أوكرانيا: هل تعاد الرماح إلى جرابها؟

2022-10-03

أحمد بن شريف

العصر الذي يحول – والله أعلم – دون تحقيق سعادة فوق الأرض! يخرج إبليس اللعين من قمقمه، ليحطم الليل فوق رؤوس الحالمين من الناس في مضاجعهم ومآلاتهم. يهرعون فرادى وجماعات إلى مآوي الروح، مذعورين من شدة الهلع الذي تخلفه طلقات الراجمات.

في عز قدسية الصباح المدثر بالغابات في أوكرانيا، ترحل الصبايا بحثا عن نهار يضيء شمس هذا الأصيل. ينكسر فوق الرؤوس. ما من شمس تطلع والحرب لها بالمرصاد إلا وتضيع الأيام والذكرى في دغل موحش، مختوم بالسواد… هل نحتاج إلى كل هذا البارود لطرد الصبايا من حواضر أوكرانيا الجميلة؟

مضطجع أو مستلق على رمال النسيان، أو ذاهب في رحلة البحث عن الزمن المفقود في سلسلة الأحداث التي صاغت تاريخا ملوثا بالدماء والخراب والحرق والنار والسعير. الأمر سيان هنا وهنالك… انهض؛ لا تبق مضطجعا تحت سماء تحترق لتسقط أمام عينيك السابلتين شظايا. أوكرانيا عزيزة على الملأ الذي يهوى موسيقى النايات الحزينة. أنا أيضا أعشق بطريقتي الخاصة عزف النايات…

أنا واحد ممن يعشقون ترديد أغاني الرعاة من فوق قمم الجبال، تيمنا بالحرية وخارج إطارات التحكم حتى لو كان عن بعد! انثيالات سهول أوكرانيا جزء من طقوس إعداد الرغيف وصناعة حلوى العيد والأعراس… الأشياء الجميلة تتصادى حتى لو فقدت صوتها.

كل مساء تخرج الجيوش من الثكنات الخلفية للاحتراب، في المقابل يخرج ذلك النور، المتسرب من شقوق البيوت التي تركها الأوكرانيون خلفهم، نور ينهض استعارة قوية لتعرية الجرح أنى كان حجمه ومصدره…

وعندما تتصاعد النيران والأدخنة يخرج إبليس من قمقمه، منتصرا لرسوم الحرب التي تزين جدران المدن وواجهات المحلات التجارية في كييف وخاركوف… كما تظهر فوق السحب في القرى المحاذية لروسيا، يقرأها الصغار والكبار تحت طلقات الرصاص المباغتة، التي تصنع ما يشبه مأساة الحروب على حوافي الأنهار والبحار المسجورة. رماح تأخذ طريقها نحو هدف بشري في موسم الثلوج؛ إنه أسلوب آخر لحمل الصبايا على مغادرة الساحات العمومية قبل طلوع الشمس.

تحت جنح الليل يتخفى قمر أوكرانيا، يمضي بعيدا حتى ينير طريق الفارين من أنفسهم ومن حب قاس، تجرعوا مرارته منذ أمد بعيد… بطولات تتلبس رداء شخصيات راسين المسرحية. مَن المجرم؟ ومن الضحية؟ وهل يتزوج العمل الإجرامي الحب ويصير له سندا ونصيرا؟ فكيف نهتدي إلى فكرة أو أمر يجعلنا نعدل عن إشعال الحرب ونعيد الرماح إلى حرابها قبل فوات الأوان؟

كاتب من المغرب







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي