لم تنجح خطته.. لماذا لا يعد بقاء جاستن ترودو في منصبه فوزًا كبيرًا؟

Justin Trudeau to Remain Prime Minister of Canada
2021-09-23

ألقت صحيفة «نيويورك تايمز» الضوء على الانتخابات التشريعية التي أجريت في كندا في 20 سبتمبر (أيلول)، والتي كان يهدف ترودو من ورائها إلى الحصول على أغلبية برلمانية، موضحةً أن خطة ترودو باءت بالفشل.

وفي البداية أفاد التقرير الذي أعدَّه إيان أوستن مراسل الصحيفة الأمريكية في كندا أن المذيعين الكنديين توقَّعوا أن يبقى ترودو في السلطة بعد انتخابات يوم الاثنين، وأن حزبه الليبرالي سيحتفظ بأقلية من المقاعد.

وفشلت المقامرة السياسية لرئيس الوزراء جاستن ترودو يوم الاثنين عندما أعاده الناخبون الكنديون إلى منصبه، لكنهم حرموه من كتلة السلطة الموسَّعة التي كان يسعى إليها في البرلمان. وأشارت نتائج الانتخابات غير الرسمية يوم الاثنين إلى أنه بينما سيظل رئيسًا للوزراء، سيكون زعيم حكومة أقلية مرةً أخرى.

وفي أغسطس (آب)، ومع ارتفاع معدلات شعبيته، دعا ترودو إلى «انتخابات مبكرة»، حيث دعا الناخبين إلى صناديق الاقتراع قبل عامين من موعدها. وقال: إن الهدف هو الحصول على تفويض قوي لحزبه الليبرالي لقيادة الأمة للخروج من الجائحة والتعافي. ويوضح الكاتب أن العديد من الكنديين اشتبهوا في أن طموحاته الحقيقية لا تعدو أن تكون انتهازية سياسية، وأنه كان يحاول استعادة الأغلبية البرلمانية التي كان الليبراليون يتمتعون بها إلى أن خسروا مقاعد في انتخابات 2019.

غير أن خطته باءت بالفشل.

ومع استمرار الإدلاء ببعض الأصوات أو عدم فرزها، كانت النتائج الأولية شبه تكرارية للتصويت السابق. وفاز الحزب الليبرالي بـ156 مقعدًا يوم الاثنين – أقل بمقعد واحد مما حصل عليه الحزب في عام 2019 – في حين حصل منافسه الرئيس – حزب المحافظين – على 121 مقعدًا، وهو عدد المقاعد نفسها التي فاز بها من قبل.

إعادة لانتخابات 2019

قال دوان برات، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ماونت رويال في كالجاري، ألبرتا: «إذا فاتتك انتخابات 2019، فلا داعي للقلق، لقد قمنا للتو بإعادة الانتخابات من أجلك».

وتركت النتيجة ترودو في وضع مألوف. وسيتعين عليه مرةً أخرى كسب أعضاء المعارضة إلى جانبه من أجل تمرير أي قوانين. كما أن قبضة حزبه المهتزَّة على السلطة تجعل حكومته عرضة للإطاحة بها من جانب البرلمان. وفي خطاب الفوز الذي ألقاه، أقر ترودو بعدم شعبية دعوته لإجراء انتخابات مبكرة.

وقال لحشد حزبي في فندق في وسط مدينة مونتريال «لا تريدونا أن نتحدث عن السياسة أو الانتخابات بعد الآن. تريدون منا أن نركز على العمل الذي يتعين علينا القيام به من أجلكم. أنتم تريدون العودة إلى الأشياء التي تحبوها، وألا تشعروا بالقلق بشأن هذه الجائحة، أو بشأن الانتخابات».

وفي الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة، جادل ترودو بأنه يحتاج، مثل أسلافه في أعقاب الحرب العالمية الثانية، إلى تفويض قوي من الناخبين لهزيمة فيروس كورونا وإعادة بناء الاقتصاد الوطني، الذي تضرر بشدة من الجائحة. لكن الإعلان لم يلقَ قبولًا جيدًا من جانب عديد من الكنديين.

استيلاء متهور على السلطة

ولفت التقرير إلى أن حدَّة التحذير من أن الحكومة أجرت انتخابات ولم تكن مضطرة لذلك، حتى عندما كان المتغير الفيروسي دلتا يمثل عبئًا على المستشفيات في بعض المناطق، لم تهدأ أبدًا لدى عديد من الناخبين خلال الحملة التي استمرت 36 يومًا. وسارع خصوم ترودو إلى وصف حركته بأنها استيلاء متهور على السلطة. وذهب إيرين أوتول، زعيم حزب المحافظين، إلى حد وصفها بأنها «غير كندية».

وفي النهاية فشل ترودو في الحصول على أغلبية برلمانية. قالت كيمبرلي سبيرز، أستاذة العلوم السياسية بجامعة فيكتوريا في كولومبيا البريطانية خلال الأسبوع الأخير من الحملة: «أتساءل هل دار في ذهن الليبراليين أن يقولوا: «اللعنة، لماذا وصفناها بأنها كذلك»؟

وقالت إنه من غير الواضح الآن إلى متى ستبقى أي حكومة أقلية ليبرالية قادرة على الصمود وماذا سيعني كل هذا لزعيم الحزب. وتساءلت سبيرز «إلى متى سيستمر ترودو»؟ وعندما ترشح ترودو لأول مرة للمنصب بصفته زعيم الليبراليين في عام 2015، بدأ حملته في المركز الثالث، خلف المحافظين الموجودين في السلطة والحزب الديمقراطي الجديد من يسار الوسط. وفاز عن طريق تقديم نفسه باعتباره صوتًا جديدًا في السياسة بمنهج مختلف وأفكار مختلفة.

وعرض ترودو (49 عامًا) على الناخبين تحذيرًا أكثر منه رؤية للمستقبل. وقال: إن العودة إلى حكومة المحافظين في ظل أوتول ستقضي على إنجازات حكومته في مجموعة متنوعة من المجالات، من بينها السيطرة على الأسلحة والمساواة بين الجنسين، وتغير المناخ، ورعاية الأطفال، والحد من الفقر، وقبل كل شيء مكافحة الجائحة وتطعيم الكنديين.

وقال في تجمع انتخابي الأسبوع الماضي: «السيد أوتول لن يتأكد من أن المسافر الجالس بجانبك وأطفالك في القطار أو الطائرة قد حصل على التطعيم. هذه هي لحظة القيادة الحقيقية. السيد أوتول لا يقود – إنه يضلل». وقال أوتول، الذي تولى رئاسة الحزب منذ أكثر من عام بقليل، في بداية الحملة: «أنا قائد جديد بأسلوب جديد. وهناك خمسة أحزاب، ولكننا أمام خيارين: المحافظين الكنديين، أو المزيد من الشيء نفسه».

ووضع أوتول، وهو ملاح مروحيات سابق بالقوات الجوية ومحامي شركات من أونتاريو، ويسعى إلى توسيع نطاق جاذبية المحافظين، برنامج حملة من 160 صفحة أدَّت بالأساس إلى أن يدير الحزب ظهره لعديد من المواقف التي كانت محورية في السابق، مثل معارضة ضرائب الكربون.

وبعد إدانة ترودو لتحقيق عجز كبير بسبب إنفاق الجائحة، أصدر أوتول خطة تتنبأ بحدوث عجز مماثل في الميزانية.

تراجع عن تعهدات انتخابية

حتى أنه تراجع بشأن تعهد أساسي في حملته الانتخابية – تعهد بإلغاء حظر ترودو على 1500 نموذج من البنادق الهجومية – عندما أصبح من الواضح أن التعهد أثار نفور الناخبين الذين لم يكونوا من أنصار حزب المحافظين الأساسيين.

ومع ذلك فقد تمسك أوتول بمعارضته للتطعيم الإلزامي وجوازات سفر التطعيم. كما هاجم أوتول مرارًا وتكرارًا النزاهة الشخصية لترودو. واستشهد بالعديد من نقاط الضعف في مسيرة رئيس الوزراء.

ترودو ينتهك قوانين الأخلاق

ألمح التقرير إلى أن مفوض الأخلاقيات الفيدرالي وجد أن ترودو انتهك قوانين الأخلاق عندما ضغط هو وطاقمه على وزيرة العدل – وهي امرأة من السكان الأصليين – في عام 2018 لكي تعرض صفقة على شركة هندسية كندية كبيرة تسمح لها بتجنب الإدانة الجنائية بتهم الفساد. وفي العام الماضي حصلت مؤسسة خيرية تربطها علاقات وثيقة بعائلة ترودو على عقد دون مناقصة لإدارة خطة مساعدة مالية خاصة بالجائحة للطلاب. وانسحبت الجماعة، وألغى البرنامج وجرت تبرئة ترودو من مزاعم تضارب المصالح.

وبينما يدافع ترودو عن التنوع والعدالة العِرقية، اتضح خلال تصويت 2019 أنه خضَّب وجهه باللون الأسود أو البني ثلاث مرات على الأقل في الماضي (كناية عن عنصريته). ورد ترودو على الانتقاد، قائلًا: إن استعداد أوتول للتخلي عن سياسات المحافظين، وتغيير برنامجه في منتصف حملته، يظهر أنه هو الذي سيقول للناخبين أي شيء، أو يَعِدهم بأي شيء.

بينما كان العديد من الناخبين يتزاحمون لالتقاط صور سيلفي مع ترودو في مواقع حملته، غالبًا ما تعرضت حملته للإزعاج على يد الغوغاء الذين احتجوا على اللقاحات الإلزامية وجوازات سفر اللقاحات. وأُلغِي حدث واحد بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، ورشق ترودو بالحصى في حدث آخر.

وكان لدى ترودو منافس سياسي قوي من اليسار على المستوى الوطني هو جاجميت سينغ من الحزب الديمقراطي الجديد. وكان سينغ، وهو محام ونائب سابق في مقاطعة أونتاريو، يتمتع دائمًا بأعلى درجات القبول بين جميع القادة قبل الحملة وأثنائها. ومن المرجح أن يعتمد ترودو على الديمقراطيين الجدد باعتبارهم مصدرًا أساسيًّا لدعمه في البرلمان. لكن على الرغم من حصولهم على ثلاثة مقاعد، فإن إجمالي الديموقراطيين الجدد – وهو 27 – ما زال بعيدًا عن تولي السلطة.

وفي خطاب الفوز الذي ألقاه، ردد ترودو ملاحظاته حول «الطرق المشمسة» لعام 2015، ولكن في سياق مختلف تمامًا. وقال وسط صيحات الابتهاج: «إنكم تعيدوننا إلى العمل بتفويض واضح لإخراج كندا من هذه الجائحة إلى أيام أكثر إشراقًا. وهذا بالضبط ما نحن على استعداد للقيام به يا أصدقائي».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي