"الإدارة الحالية لا تختلف عن سابقتها".. حلفاء أمريكا وخصومها يستشعرون تأثير ترامب في سياسة بايدن الخارجية

عربي بوست
2021-09-25

بايدن وترامب

واشنطن: خلال اجتماع الأمم المتحدة السنوي لزعماء العالم المستمر منذ أسبوع، تحّدث الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن بكل طموح عن التعاون الدولي والنهج الدبلوماسي الجديد لأمريكا ما بعد ترامب. لكن كافة جهودهم الدبلوماسية في الجمعية العامة العادية للأمم المتحدة تعقّدت وخفتت تحت ظلال إرث الرئيس دونالد ترامب، كما تقول صحيفة New York Times الأمريكية.

وقد فوّت العديد من الزعماء الأجانب اجتماع العام الجاري، وبينهم رؤساء روسيا والصين وإيران. وحال غيابهم دون إثارة جدل الجلسات السابقة حول ما إذا كان رئيس الولايات المتحدة سيعقد لقاءً مع أحد خصومه الأجانب أم لا. لكن بايدن لم يظهر سوى لفترةٍ وجيزة، قبل أن يُغادر بعد ساعاتٍ من خطابه يوم الثلاثاء 21 سبتمبر/أيلول.

غضب من الحلفاء والخصوم يلاحق بايدن

في الخطاب، استعرض بايدن أمريكا التي طوى انسحابها من أفغانستان صفحة 20 عاماً من الحرب عقب هجمات الـ11 من سبتمبر/أيلول. وقال إنّ الولايات المتحدة تدخل الآن حقبةً جديدة من الدبلوماسية التعاونية لحلّ التحديات العالمية التي تشمل تغيّر المناخ، وفيروس كورونا، وصعود أنظمة الحكمة الاستبدادية.

وكان خطابه بمثابة إهداءٍ للأممية، كما تناقض بشكلٍ صارخ مع أسلوب ترامب المتبجح وغير الدبلوماسي كما تقول "نيويورك تايمز". لكنه جاء في خضم شكاوى متزايدة من أنّ بعض سياسات بايدن المهمة تحمل في طياتها أصداء نهج ترامب.

إذ قال المسؤولون الفرنسيون إنّ صفقة الغواصات الأمريكية مع أستراليا أخذتهم على حين غرة، وهي الشكوى التي لم يمتلك مسؤولو بايدن رداً سهلاً عليها.

حيث صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان لإذاعةٍ فرنسية: "يُذكّرني هذا القرار الهمجي والأحادي وغير المتوقع بما كان يفعله ترامب. أشعر بالغضب والمرارة. هذا لا يجب أن يحدث بين الحلفاء"، حسب تعبيره.

وربما هدأت وطأة الأمور بعض الشيء يوم الخميس 23 سبتمبر/أيلول، بعد مكالمةٍ هاتفية أجراها بايدن مع ماكرون، وعقب اجتماع بلينكن مع لودريان. لكن تصريح الدبلوماسي الفرنسي يُشير إلى أنّ المسألة لن تُنسى، حيث قال: "إنّ الخروج من الأزمة التي نُعانيها الآن سيستغرق وقتاً وسيتطلب تحركاً".

وربما كان بالإمكان تجاهل الأزمة مع باريس واعتبارها حالةً فردية منعزلة، لولا أصداء شكاوى بعض حلفاء الناتو من انسحاب بايدن من أفغانستان، الذي حدث دون التشاور معهم أو تنبيههم بالجدول الزمني لواشنطن. وقد ساءت سمعة ترامب بسبب شهرته لأنّه كان يُفاجئ الحلفاء القدامى بتحركات متهورة وأحادية الجانب.

"بايدن ليس ترامب"

لكن بلينكن احتجّ قائلاً إنه التقى مسؤولين من الناتو في الربيع لمعرفة آرائهم بشأن أفغانستان، لكن مسؤولي ألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول قالوا إنّ مشورتهم بوضع خطة انسحابٍ أبطأ قد قُوبل بالرفض.

ويقول حلفاء بايدن إنّ مقارنته بترامب مبالغة. لكن بعضهم أقر بمشروعية المخاوف العالمية من احتمالية أن يخلف ترامب، أو شخصٌ يُشبهه، إدارة بايدن ويُغيّر كل القرارات المتخذة.

إذ قالت لورين دي يونغ شولمان، التي عملت في البنتاغون خلال فترة إدارة أوباما: "من السخيف للغاية أن يرى الحلفاء، أو الشركاء، أو أي شخص شيئاً من الاستمرارية بين ترامب وبايدن في ما يتعلّق بنظرتهما للحلفاء، أو تفاوضهما على المستوى الدولي، أو نهجهما للأمن القومي".

لكن لورين أضافت أنّ الدول الأخرى لها الحق في التساؤل حول الكيفية التي ستُمكّن إدارة بايدن -تحت ظلال عصر ترامب- من تقديم أي التزامات دولية مستدامة، مثل اتفاقٍ نووي محتمل مع طهران أو توفير دعمٍ أكبر للتحالفات الأجنبية. حيث أوضحت لورين: "ليست هذه مشكلة يمكن حلها بجملة (ثقوا بنا)".

"الإدارة الأمريكية الحالية لا تختلف عن سابقتها"

ولم تقتصر فكرة القواسم المشتركة بين بادين وترامب على الحلفاء الغاضبين، بل وجد فيها الخصوم أيضاً أداةً مفيدة للضغط ضد بايدن. حيث قالت صحيفة The Global Times الصينية، الموالية للحزب الشيوعي، إنّ سياسات بايدن المتعلقة بالصين "مطابقةٌ تقريباً" لسياسات ترامب.

وتشمل تلك السياسات إبقاء بايدن على التعريفات التجارية المفروضة في عهد ترامب، والتي أدانها الديمقراطيون بشدة قبل تولي بايدن المنصب، لكن مسؤوليه سرعان ما رأوا فيها وسيلة ضغط مهمة في تعاملاتهم مع الصين.

وعلى نحوٍ مماثل، اشتكى المسؤولون الإيرانيون بمرارة من أن بايدن لم يرفع أياً من العقوبات الاقتصادية العديدة التي فرضها ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي. إذ حثّه بعض الحلفاء الأوروبيين في مطلع رئاسته على رفع بعض تلك القيود من أجل تسريع المحادثات النووية، لكن مسؤولي بايدن رفضوا فعل ذلك.

وفي الشهر الماضي قال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إنّ "الإدارة الأمريكية الحالية لا تختلف عن سابقتها؛ لأنّ ما تطلبه من إيران في القضية النووية ربما يختلف في صياغته لكنه متطابقٌ تماماً مع ما طالب به ترامب"، بحسب ما نقله موقع المرشد الأعلى الرسمي على لسانه.

والآن وبعد توقف المحادثات لأشهر، وبعد انتخاب حكومةٍ متشددة جديدة في طهران؛ يُحذر مسؤولو بايدن إيران من أن وقت العودة الثنائية إلى الاتفاق النووي قد شارف على النفاد.

"لا اعتراف بالأخطاء"

وقد تعرّض ترامب لانتقادات لا تُحصى من جانب أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي المخضرمين في السياسة الخارجية. لكن منتقدي إدارة فريق بايدن في ازديادٍ أيضاً، خاصة عقب هجمة الطائرة المسيّرة الخاطئة للجيش الأمريكي في كابول الشهر الماضي، والتي أودت بحياة 10 مدنيين بينهم سبعة أطفال وعامل إغاثة.

ويقول بعض مسؤولي بايدن، دون الاعتراف بأي أخطاء، إن العمل الدبلوماسي كان صعباً على نحوٍ خاص نظراً لتقاعد الكثير من مسؤولي وزارة الخارجية المخضرمين في عهد إدارة ترامب. كما أنّ السيناتور الجمهوري تيد كروز رفض العشرات من مرشحي بايدن لكبرى مناصب وزارة الخارجية والسفارات.

كما يُواجه بايدن مقارنات مع ترامب على أصعدةٍ أخرى تشمل الهجرة. حيث قالت ناشطة الحقوق المدنية اللاتينية ماريسا فرانكو لصحيفة New York Times الأمريكية الأسبوع الجاري: "إنّ السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: إلى أي مدى تختلف عن ترامب في الواقع؟".

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي