في محيط جبهة دونيتسك يسود الاستياء إزاء كييف ويراود السكان حلم "البيت" الروسي

ا ف ب - الأمة برس
2022-01-20

إحدى سكان دونيتسك تمر أمام منزل مدمر في 18 كانون الثاني/يناير 2022(ا ف ب)

ما أن بدأت الكلام حتى انهمرت الدموع على وجنتي انتونينا زايتسيفا المتقاعدة المقيمة قرب خط الجبهة في منطقة انفصالية مؤيدة للروس في دونيتسك في شرق أوكرانيا، وهي تتساءل "كيف وصل بنا الأمر إلى التقاتل؟".

في الحي الذي تقطنه زايتسيفا، يحاول السكان القلائل الذي لم يفروا إعادة  بناء حياتهم بعدما خلفت عمليات القصف خرابا في منطقتهم. وفي حين يعتبر كثر أن روسيا هي المنقذ في مواجهة القوات الأوكرانية، تبدي قلة قليلة منهم ارتياحها لتعزيز الانتشار العسكري مؤخرا على خلفية الأزمة بين روسيا والغرب حول أوكرانيا.

ويطلق البعض على ما يجري في المنطقة تسمية "الصحوة الصباحية" فيما يصفه آخرون بأنه "احتفالات" تجرى بشكل شبه يومي  فجرا أو عند الغسق يسمع خلالها دوي نيران المدفعية والرشاشات.

وتقع الجبهة على مسافة أقل من كيلومترين. وبين عامي 2014 و2015 قُصف الحي الواقع في أقصى غرب مدينة دونيتسك عاصمة "الجمهورية الشعبية" الانفصالية، نظرا لقربها من المطار، في منطقة شهدت معركة شرسة بين القوات الأوكرانية وتلك الموالية لروسيا.

ومنذ التوصل لاتفاقات مينسك للسلام في العام 2015، استقرت الأوضاع عند خط الجبهة وتراجعت حدة المعارك فيها.

ولكن المفاوضات الجارية بين روسيا وكييف المدعومة من الغرب، والرامية إلى إيجاد حل سياسي للنزاع الذي أوقع أكثر من 13 ألف قتيل، تراوح مكانها.

وعلى الرغم من نفيها المتكرر لا يزال يُنظر إلى موسكو على أنها راعية الانفصاليين.

والأربعاء بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من كييف جولة أوروبية مخصصة للأزمة الأوكرانية، ويعقد الخميس في برلين اجتماعا مع وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

ويختتم بلينكن جولته الجمعة بلقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف.

- "كيف نسامح؟" -

تواجه المنطقة بشكل دائم خطر تجدد المعارك، وقد ارتفع منسوب التوتر في الأسابيع الأخيرة مع نشر روسيا عشرات الآلاف من جنودها عند الحدود الأوكرانية.

وتقول زايتسيفا الرسامة المتقاعدة البالغة 72 عاما "نعيش في خوف من تجدد الحرب".

وفي الحي الذي تقطنه تحمل غالبية المنازل آثار القصف.

وزايتسيفا لم تغادر الحي حتى خلال أشد المعارك وهي كانت تحتمي في قبو، وتقول إن "شيشانيين وقوزاق ومتطوعين روسا" ممن يدعمون الانفصاليين تمركزوا في المنطقة.

وهي تقول إن بقاءها على قيد الحياة هو "معجزة" لا سيما أن عشرات من سكان الحي قتلوا.

وعلى مقربة من السوق المحلية الصغيرة، أقيم نصب تذكاري تخليدا لذكراهم. وبالقرب من أسماء القتلى الأطفال وضعت دمى دببة بهتت ألوانها وأصبحت مغطاة بالثلوج.

والنصب أقيم "من أجل المدنيين الذين سقطوا ضحايا المجلس العسكري في كييف" وهي عبارة غالبا ما تستخدم للإشارة إلى السلطات الأوكرانية.

وتقول زايتسيفا إنها "بالتأكيد" مؤيدة للاتحاد بين منطقة دونيتسك الانفصالية وروسيا، لأن السلطة الأوكرانية قصفت شعبها "كيف نسامح؟".

اعتبارا من العام 2017 عادت التغذية بالغاز والتيار الكهربائي إلى الحي. ويوفر الصليب الأحمر مواد لإعادة البناء ويوزّع مواد غذائية كل أربعة أشهر.

ويتلقى عدد من السكان رواتبهم التقاعدية من السلطات المحلية، بناء على قرار اتّخذته موسكو.

- "البيت" الروسي -

وتقول ألكسندرا لوزوفسكايا (69 عاما) التي قتل زوجها في العام 2015 لدى توجّهه لشراء الخبز إن "روسيا تسدد رواتبنا التقاعدية وتدفع ثمن المياه والكهرباء والحرية".

ويقول جارها سيرغي البالغ 47 عاما "سنتّحد مع روسيا في نهاية المطاف، يجب العودة إلى البيت"، مشددا على فوضى العيش في أوكرانيا.

وبالنسبة لأبناء هذه المنطقة الصناعية الناطقة بالروسية والموالية لموسكو، روسيا هي الوطن الأم، على الرغم من مرور 30 عاما على استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي.

ووزعت موسكو جوازات سفر على مئات الآلاف من سكان المنطقة.

لكن بعض السكان أكثر تحفظا خاصة وأن لديهم أقارب في الجانب المقابل من الجبهة، وزيارتهم في فترة الجائحة والنزاع تتطلب بذل جهود إدارية وصحية كبرى. وحتى الذهاب إلى روسيا أمر معقّد.

وتقول إيلينا (49 عاما) إن المنطقة "أشبه بجزيرة، لا أحد يريدنا لا في روسيا ولا في أوكرانيا، إنه طريق مسدود"، وتجهش فجأة بالبكاء، فابنها يعيش في الجانب الأوكراني.

وتتساءل "أين ذهبت أموال المساعدات الإنسانية الروسية؟ إنه سؤال جيّد".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي