصف فالذي يشهد لي أحد حكماء اليمن ورجالاتها الكبار.
وأنت تقف أمامه تشعر بأنك تقف أمام اليمن وأحداثها المهولة التي كان أحد صناعها الكبار ، لكنه لايريدك أن ترى ذلك ، بل يريدك أن ترى اليمن الجديد الذي تجاوز الصعاب بفضل الله ثم بفضل ثورته الخالدة 26 سبتمبر.
اليمنيون دائما يختلفون وقد يتحاربون لكنهم يعودون الى السلام.
هذه إحدى المقولات التي سمعته منه وأنا أحاول جاهدا أن اقنعه بالحوار للصحيفة التي كنت أمثلها آنذاك.
بعد مشاركتي في الاحتفالية الثقافية في تلك الجامعة برفقة حرمه السيدة أم هيثم دعاني الى السفارة ليودعني وأثنى على مجموعتي بقوة وحرارة وقال اليمن الان أمانة بين ايديكم انتم ايها الجيل الجديد ثم عانقني بود وأبوة وقال كلمته الاخيرة في وجهي : لقد غضبوا ياعبدالناصر لكن اليمن نجت وهذا مايهمني.
رحم الله الوالد المناضل والفارس اليماني الحكيم والشجاع دولة رئيس الوزراء الأستاذ محسن العيني وغفر له وأسكنه فسيح جناته.


* أديب وصحافي يمني أمريكي







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي