معرض «همس الحديد» للمصرية أمنية هلال: شخوص وكائنات تحاول النجاة بوحدتها

2022-01-24

القاهرة - محمد عبدالرحيم -  يعد التشكيل من خلال خامة الحديد (الخُرْدَة) من أصعب أشكال الفن، بداية من الخيال الفني الذي يصوغ الشكل، وحتى تنفيذه من خلال خامة قاسية بطبعها. وهناك العديد من الفنانين الذين اتخذوا من الحديد خامتهم المفضلة في صياغة أعمالهم، رغم تباين تجاربهم التقنية والجمالية. ويأتي معرض «همس الحديد» للفنانة أمنية هلال، الذي أقيم في القاعة المستديرة، في نقابة الفنانين التشكيليين في القاهرة، مؤكداً على الخيال والموهبة، دون تقليد أو افتعال، فهي لم تدرس أكاديمياً، وبذلك تخلصت بالمصادفة السعيدة من مشكلات ومعوقات الدراسة الأكاديمية، بداية من الرؤية المُقيّدَة وحتى الأسلوب المفروض، الذي يمارسه أساتذة الفن داخل هذه الكليات والمعاهد، فقط.. خيال وموهبة وقطع متناثرة من الحديد.

لقطات حيّة

تعتمد هلال على ذاكرتها البصرية لعدة مشاهد تتفاعل من خلالها الشخوص والكائنات.. رجل يقود عربة كارّو، راقصة بالية، عازف تشيللو، رجل وحيد يجلس القرفصاء، وآخر يجتلس كرسي حديقة عامة بمفرده. أغلبها لقطات معهودة ومعروفة تماماً للمتلقي، فما الجديد؟ المخاطرة هنا أنها لم تجسد أشكالاً بعيدة عن عين ووعي المتلقي، أو غرائبية تختلق حالة من الإبهار المؤقت ـ كحال العديد من فناني زبائن الميديا المختلفة ـ لكن الأصعب أن تتماهى وحالة هؤلاء الشخوص، وأن تستشعر ما يعيشونه أو يفكرون به، وهو الأكثر فناً وجمالاً.

 

الوحدة والإيقاع

معظم الشخوص وحتى الكائنات ـ القط على سبيل المثال ـ تجدهم في لحظة صمت وتفكير، رغم ما يبدو من حركة كفعل اعتيادي يقومون به، كالمرأة التي تسير حاملة شيئاً فوق رأسها، وحتى راقصة البالية وهو بالطبع تمثال حركي، إلا أنها تبدو غارقة في التركيز. ومن حالة الوحدة هذه ـ الأعمال كلها شخوص مفردة ــ يتولد الإيقاع والإحساس بالحركة. هذا من ناحية، ومن جهة أخرى فالعمل يقوم على الاختزال، ليس اختزالاً مُبهماً ومتفلسفاً أجوف كما في أعمال مُدعي الفن، لكنه اختزال تستكمله مخيلة المتلقي لرسم عالم هذه الشخصية أو تلك، لك أن تستكمل المشهد وتتخيل الشارع الذي تسير فيه الشخصية، أو المكان الذي يحيط الشخص الغارق في نفسه، لك أن تستمع إلى أصوات الضوضاء المحيطة بالمشهد، بخلاف المشاهد الموسيقية بطبعها، كالعازف وراقصة البالية.
كذلك يتم التعبير عن حالة الشخوص من خلال التقنية نفسها، فهناك أعمال تأتي من خلال الحديد المُفرّغ، هناك أعمال تقترب من أسلوب السلويت، بخلاف كتلة الحديد التي يتكون منها الجسد كالمرأة والرجل الجالس متقوقعاً على نفسه، أو الجالس هو والأريكة جسداً واحداً، وهو تباين لافت يوضح حالات هؤلاء وأحاسيسهم المختلفة.
حالة الوحدة هي المسيطرة على الأعمال كافة، ولن ندّعي أنها وحدة اختيارية أو رومانتيكية، بقدر كونها وحدة مفروضة وانشغال البال بمشكلات وأزمات شخصية، كالكثيرين الذين نطالعهم في الطرقات، أو الذين يُطالعوننا بدورهم ونحن على هذه الحالة نفسها.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي