نيويورك تايمز: هل طلبُ ماكرون الصفح من "الحركيين الجزائريين" هدية انتخابية؟

2021-09-21

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

ما سبب اعتذار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للحركيين الذين قاتلوا مع فرنسا ضد أبناء بلدهم في حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي؟

يرى روجر كوهين في صحيفة “نيويورك تايمز” أن السبب يتعلق بمصاعب ماكرون ومخاوفه من صعود اليمين المتطرف في الانتخابات المقبلة. وقال الكاتب إن ماكرون يواصل محاولاته لحل الكثير من الملامح المؤلمة في إرث بلاده الاستعماري وطلب “الصفح” نيابة عن فرنسا لتخليها عن مئات الآلاف من الجزائريين العرب الذين قاتلوا مع فرنسا في حرب التحرير.

وفي نهاية تلك الحرب عام 1962 تُرك أكثر من 200 ألف جزائري قاتلوا مع الجيش الفرنسي يواجهون مصيرهم، رغم تعهد فرنسا بتقديم العناية لهم. وتم تعذيب وقتل الكثيرين على يد السلطات الجزائرية بعد الاستقلال. ويسري الغضب الجزائري على الحركيين عميقا لدرجة أن الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة قارنهم في زيارة له إلى فرنسا عام 2000 بالنازيين.

واستطاع 90 ألفاً من الحركيين الذي ينظر إليهم على أنهم “خونة” في بلادهم الفرار إلى فرنسا كما فعل 800 ألف من “الأقدام السود” أي الفرنسيين الجزائريين من أصول أوروبية ولكنهم واجهوا استقبالا معاديا، فقد ذكّروا الفرنسيين بالحرب الخاسرة. وكان الرئيس الفرنسي شارل ديغول رافضا لهم، وأيضا كانوا غرباء غير مرغوب بهم، حيث تم وضعهم في معسكرات مع عائلاتهم في ظروف سيئة جدا. وقال ماكرون في حفل بقصر الإليزيه: “أطلب الصفح ولن ننسى”. وكان يتحدث أمام 300 من الحركيين وعائلاتهم قائلا: “فشلت فرنسا في القيام بواجبها. أريد التعبير عن امتنانا لمقاتلينا”.

وقال الرئيس الذي سيواجه انتخابات في أقل من ستة أشهر، إن حكومته ستعلن عن مسودة قانون يعطي “تعويضات” للحركيين، وهو ما يصل إلى حد الاعتراف بمسؤولية الدولة، والتي اعترف بها من قبله فرانسوا هولاند.

وقالت منظمة الحركيين إن قانونا كهذا سيضع حدا للنفاق. ويعتبر ماكرون (43 عاما) أول رئيس فرنسي مولود بعد حرب التحرير الجزائرية واتخذ عدة خطوات لإضاءة ملامح عن فصل مؤلم في تاريخ فرنسا بما في ذلك الاعتراف باستخدام التعذيب وقتل المحامي الجزائري المعروف علي بومنجل الذي ظلت السلطات الفرنسية تزعم على مدى عقود أنه انتحر.

وأنهت حرب التحرير الجزائرية التي بدأت في 1954 وانتهت عام 1962 استعمارا فرنسيا طال 132 عاما وخلفت نصف مليون قتيل حسب الرواية الفرنسية و1.5 مليون حسب الرواية الجزائرية. ومزقت الحرب فرنسا إلى فصائل متنازعة هددت بتمزيق البلاد وانقلاب عسكري عام 1958 ومحاولة أخرى عام 1961.

وتم التوصل لاتفاقية سلام في 18 آذار/ مارس 1962 ووافق عليها الناخب الفرنسي بالإجماع مما عبّد الطريق أمام استقلال الجزائر.

وقاد تقرير أعد بناء على طلب من ماكرون إلى تشكيل لجنة الذكريات والحقيقة في محاولة رأب بعض الجراح العميقة. ولكن طلب الجزائر باعتذار رسمي لم يتم الاستجابة له. وأكد ماكرون أنه “لن يكون هناك ندم أو اعتذار”.

وطلب الصفح هو قريب من الندم، ولكنه ندم موجه للجزائريين الذين قاتلوا مع فرنسا. وسيتم إحياء الذكرى الـ60 على نهاية الحرب في آذار/ مارس 2022، قبل شهر من الانتخابات الرئاسية. ويصرّ ماكرون على الدفع بالمصالحة الفرنسية- الجزائرية من أجل للوقوف أمام مارين لوبان الزعيمة المتطرفة المعادية للمهاجرين. وأظهر الحركيون في الماضي دعما قويا للتجمع الوطني الذي كان يعرف في السابق باسم الجبهة الوطنية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي