المحكمة العليا الأميركية تلغي الحق الدستوري في الإجهاض

أ ف ب - الأمة برس
2022-06-25

نشطاء مناهضون للإجهاض يحتفلون خارج مبنى المحكمة العليا الأميركية بعد قرارها بإلغاء حق الإجهاض الدستوري (ا ف ب)

أنهت المحكمة العليا الأميركية الجمعة 24 يونيو 2022م  حق الإجهاض بإصدارها قرارًا له وقع مزلزل ويقضي على نصف قرن من الحماية الدستورية في واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام في المشهد  السياسي الأميركي.

وألغت المحكمة القرار التاريخي المعروف باسم "رو ضد واد" والذي صدر عام 1973 ليكرس حق المرأة في الإجهاض وقالت إن بإمكان كل ولاية أن تسمح بالإجراء أو أن تقيده كما ترى، كما كان سائدًا قبل السبعينات.

وقالت المحكمة وأغلب قضاتها محافظون ان "الدستور لا يمنح الحق في الإجهاض، يُنقض +رو ضد واد+ وتعاد سلطة تنظيم الإجهاض إلى الناس وممثّليهم المنتخبين".

ووصف الرئيس جو بايدن الحكم بأنه "خطأ مأسوي" نابع من "أيديولوجيا متطرفة"، معتبرا أنه "يوم حزين للمحكمة والبلد".

وأضاف بايدن أن "صحة وحياة النساء في هذه الأمة في خطر الآن"، محذراً من أن حقوقاً أخرى قد تتعرض للتهديد مستقبلا، مثل الزواج المثلي ووسائل منع الحمل.

وحضّ الرئيس الديموقراطي الكونغرس على سنّ قانون فدرالي يحمي حق الإجهاض، وقال إن المسألة ستكون في صلب الانتخابات النصفية في تشرين الثاني/نوفمبر.

في الأثناء، تجمع خارج المحكمة العليا مئات الأشخاص بعضهم يذرف دموع الفرح والبعض الآخر يبكي حزنًا، وسط اجراءات أمنية مشددة أقرت قبل صدور الحكم.

وقالت جينيفر لوكوود شبات (49 عاما) وهي أم لبنتين كانت تبكي حزنا "من الصعب أن نتخيل العيش في بلد لا يحترم المرأة كبشر وحقها في السيطرة على جسدها".

لكن غوين تشارلز البالغة (21 عامًا) وهي معارضة للإجهاض، كانت مبتهجة.

وقالت تشارلز لفرانس برس "هذا هو اليوم الذي كنا ننتظره... ندخل في ثقافة جديدة للحياة في الولايات المتحدة".

من المرجح أن يؤدي قرار المحكمة العليا إلى سنّ مجموعة قوانين جديدة في نحو نصف الولايات الأميركية الخمسين ستقيد بشدة عمليات الإجهاض أو تحظرها تمامًا وتجرمها، ما سيجبر النساء على السفر لمسافات طويلة إلى الولايات التي لا تزال تسمح بهذا الإجراء.

بعد ساعات فقط، حظرت ولاية ميسوري الإجهاض بدون استثناء الحمل الناتج عن الاغتصاب أو سفاح القربى، وكذلك فعلت ولاية ساوث داكوتا باستثناء الوضعيات التي تكون فيها حياة الأم في خطر.

وقال المدعي العام في ولاية ميسوري اريك شميت "هذا يوم تاريخي لقدسية الحياة".

- "خاطئ بشكل صارخ" -

وقال القاضي صمويل أليتو إن الحكم في قضية "رو ضد واد" في رأي غالبية قضاة المحكمة "خاطئ بشكل صارخ".

وأضاف "الإجهاض يمثل قضية أخلاقية عميقة يتبنى الأميركيون آراء متضاربة بشدة بشأنها"، وأردف أن "الدستور لا يحظر على مواطني كل ولاية تقنين أو حظر الإجهاض".

ورفضت المحكمة الحجة التي استندت إليها قضية "رو ضد واد" ومفادها أن للنساء الحق في الإجهاض على أساس الحق الدستوري في الخصوصية على أجسادهن.

يمثل الحكم انتصارا لخمسين عاما من حراك اليمين الديني ضد الإجهاض، ومن المتوقع الآن أن يواصل النشطاء الضغط من أجل حظره تماما على مستوى البلاد.

وقال الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب مشيدا بالحكم، إن "الله اتخذ القرار".

يعكس رأي أليتو إلى حد كبير ما جاء في مسودة ألّفها وتم تسريبها بشكل غير معتاد مطلع أيار/مايو وأثارت تظاهرات منددة على مستوى البلاد.

من جهتها وصفت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي الحكم بأنه "شائن ويدمي القلب"، بينما تعهدت منظمة "الأبوة المخططة" الرائدة في مجال دعم حقّ الإجهاض بـ"عدم الكف أبدًا عن النضال".

واعتبر الرئيس الديموقراطي الأسبق باراك أوباما أن الحكم "هجوم على الحريات الأساسية لملايين الأميركيين".

لكن مايك بنس، نائب الرئيس السابق ترامب، قال إن المحكمة "أصلحت خطأ تاريخيًا".

- "لن تقف عند هذا الحد" -

اعترض القضاة الثلاثة الليبراليون في المحكمة على الحكم الذي جاء غداة قيام المحكمة بتكريس حق المواطنين في حمل مسدس في الأماكن العامة.

وقالوا "أيا كان النطاق الدقيق للقوانين المقبلة، فإن نتيجة قرار اليوم المؤكدة هي تقييد حقوق المرأة".

وحذروا من أن مقدمي خدمات الإجهاض قد يواجهون الآن عقوبات قانونية وأن "بعض الولايات لن تقف عند هذا الحد".

وأضافوا "ربما في أعقاب قرار اليوم، قد يجرم قانون ولاية سلوك المرأة أيضًا، وسجنها أو تغريمها لجرأتها على السعي للاجهاض أو إجرائه".

يتعارض قرار المحكمة مع التوجه الدولي لتخفيف قوانين الإجهاض، بما في ذلك في دول مثل إيرلندا والأرجنتين والمكسيك وكولومبيا حيث لا يزال للكنيسة الكاثوليكية نفوذ واسع.

ولم يكن صدور الحكم ممكناً لولا ترشيح الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب ثلاثة قضاة محافظين للمحكمة.

وكانت القضية المعروضة أصلا على المحكمة تتعلق بقانون في ولاية ميسيسيبي يقيّد الإجهاض خلال 15 أسبوعًا من الحمل، لكن أثناء النظر في القضية في كانون الأول/ديسمبر، أشار عدد من القضاة إلى استعدادهم للمضي أبعد من ذلك.

ووفق "معهد غوتماشر"، أعدت 13 ولاية قوانين تحظر الإجهاض فور صدور قرار المحكمة العليا تقريبًا.

ولدى عشر ولايات أخرى قوانين تعود إلى ما قبل عام 1973 ويمكن أن تدخل حيز التنفيذ مجددا أو تشريعات تحظر الإجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل أي قبل أن تعرف الكثير من النساء أنهن حوامل.

يتعين على النساء في الولايات التي تطبق قوانين صارمة ضد الإجهاض إما الاستمرار في الحمل وإما الخضوع لإجهاض سري أو الحصول على حبوب الإجهاض أو السفر إلى ولاية أخرى حيث الإجراء قانوني.

اتخذت العديد من الولايات التي يحكمها الديموقراطيون خطوات لتسهيل الإجهاض وأصدرت ثلاث منها (كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن) تعهدًا مشتركًا بالدفاع عن هذا الحقّ في أعقاب قرار المحكمة العليا.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي