خلده فيلم هوليودي.. قصة المعارض الرواندي الذي حكم عليه بالسجن 25 عامًا

 ‘Hotel Rwanda’ inspiration Paul Rusesabagina sentenced to 25 years in prison for terrorism-related charges
2021-09-22

نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن محكمة رواندية أدانت بول روسيساباجينا، الذي استند فيلم «فندق رواندا» الهوليودي على قصته البطولية خلال الإبادة الجماعية في رواندا، وأصبح واحدًا من المشاهير العالميين؛ بتهمة تشكيل مجموعة إرهابية، وحكمت عليه بالسجن لمدة 25 عامًا، وذلك في تقرير أعدَّته راشيل تشاسون، مراسلة «واشنطن بوست» لشؤون السياسة المحلية.

الحكم بالإدانة كان متوقعًا

وفي مطلعه يوضح التقرير أن الحكم الصادر في حق روسيساباجينا من جانب المحاكمة التي استمرت شهورًا لم يكن مفاجأة إلا لقليل من المتابعين؛ إذ اعتاد بول كاجامي، الرئيس الرواندي الديكتاتور، وصْفَ روسيساباجينا بالمذنب، وانسحب روسيساباجينا نفسه من المحاكمة في مارس (آذار)، قائلًا إنه: «لا يتوقع أن يجد أي عدالة في محاكمته».

ويصف التقرير حكم المحكمة الرواندية بأنه يُمثِّل نهاية لفصلٍ مهم في حياة روسيساباجينا، الذي جسَّد الممثل العالمي دون شيدل شخصيته الحقيقية في فيلم «فندق رواندا»، وحصل روسيساباجينا على وسام الحرية الرئاسي عام 2005، وهو أعلى وسام مدني في الولايات المتحدة.

وينقل التقرير عن بياتريس موكامورينزي، إحدى قضاة المحكمة، قولها: إن «جبهة التحرير الوطنية، وهي جماعة مسلحة تعد جزءًا من تحالف تزعمه روسيساباجينا، كانت مسؤولة عن تنفيذ هجمات ضد المواطنين المدنيين في رواندا، والتي كان من بينها أعمال قتل، ونهب، وحرق، واعتداء».

محاكمة لتبرير الاحتجاز التعسفي لروسيساباجينا

استشهدت القاضية بمقطع فيديو يعود إلى عام 2018 باعتباره دليلًا على إدانة روسيساباجينا، الذي قال فيه: «لقد حان الوقت لاستخدام أي وسيلة ممكنة لإحداث تغيير حقيقي في رواندا؛ إذ جربنا جميع الوسائل السياسية وفشلت». وأوضحت بياتريس أن «كل ذلك كان يهدف إلى إرهاب الناس. كما اعتدت جبهة التحرير الوطنية على الناس في منازلهم وهم يقودون سياراتهم، بل إن الجبهة هاجمت مواطنين روانديين على الطرق التي كانوا يسافرون عليها».

وألقى التقرير الضوء على ما قاله محامو روسيساباجينا، الذي يحمل الجنسية البلجيكية وكان يقيم في الولايات المتحدة، لدحض هذه الاتهامات بأنه لا يوجد دليل موثَّق يُظهر أن جبهة التحرير الوطنية قتلت مدنيين أو أن روسيساباجينا هو الذي كان يقودها. وأوضح المحامون أنه «بدلًا عن ذلك كانت المحاكمة محاولة لتبرير الاحتجاز التعسفي لإحدى الشخصيات المشهورة المعارضة لكاجامي، الذي ضيق الخناق على وسائل الإعلام المستقلة، والمعارضة السياسية في رواندا».

فرصة لإدارة بايدن

ومن جانبها قالت أنايس كانيمبا، التي قُتِل والداها أثناء الإبادة الجماعية وكان عمرها عامين فحسب وتبنَّاها عمها روسيساباجينا: إن «الحكم بالإدانة كان متوقعًا منذ بداية المحاكمة. إنهم يريدون إسكاته مدى الحياة. ويُعد الحكم بسجنه 25 عامًا حكمًا بإعدامه أساسًا لأنه يبلغ من العمر 67 عامًا». وطالبت أنايس إدارة بايدن بالضغط على كاجامي للإفراج عن والدها، مؤكدةً أنها فرصة سانحة لبايدن «لتحويل أقواله بشأن حقوق الإنسان إلى أفعال، وإظهار أن إدارته تهتم بما يحدث في أفريقيا».

وفي بيان صدر يوم الاثنين، صرح نيد برايس، الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة «تشعر بالقلق» من إدانة روسيساباجينا. موضحًا أن «عدم توافر ضمانات لإجراء محاكمة عادلة يثير الشكوك في عدالة الحكم». ونحن نشعر بالقلق إزاء الاعتراضات التي أثارها روسيساباجينا فيما يتعلق بأنه لا يتواصل مع محاميه في سرية، أو من دون عوائق، وأنه لم يحصل على وثائق القضية ذات الصلة».

وألمح التقرير إلى أن الحكم جاء بعد سنوات من التراشق بين روسيساباجينا، الذي تمكن من إنقاذ أكثر من 1200 شخص في فندق «دي ميل كولين» في العاصمة الرواندية كيجالي خلال الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994، وبين كاجامي، الزعيم السابق للجبهة الوطنية الرواندية، والذي أصبح الزعيم الفعلي للبلاد عندما أنهت مجموعته الإبادة الجماعية.

وفي السياق ذاته، قالت الكاتبة الصحفية ميشيلا ورونج، إنه بينما لا أرغب في الإدلاء برأيي بشأن إدانة روسيساباجينا أو براءته، لكن المحاكمة لم تكن عادلة بوضوح. وأضافت قائلة: إن «المحاكمة كانت حقًا وصمة عار وأوقعت البلاد في حرج؛ لأن محاميِّ الحكومة انتهكوا الإجراءات القانونية عدَّة مرات، وبصورة فجَّة».

إدانة دولية كبيرة للمحاكمة

يلفت التقرير إلى أن المحاكمة أثارت إدانة واسعة النطاق في المجتمع الدولي، ومن بين ذلك ما يربو على 36 من نواب مجلس الشيوخ الأمريكي الذين حثوا كاجامي على إطلاق سراح روسيساباجينا لأسباب إنسانية. ووجد تقرير صادر عن نقابة المحامين الأمريكية ومبادرة كلوني للعدالة أن روسيساباجينا قد حُرِم من حقه في التواصل السري مع محاميه، مع إصرار سلطات السجن على اعتراض رسائله وقراءتها، بالإضافة إلى أن وصف كاجامي المتكرر لروسيساباجينا بأنه مذنب ينتهك قرينة البراءة. وأوضح جيفري روبرتسون، المؤلف الرئيس للتقرير، في بيان: إن «هذه محاكمة صورية، وليست تحقيقًا قضائيًّا عادلًا. وقدِّمت أدلة الادعاء ضده، ولكن لم يُطعن فيها».

وفي السياق ذاته، وصفت مجموعات حقوقية، مثل منظمة العفو الدولية و«هيومن رايتس ووتش»، عملية اعتقال روسيساباجينا بأنها غير قانونية وترقى إلى درجة الاختفاء القسري. وكان مسؤولون روانديون تحدثوا بفخر عن العملية التي وصفها كاجامي بأنها «لا تشوبها شائبة». وبحسب محاميه، تعرض روسيساباجينا للخداع من أحد القساوسة الذي اعتقد أنه صديقه وأقنعه بركوب طائرة على افتراض أنها متجهة إلى بوروندي، لكنه نُقِل إلى كيجالي.

كاجامي لا يُسامح منتقديه

أبرز التقرير وصف ميشيلا ورونج لمحاكمة روسيساباجينا بأنها جزء من عدم قدرة الرئيس الرواندي على «التسامح مع معارضيه أو منتقديه» مشيرةً إلى أن هؤلاء الذين تحدوا كاجامي لقوا مصرعهم في ظروف غريبة وغامضة. وأوضحت أن «كاجامي يهتم تمامًا بأن يُثبت لمواطنيه أنه سيصل إليهم ويعثر عليهم أينما كانوا. ولا يهم أين يذهبون، فإذا وقفت في وجهه وانتقدَته وتحدَّيته، فسوف تدفع الثمن».

وأكدَّ فيل كلارك، أستاذ السياسة الدولية في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، على «أن القضية أكثر تعقيدًا من الطريقة التي صورتها وسائل الإعلام العالمية، والتي انحازت عمومًا إلى روسيساباجينا، أو صورتها وسائل الإعلام الرواندية التابعة للدولة والتي انحازت إلى كاجامي». موضحًا أنه يعتقد أن الحكومة تمادت كثيرًا في وصف روسيساباجينا بأنه منسق للهجمات التي ذكر الادعاء أنها أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل.

واستدرك كلارك قائلًا: «ولكن أعتقد أن الادعاء قدَّم أدلة قوية على أن روسيساباجينا زوَّد جبهة التحرير الوطنية بالدعم المالي. إن الأمر ليس واضحًا مثل اعتقال بطل فيلم «فندق رواندا» الظالم وخُضوعه لمحاكمة هذه الحكومة التي يُنظر إليها على أنها طاغية».

غيرة كاجامي قد تكون السبب!

وأشار التقرير إلى ما صرَّحت به يولاند ماكولو، الناطقة باسم الحكومة الرواندية، في بيان لها أن الأدلة ضد روسيساباجينا «لا جدال فيها. وسيشعر شعب رواندا بمزيد من الأمان الآن بعد تحقيق العدالة».

وتختتم المراسلة تقريرها بما قالته كيتي كورت، المتحدثة باسم مؤسسة روسيساباجينا: إن «عائلة روسيساباجينا تشعر بالقلق حيال صحته؛ إذ احتُجز روسيساباجينا في الحبس الانفرادي لأكثر من 250 يومًا من دون إنارة، أو كتب للقراءة، ولا يزوره محاموه إلا قليلًا».

وأضافت كيتي أن روسيساباجينا، الناجي من مرض السرطان، تغيب عن ثلاث فحوصات للسرطان، ولم يتمكن من الحصول على دواء ضغط الدم المعتاد. كما أكدَّت أن «بول كاجامي كان يشعر بالغيرة من بول روسيساباجينا منذ عرض فيلم «فندق رواندا»؛ إذ يتخيل الرئيس كاجامي أن هناك مكان لشخص واحد اسمه بول في رواندا، وهو بول كاجامي، وليس بول روسيساباجينا».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي