الملف النووي الإيراني.. هل تقبل إسرائيل بالموقف الأمريكي؟

الاناضول
2021-09-29

عبد الرؤوف أرناؤوط: يعارض المستوى السياسي في إسرائيل عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى المفاوضات مع إيران، حول برنامجها النووي، غير أن الحكومة الحالية خلافا لسابقتها تفضل إبداء مواقفها دون ضجيج.

بالمقابل، فإن المستوى العسكري الإسرائيلي، لا يرى غضاضة في الحل السياسي، طالما أنه يضمن وقف المشروعين النووي والصاروخي الإيراني، مع وقف نشاط طهران في المنطقة.

ويقول مراقبون إسرائيليون إن حاجة الحكومة الحالية للإدارة الأمريكية التي بدورها تفضلها على حكومة برئاسة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، تجعلهما تفضلان التفاهم، بدلا عن المواجهة.

وهذا ما عكس نفسه في اللقاء الأول ما بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت والرئيس الأمريكي جو بايدن، بالبيت الأبيض الشهر الماضي.

ولكن، في حين أن بينيت تجنب أي إشارة للقبول بعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق مع إيران، فإن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، اعتبر أن بإمكان إسرائيل التعايش مع مثل هكذا اتفاق ولكن بشروط.

ففي إشارة إلى جهود الرئيس بايدن، قال غانتس لمجلة "فورين بوليسي"، منتصف الشهر الجاري: "النهج الأمريكي الحالي، متمثل في إعادة البرنامج النووي الإيراني إلى صندوق، سأقبل بذلك".

ولكنه استدرك بأنه يريد أن يكون لدى الولايات المتحدة "خطة ب" تتضمن عقوبات اقتصادية، وبالمقابل أشار إلى "الخطة ج" الخاصة بإسرائيل التي تتضمن التحرك عسكريا لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.

وشرح غانتس للمجلة ما قال إنها "خطة ب" القابلة للتطبيق: "ضغوط سياسية واقتصادية ودبلوماسية كاملة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين"، وفق تعبيره.

لكنه أوضح أن الجيش الإسرائيلي يعد وسائل عسكرية لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، إذا وصلت إلى ذلك الحد.

ولم يعقب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت على هذه التصريحات بشكل علني، لكن اليمين الإسرائيلي رأى في تصريحات غانتس استسلاما لإيران.

وكتب المحلل أمنون لورد، في صحيفة "إسرائيل اليوم" (المؤيدة لزعيم المعارضة نتنياهو): "تصريح غانتس بأن إسرائيل يمكن أن تتعايش مع اتفاق نووي جديد، يشير أن الحكومة تنازلت عن سياسة مستقلة على الجبهة النووية الإيرانية".

وأضاف: "هذه تصريحات بائسة، لا سيما في ظل المحادثات مع إيران بشأن مراقبين دوليين لمنشآتها النووية. بشكل عام، وافق الإيرانيون على السماح بتركيب كاميرات في مواقعهم النووية، لكنهم لن يمنحوا الشاشات بطاقات الذاكرة لمشاهدة ما تم تسجيله".

وتابع: "يقوم غانتس وبينيت بشكل أساسي بإبلاغ الأمريكيين والعالم بأسره بأن إسرائيل تعود إلى موقف الاعتماد على الولايات المتحدة، حتى بعد الفشل الذريع في أفغانستان وبعد أن أوضح الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه ليس على استعداد للقيام بأي عمل ضد إيران".

ويرى محمد مجادلة، الخبير في الشؤون الإسرائيلية والمحلل في القناة الإسرائيلية "12" (خاصة)، أن غانتس، إنما عبر بتصريحه عن مواقف الجيش الإسرائيلي.

وقال مجادلة للأناضول: "المستوى الأمني والسياسي في إسرائيل كان وما زال يؤيد أن يكون هناك اتفاقا بين إيران والسداسية الدولية، ولكن أن يكون اتفاقا جيدا وهذا يعني أن يتضمن كل ما يتعلق بالرؤوس الصاروخية وتطوير الصواريخ الباليستية ومنع تخصيب اليورانيوم وهو ما يعتقدون أنه يضمن عدم وصول إيران الى القنبلة النووية".

وأضاف: "وبالتالي، فعليا فإن تصريحات غانتس تأتي من هذا المنطلق، بمعنى أن هذا هو الأقرب للمستوى العسكري والأمني، وليس المستوى السياسي الذي من غير الممكن أن يدلي بمثل هذه التصريحات بشكل علني، لأنه سيتعرض لانتقادات من قبل نتنياهو واليمين الذي يعتبر أن الاتفاق الدولي مع إيران خطأ استراتيجي سيضر بإسرائيل".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو قد وجّه انتقادات إلى بينيت، حول تعامله مع الملف الإيراني.

وكتب في تغريدة على تويتر، الخميس: "هوس بينيت بالتمييز بين نفسه وبيني بأي شكل من الأشكال، يُكلف دولة إسرائيل غالياً في الصراع ضد كورونا، والنضال ضد النووي الإيراني، والنضال السياسي ضد الفلسطينيين".

وأضاف: "بدلاً من الهجوم السخيف على خطابات نتنياهو العديدة الناجحة، في الأمم المتحدة، يجب على بينيت قراءة هذه الخطابات بعناية وتعلم كيفية جذب انتباه العالم وتعبئته لصالح دولة إسرائيل".

وكان بينيت صرّح في اجتماع للحكومة يوم 12 سبتمبر/أيلول الجاري: "يشهد البرنامج النووي الإيراني أكثر مراحله تقدمًا وهذه هي الورثة التي تركتها الحكومة السابقة لهذه الحكومة، لكن هذه هي ولايتنا الآن فنحن ملتزمون وسنتعامل مع هذا البرنامج".

ويرى مجادلة أن نتنياهو يتجنب توجيه انتقادات حادة إلى غانتس، لأنه يرى فيه حليف مستقبلي محتمل.

وقال: "لدى غانتس سهولة أكبر للإدلاء بمثل هذه التصريحات لأنه يعرف أن نتنياهو بحاجته في حال تشكيله حكومة مستقبلا، ولن يبالغ في انتقاده كما أن غانتس وزير الأمن، وعادة ما تكون تصريحات وزير الأمن أقرب الى المستوى العسكري منها إلى المستوى السياسي".

وأضاف: "لا أرى أن تصريحات غانتس تمثل المستوى السياسي، ففي داخل الحكومة هناك خلافات حول الموضوع، فالجناح الذي يؤيد اتفاق مع إيران هو جناح وزراء الخارجية يائير لابيد، والدفاع غانتس، والصحة نيسان هوروفيتش، والنقل ميراف ميخائيلي، بمعنى تيار المركز".

وتابع مجادلة: "في المقابل هناك الجناح الذي يرفض أي اتفاق مع إيران يضم رئيس الوزراء نفتالي بينيت ووزيري العدل جدعون ساعر، والمالية أفيغدور ليبرمان".

ومع ذلك، فقد أشار إلى أن "هناك اتفاق بين بينيت وبايدن، يقضي بأن تقول إسرائيل موقفها بشأن الاتفاق مع إيران في الغرف المغلقة وليس في وسائل الإعلام".

وأضاف: "هذا يعني ألا تقوم الحكومة الحالية بما قام به نتنياهو الذين شن حملة عالمية وداخل الولايات المتحدة ضد الاتفاق مع إيران عام 2015، لأن ذلك يزعزع العلاقة بين الديمقراطيين والجمهوريين وبين الديمقراطيين أنفسهم".

وأضاف مجادلة: "الولايات المتحدة وعدت إسرائيل بأنها ستصغي جيدا لمواقفها بشأن الاتفاق النووي، ولكن في الغرف المغلقة، وقد أوضح بايدن لبينيت إنه يسعى لاتفاق مع إيران، والقضية ليست إذا ما سيكون هناك اتفاق أم لا وإنما كيف سيبرم هذا الاتفاق، وما هي شروطه، والي أي مدى سيقيد ايران، ليس فقط بالموضوع النووي وإنما أيضا ما يتعلق بالصواريخ الباليستية وأنشطة إيران في الشرق الأوسط".

وفي هذا الصدد، يقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هارئيل: "تثير السياسة الأميركية الإحباط، لكن الجانب الإسرائيلي يُسلّم بها بالتدريج".

وأضاف هارئيل في مقال نشره بالصحيفة: "طُرحت التحفظات الإسرائيلية خلال اجتماع الرئيس بايدن برئيس الحكومة، نفتالي بينت، الشهر الماضي، في واشنطن، وفي سلسلة لقاءات على مستويات مهنية".

وتابع: "في جزء من المحادثات، اقترح الإسرائيليون على الأميركيين تشديد لهجتهم وتوجيه تهديد عسكري حقيقي إلى إيران إذا استمرت في الدفع قدماً بمشروعها النووي، لكن الإدارة الأميركية، ورغم صداقاتها الحميمة مع إسرائيل والعلاقات الجيدة بين مسؤوليها، إلاّ إنها ليست متحمسة لذلك".

وكشف أن المستوى العسكري الإسرائيلي والمعارضة الأمريكية، منعت هجوما عسكريا على المنشآت النووية في إيران في الفترة بين 2009 و2012.

واستدرك: "على الرغم من تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين، فإن خياراً عسكرياً مستقلاً ضد إيران ليس مطروحاً فعلاً، الآن".

 

المصدر: الاناضول







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي