
يلعب البعض من أجل المتعة ويخسر والابتسامة تعلو محياه، بينما يسعى آخرون إلى تحقيق النصر بأي ثمن.. ولكن ما الذي يدور في رؤوسهم؟
في تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" (lefigaro) الفرنسية، تقول الكاتبة أورور إيميلي إن بعض الأشخاص يحاولون عند الخسارة إخفاء انزعاجهم، بينما قد يعمد البعض الآخر إلى السخرية من الفائزين أو قواعد اللعبة، وقد يعزون فشلهم إما إلى الظروف أو سوء الحظ، أو يلتزمون الصمت.
طعم الهزيمة
ووفقًا لأخصائية علم النفس الإكلينيكي ألين ناتيفيل فإنه "للجميع نفس الهدف، وهو الحفاظ على صورة إيجابية عن أنفسهم عندما يذوقون طعم الهزيمة. لذلك، لا يعترف اللاعب السيئ بالهزيمة وإنما يقوم برد فعل".
ومهما كان سن الشخص، سواء 7 سنوات أو حتى 77 عاما، تدور في ذهن الخاسر الدراما نفسها. ولاحظ فريق من جامعة روتردام أن النشاط الدماغي للشخص الخاسر في مواجهة الفائز يشبه نشاط دماغ شخص يعاني من ألم جسدي. وشعور الخسارة يشبه إلى حد ما ضرب رأسك بالحائط، لذلك ينبّه الدماغ الجسم على الفور بأنه يجب تجنب هذا الوضع بأي ثمن.
درس كل من دانيال كانمان وآموس تفيرسكي، مؤسسي علم الاقتصاد السلوكي، مفهوم "النفور من الخسارة"، وهو شعور شائع بين جميع البشر يُعتقد أنه من عوامل البقاء. فالخسارة تجعلنا نغيّر وجهات نظرنا وسلوكياتنا وتدفعنا إلى بذل مجهود أكبر لتجنب الخسائر، أكثر مما نفعله لتعظيم المكاسب.
الربح والخسارة
هذا الأمر مفهوم من وجهة نظر اقتصادية، لكن ليس له ما يبرره عندما يكون الفوز والخسارة في إطار الترفيه. نحن لا نتعامل مع مفهوم الخسارة بنفس الطريقة -حسب ألين ناتيفيل- بالنسبة للبعض، إذ تعتبر الألعاب فرصة للاسترخاء والترفيه عن النفس والتواصل مع الآخرين، أي لحظة متعة أكثر من كونها تحديًا أو منافسة.
في المقابل، يعتبر البعض الآخر أي لعبة رهانا وفرصةً لإثبات قدراتهم ومعارفهم وحظوظهم ووسيلة لتأكيد مكانتهم. مجازيًا، يصبح اللعب مسألة حياة أو موت.
وأوردت الكاتبة أن خيبة الأمل التي يشعر بها المرء عند الخسارة تعتمد على ما يراهن عليه. وتكون خيبة الأمل أقل وطأة عندما يكون اللعب مع فريق لأنه يتم تقاسم المسؤولية عند الفشل. ويكون من السهل عليك تقبل الخسارة عندما تكون مع الأسرة أكثر مما هو الحال في المكتب، وأمام شخص تحبه بدلا من عدوك اللدود.
وأشارت إلى أن اللاعبين السيئين غالبا ما يكونون ضحايا مزاجهم. وتوضح ناتيفيل أنه "من الطبيعي أن نتمتع بروح تنافسية، ولكن قد نواجه مشكلة في توجيه مشاعرنا وقمع الاندفاعات، وقد نعاني مما يسمى بالنرجسية الهشة، حيث إن الاعتراف والشعور بالقيمة يعتمد على نظرة الآخر".
وأشارت الكاتبة إلى أن الحفاظ على البسمة عند الخسارة مسألة تعلم. وتؤكد ناتيفيل أن "الأشخاص الذين لم يواجهوا إخفاقات كثيرة في حياتهم، ولا سيما في مرحلة الطفولة، أو الذين لم يتلقوا مساعدة خلال التجارب الفاشلة التي كانت صعبة لكنها أسهمت في صقل شخصياتهم، يستمرون في عيش حياتهم في سن الرشد كما لو كانت هذه التجارب تمثل خطرًا بالنسبة لهم".
العجز والإحباط
إن رد فعل اللاعبين السيئين تجاه الهزيمة مرتبط بما خاضوه من تجارب اللعب في مرحلة الطفولة. فعلى سبيل المثال، قد يستحضر الشخص عند ممارسة لعبة الداما أو البوكر الشعور بالإحباط الذي عاشه منذ زمن.
وفقا للخبيرة النفسية "قد لا يحصل هذا النوع من الأشخاص على ما يريدون، لكن يمكنهم إرضاء رغباتهم من خلال تفعيل نظام المكافآت. وعند مواجهة الخسارة، يصطدمون مرة أخرى بالواقع الذي لا يطاق. حينئذ، ينشأ لديهم شعور مؤلم بفقدان السيطرة وبالعجز الذي يشعر به الطفل أحيانا في عالم البالغين".
ماذا تفعل عندما تخسر؟
ماذا تفعل عندما تخسر؟ بحسب الخبيرة "من المهم الترحيب بمشاعر الطفل ومساعدته على تجاوز ما يعتبره محنة. أما إذا كان الشخص بالغًا وبدت عليه علامات الانزعاج من الخسارة، فإن الملاحظات التي ينبغي أن نسوقها له لا ينبغي أن تكون في شكل عتاب".
في دراسة استقصائية شملت حوالي ألفي أميركي نشرتها صحيفة "ذا صن"، "اعترف نحو 20% باستبعاد صديق أو أحد أفراد الأسرة بسبب سلوكه التنافسي أو العدائي".
وعلى قائمة أكثر الألعاب التي غالبا ما تسبب مشاكل في صلب المجموعة، تحتل لعبة المونوبولي أو بنك الحظ (Monopoly) الصدارة، تليها لعبة الورق "أونو" (UNO)، ثم لعبة "سوري" (Sorry) وهي تُلعب بالبيادق الصغيرة والبطاقات بدلًا من النرد.