الملك الشاعر، الملك الضلّيل

2021-10-15

علي عمر الرميص/ ليبيا

عاشور الطويبي*

 

أنا الملك الضلّيل

غمستُ يدي في الطين

قبضتُ قبضةً منه، ضممتها إلى صدري

نفختُ فيهه

وصنعتُ منها بُدًّا ووثنًا

 

 

 

أخذتُ فأسًا

قطعتُ به صخرة

صنعتُ منها ما يشبه الطير

ما يشبهني 

فتحت له صدري سماءً يصّعد فيها

ونحتّ له من الجبل غابة يسكن فيها

لكنّه رمى وجهي وراءه

وحلّق ناحية الغرب حتى اختفى

 

 

ليلي صار قصيرًا كسبّابة رضيع

أين إذن أضع حلمي؟

 

 

نهاري؟

لا نهارَ لي

منذ أن خوّضت في البحار

منذ أن صرتُ سارق نار

في المدائن والفيافي

 

 

بيتي حيث تتقافز السحالي

عتباتي حدائق غنّاء

ضعوا نذوركم فيها

تمطر عليكم السماء مدرارا

 

 

هل رأيتم رجلًا بحديدةٍ في يده

تقول ما لا يقوله إنسيّ ولا جان؟

 

 

أتيتكم بالألوان كلّها

بعضها مولود في الماء

بعضها في النار

بعضها يتشقّق كما يتشقّق الطين

بعضها قُدّ من صخر

بعضها غناءٌ شجيّ في قلوب الأشجار

 

 

أتيتكم بألواح

فيها مواقيت زرعكم

وحُوْت بحركم

فيها:

كيف تفرّق الطيور بين الفصول

كيف ترحل القبائل وراء خيط رقيق

كشعرة في ظهر يعسوب 

 

 

جمعتُ السوس من فولكم وشعيركم وقمحكم 

طويتُ لكم الفيافي على ظهر ناقة

كيف إذن ترحلون إلى أرض

ليس فيها غير السدر؟

 

 

أخذتكم إلى أوّل الأمر

إلى بدء البدء، إلى نقطة:

قلبها في حلق طائر،

في عين صقر

في جديلة صبيّة

في زفرة شمس موجوعة،

في يدٍ ممدودة أبدًا إلى قمرٍ وضّاء

 

 

أخذتكم إلى جرفٍ حافّته:

رجفة نشّاب وشهوة تيس

 

أخذتكم إلى ضفّتي نهرٍ:

هذا قال

وهذا يقول

هذا يُذبح

وهذا يَذبح

أيّ عينٍ أبصرُ بها الفجيعة؟

 

 

خَوفَ عينٍ تبصركم

فقأتم عين فحلكم

مَن يأخذ نياقه لترتع سهلاً مجدبًا

ورملًا يتلظّى؟

 

 

أنا الملك الضلّيل

قلبي طيارة ورقيّة

وهذا جناحي المكسور.

 

  • شاعر من ليبيا

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي