شارل ديدييه في المغرب: رحلة بلغة الاستعمار

2022-10-03

لو أردنا تحديد زمنٍ تنامت فيه الرحلات الاستشراقية إلى العالم العربي والإسلامي، فإنّ القرن التاسع عشر يُكثّف الكثير من خصائص تلك الرحلات التي مزج أصحابُها ما بين الملاحظات العيانية، واللغة الأدبية المسترسلة، والإطار المعرفي الموجّه بحركة استعمارية نشطة، اندرج أغلبُ المستشرقين والرحّالة فيها.

في عام 1835 زار الشاعر الفرنسي شارل ديدييه (1805 – 1864) المغرب؛ حيث شملت رحلته ثلاث مُدن هي: طنجة وتطوان وسبتة، وضمّن تلك الرحلة في كتاب صدرت ترجمته إلى العربية مؤخّراً عن دار "أفريقيا الشرق" تحت عنوان "نُزهة في المغرب: طنجة وتطوان وسبتة 1835"، بتوقيع المُترجِم المغربي بوشعيب الساوري.

لا يستعمل ديدييه في كتابه أيّ نوع من أنواع المواربة، بل يتكلّم بلغة استعمارية صريحة عن ضرورة احتلال المغرب. وفي هذا السياق ينقل ملاحظاته عن جوانب الحياة كافّة، في محاولة منه لتلخيص السُّبل السياسية والعسكرية التي تُسهّل عملية الاستعمار، حيث لا جدوى من الحلول الدبلوماسية.

إلى جانب ما سبق، فإنّ الرحلة تعرضُ تفاصيل عن تاريخ وجغرافيّة البلد، إنّما بأسلوب لا يتوقّف سوى عند الأزمات التي يصوّرها وكأنّها تشمل القطاعات البنيوية التي يقوم عليها المغرب مثل الجيش، والاقتصاد، والحركة السكانية والعمرانية.

من حيث الأسلوب، فإنّ العمل تظهر فيه ملامح الاسترسال الأدبي الذي ميّز الكتابات الاستشراقية، فغاية الشمولية والإحاطة بكل ما تقع عليه عينا جعلت النص يعجُّ بالاستطرادات التي تبتعد عن التركيز على موضوع واحد، وتنتقل من فكرة إلى أُخرى بشكل غير مترابط.

وفي هذا السياق، ينبّه المترجِم، في مقدّمته، إلى أنّ أحكام ديدييه عن المغاربة "كانت تستند إلى رؤية خارجية، لأنها لم تكن مبنية على معاينة واحتكاك، وإنما على معارف مسبقة راكمها الرحالة قبل فِعل الرحلة".

ليست هذه الرحلة الأولى لديدييه إلى الشرق، حيثُ اشتهر برحلة أُخرى عنونها "رحلة إلى رحاب الشريف الأكبر، شريف مكّة المكرّمة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر" وصدرت بترجمة عربية لمحمد خير البقاعي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي