أمام سياسة "البناء والهدم".. هآرتس: هكذا أمست الضفة الغربية في قبضة "دولة المستوطنين"

2022-06-24

بشكل عام، حكومة بينت- لبيد أيدت سياسة تسامح أقل نسبياً بالنسبة لإقامة البؤر. والعديد من بؤر شبيبة التلال تم إخلاؤها بوتيرة أكثر مما في الماضي على يد الإدارة المدنية (ا ف ب) 

في واقع آخر، كانت “هار براخا” ستعدّ ضاحية لمدينة نابلس، كما يبدو باسم آخر، المستوطنة، التي فيها حوالي 3000 مستوطن، هي ملاصقة للمدينة الفلسطينية الثانية في حجمها – ومنعزلة نسبياً. عندما تتحدث إسرائيل عن “كتل استيطانية” فإن القصد ليس للمدينة. وفي السنة الماضية، في ظل حكومة بينت – لبيد، قامت هذه المستوطنة بعدة خطوات لغرس عدة أوتاد على الأرض. وعلى الرغم من “ميرتس” و”العمل” و”راعم”، صودق على قرار لبناء حي جديد فيها يضم نحو 300 وحدة سكنية.

هذا فقط مثال واحد. فعلياً، في السنة الأولى والأخيرة لها، دفعت الحكومة قدماً بآلاف الوحدات السكنية ما وراء الخط الأخضر، وتحديداً خارج الكتل الاستيطانية في عمق الضفة. حتى الخطة محل الخلاف E1 في منطقة مستوطنة “معلي أدوميم” خرجت مؤخراً من التجميد، إضافة إلى ذلك، حولت للمرة الأولى أموال لمجالس المستوطنات من لتعمل ضد البناء الفلسطيني. وإذا حاولت أحزاب اليسار في الائتلاف المنحل إخفاء هذه التفاصيل في الشهور القادمة، فلن يذكر الشركاء من اليمين أي توجهات من السنة الأخيرة، مثل تسريع إنفاذ القانون ضد بؤر “شبيبة التلال” وحقيقة أن معظم الوعود – مثل اتفاق “أفيتار” وأمر تزويد الكهرباء للبؤر الاستيطانية – هي بعيدة عن التنفيذ.

 تخطيط بناء في المستوطنات

إذا كانت القصة تتلخص بالأرقام فإن 7292 وحدة سكنية، التي تم الدفع بها قدماً في المستوطنات، كانت ستروي لنا القصة كلها، في ضوء أن المتوسط السنوي لفترة نتنياهو كان أقل من 6000 وحدة في العام. ولكن المعطيات (التي جمعتها “السلام الآن”) تكشف أن الأمر أكثر تعقيداً. أولاً، نظراً لأن السنوات الأولى لنتنياهو دلت على ارتفاع بالنسبة لسابقاتها، وثانياً لأن معظم المخططات التي صودق عليها ما زال أمامها رحلة طويلة للحصول على الختم الرسمي للانطلاق. فعلياً، 3000 وحدة سكنية فقط مرت بكل القنوات المعتادة.

ولكن حقيقة أن الأمر لا يتعلق بالأرقام: الجوهر. خلافاً للسياسة المعلنة لـ”ميرتس” أو “العمل”، فإن الحكومة دفعت قدما بوحدات سكنية في المستوطنات المعزولة، ومنها “هار براخا” و”ألون موريه” الواقعة قرب نابلس، و”كريات أربعة” بالقرب من الخليل، و”دولب” الواقعة بالقرب من رام الله. كان بارزاً المصادقة على توسيع مستوطنة “شافوت رحيل” بخمسة أضعاف، وهي مستوطنة لا تعد مع الكتل الاستيطانية. الشخص الرئيسي خلف كل هذه المصادقات هو بيني غانتس.

هذه الحقائق لا تتوافق مع تصريحات أحزاب اليسار عشية الدخول إلى الحملات الانتخابية، ولكنها لا تقلقها وحدها. والمجتمع الدولي، الذي يتابع البناء في “المناطق” [الضفة الغربية] وخاصة خلف مسار جدار الفصل، يبدي قلقه. لقد قالت بعض الجهات هناك لـ”هآرتس” إن هنالك خيبة أمل من أن حكومة بينيت فعلياً واصلت خط حكومة نتنياهو وبصورة من الواضح أنها لا تتوافق مع الزيادة الطبيعية. في مجلس “ييشع” يعتقدون أن الحكومة جعلت وضع البناء يسوء في المناطق، ودليل ذلك أن مجلس التخطيط الأعلى يجتمع أقل مما في الماضي. ويدعي المستوطنون أن حوالي 2000 وحدة وعدوا بها بقيت على الورق.

مخططات استراتيجية

E1- في نهاية أيار أبلغت الحكومة المحكمة العليا بأن مخطط البناء الأكبر بالقرب من القدس والخان الأحمر الذي أثار انتقاداً دولياً لا بأس به، أصبح ثانية على الأجندة. في الشهر القادم ستجرى مناقشة الاعتراضات وربما ستكون هنالك اعتراضات سياسية جديدة، بسبب حل الكنيست الذي يلوح في الأفق.

الخليل– في الشهر الماضي بدأ بناء المصعد في “مغارة الماكفيلا” [الحرم الإبراهيمي الشريف] وهو مشروع استهدف تمكين وصول الجانب اليهودي منها للمعاقين. تأخر المشروع لسنوات بسبب العديد من المنظمات اليسارية والفلسطينيين، ولكنها اعتراضات رفضت وانطلق المشروع. كما بدأ هذا العام بناء حي يهودي جديد في البلدة القديمة يضم 31 وحدة سكنية.

البؤر الاستيطانية –رغم أن الفضل لا يعود للحكومة الحالية في بناء البؤر الاستيطانية في السنة الماضية، فإن قائمة كاملة، حسب “السلام الآن”، تضم ستة بؤر جديدة: “جيفعات هيجيل” في جنوب الخليل، و”كارنيرام” في منطقة سلفيت، و”حفات مفؤوت يريحو” شمال أريحا، و”مزرعة يوليوس” شمال الغور، والمزرعة الشرقية “لنيريا” في الغور، و”جيفعات اوهفي يهوا” غربي بيت لحم. معظمها بؤر مزارع، أي مزارع لا يستولون فيها على أرض عن طريق البناء، بل عن طريق الرعي.

بشكل عام، حكومة بينت- لبيد أيدت سياسة تسامح أقل نسبياً بالنسبة لإقامة البؤر. والعديد من بؤر شبيبة التلال تم إخلاؤها بوتيرة أكثر مما في الماضي على يد الإدارة المدنية.

لقد تمت شرعنة ثلاثة بؤر، وهي “متسبي داني” و”عوز فجاؤون” و”جفعات هبوستر”. كما تمت عدة خطوات في الطريق لشرعنة بؤر قديمة، إحداها “عدي عاد”، حيث رفضت في نيسان اعتراضات تعلقت بشرعنتها. وثمة مثال آخر هو “حفات يئير” (مزرعة يائير) التي ربطت هذا الشهر بالكهرباء. وقد كان ربط البؤر بالكهرباء هو الموضوع الرئيسي لعضو الكنيست نير أورباخ الذي هو من زارعي بذور حل الائتلاف.

تذكير: كشرط لتصويته مع قانون الكهرباء للبلدات البدوية، فإن أورباخ طلب السماح بربط واسع للبؤر التي لم تشرعن بعد بالكهرباء.

أحد الأسماء الأولى التي ظهرت على خارطة طرق ائتلاف لبيد- بينت هو “أفيتار”- البؤرة التي بنيت على أرض فوق قرية بيتا خلال عملية “حارس الأسوار”، ودخلت إلى المسار السريع للشرعنة في بداية أيام الحكومة. ورغم أن ذلك لن يتم في عهد هذه الحكومة، إلا أن دخول الفلسطينيين ما زال محظوراً، والجيش يمكث على التلة طوال الوقت.

هدم مبان فلسطينية 

باستثناء السنوات من 2016 إلى 2020، لم يكن هنالك في العقد الأخير (وفعلياً منذ 2009) سنة هدم فيها مبان فلسطينية أكثر من السنة الماضية. الحديث يدور عن 614 مبنى. هذا ما تكشفه بيانات منظمة “أوتشا”. لم تستخدم كل هذه المباني للسكن أثناء الهدم، جزء منها كان فارغاً أو خصص للزراعة. على رأس قائمة الهدم تجد “رأس التين” وهي تجمع للرعاة في منطقة مستوطنة “كوخاف هشاحر”، والتي فقد 84 شخصاً فيها بيوتهم.

هدم بيوت لفلسطينيين

لم تهدم فقط بيوت للفلسطينيين. صحيح أن الأمر يتعلق بأرقام صغيرة نسبياً بالمقارنة مع البناء للمستوطنين، ولكن تم الدفع ببناء 1303 وحدات سكنية لهم في السنة الأخيرة – وهو الرقم الأعلى منذ سنوات. ولكن أكثر من 1100 منها اجتازت فقط مرحلة المصادقة الأولى، ولكن سيمر وقت طويل كي يرى الفلسطينيون الجرافات قادمة، ولكن ليس من أجل الهدم.

موازنات لإنفاذ القانون

أحد تحديات توزيع الأموال في الضفة جاء كنوع من المهر من حكومة نتنياهو الأخيرة: 18.6 مليون شيكل خصصت للمستوطنات لغايات إقامة أقسام دورية أرضية. هدفها واضح، وهو وضع خرائط تحدد فيها البناء الفلسطيني غير القانوني في مناطق “ج” وإبلاغ الإدارة المدنية عنها، والتي هي الجهة المسؤولة عن إنفاذ القانون في “المناطق” [الضفة الغربية]. إلى جانب أجور القائمين بأعمال الدورية على الأرض، فقد موّلت هذه الموازنة، من بين أمور أخرى، مروحيات مسيّرة، وشراء صور جوية، وتسييج مناطق، وسيارات، ودراسة اللغة العربية للموظفين الجدد.

تم تحويل مبلغ أقل من هذا بقليل يبلغ 18.5 مليون شيكل، من أجل “المعركة على مناطق ج” والذي هو العنوان الواقع خلف النضال الإسرائيلي ضد البناء الفلسطيني. هذه الموازنة وليدة الاتفاق الائتلافي ما بين “يمينا” و “هناك مستقبل” وقد استهدف تمويل إضافة 46 موظفاً للإدارة المدنية – من بينهم 15 في وحدة الرقابة.

 

بقلم: هاجر شيزاف

هآرتس 24/6/2022

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي