أمريكا والناتو لن يردوا بالمثل إذا استخدم بوتين النووي

الأمة برس - متابعات
2022-10-05

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يترأس اجتماعًا لمجلس الأمن عبر رابط فيديو في موسكو في 23 سبتمبر 2022 (ا ف ب)

بعد فشل روسيا في تنفيذ هجمة خاطفة ومفاجئة تضمن الانتصار الحاسم على أوكرانيا، وفشل الحملة اللاحقة لاحتلال أراضي في شرق وجنوب أوكرانيا، اكتشف الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" طريقة جديدة للانتصار بأن يبدو أنه خاسر.

وتعد تحركات "بوتين" الأخيرة، التي أعلن فيها عن تعبئة جزئية وضم 4 أقاليم أوكرانية إلى روسيا، مقدمة لاستخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا.

وإذا استمرت القوات الأوكرانية في هجومها المضاد باستخدام الأسلحة الغربية، فإنها ستشكل تهديدًا للأراضي المضمومة حديثًا، والتي أصبحت موسكو تعتبرها أراض روسية؛ لذلك من المرجح أن ينفذ "بوتين" تهديداته الضمنية باستخدام الأسلحة النووية.

وقد يعيد ذلك حسابات الغرب بشأن دعم كييف، بالنظر إلى أنه من المؤكد تقريبًا ألا ترد الولايات المتحدة والناتو بالمثل. ويمكن أن يؤدي ذلك أيضا إلى انهيار حلف الناتو، وبالتالي قد يتوفر لـ"بوتين" فرصة للنصر من رحم الخسارة.

استكمال مبررات النووي

لطالما فكر القادة وخبراء الدفاع الغربيون في أن موسكو ستلجأ إلى استخدام الأسلحة النووية إذا فشلت حملتها التقليدية ضد أوكرانيا، والآن أصبح هذا الاحتمال يقينيًا تقريبًا. ولا يستطيع "بوتين" الانتصار في الحرب التقليدية إذا استمر التوازن الحالي. وقد بدأ الغرب توسعًا صناعيًا وعسكريًا من شأنه ترجيح كفة التوازن الاستراتيجي لصالحه ضد روسيا.

واضطرت روسيا بالفعل إلى طلب المساعدة من حلفاء أضعف (إيران وكوريا الشمالية)، ولن توفر التعبئة الجزئية للجيش الروسي وسيلة لعكس الوضع في ساحة المعركة، بل قد تؤدي إلى تفاقم المعارضة لـ"بوتين" في الداخل.

لكن من خلال التصعيد النووي، قد يستطيع "بوتين" تحقيق النصر في الخارج والداخل.

وتنص العقيدة النووية الروسية صراحة على أنه إذا هدد العدوان التقليدي ضد روسيا وجود الدولة، فإن ذلك يبرر استخدام الأسلحة النووية، لكن لم يتم إيضاح المدى الذي ينبغي أن يصل إليه أي هجوم تقليدي لتجاوز هذه العتبة.

وحدد "بوتين" مثل هذه الهجوم المهدد لوجود الدولة في خطابه الذي أعلن فيه التعبئة الجزئية، فقد أكد زعمه بأن هدف الغرب من وراء دعمه لأوكرانيا هو تدمير روسيا وتهديد كل الشعب الروسي.

وأوضح "بوتين" أنه مسموح لروسيا استخدام الأسلحة النووية من أجل حماية سلامة أراضي الدولة، والتي ستشمل الآن الأجزاء التي تم الاستيلاء عليها من أوكرانيا.

استجابة غربية قاصرة

والسؤال الآن هو ماذا سيفعل الناتو والغرب إذا ردت روسيا على الهجوم التقليدي الناجح لأوكرانيا باستخدام سلاح نووي؟ من المؤكد تقريبًا أن حلف شمال الأطلسي لن يرد بخطوة نووية مماثلة.

ويدرك أي شخص انخرط في مناورات حربية عالية المستوى للولايات المتحدة أو الناتو خلال العقود العديدة الماضية، والتي استخدم فيها الجانب الآخر الأسلحة النووية ضدهما، أنه من الصعب للغاية أن يرى واشنطن- ناهيك عن حلف الناتو – ترد بالمثل، حتى إذا كانت القوات الأمريكية أو قوات الناتو هي هدف مثل هذا الهجوم.

وما لم يكن الهجوم واسع النطاق، فإن فِرق الخبراء التي تمثل حكومة الولايات المتحدة ودول الناتو تختار دائمًا تنفيذ حملة تقليدية مكثفة أو التراجع.

وإذا استخدم "بوتين" السلاح النووي ضد أوكرانيا، فستكون الخيارات الغربية أكثر محدودية، فأوكرانيا ليست عضوًا في حلف الناتو ولا تحميها المظلة النووية للتحالف، وسيجد القادة الغربيون الرد باستخدام سلاح نووي أمرًا لا يمكن قياس عواقبه.

وقال أحد المسؤولين الحكوميين الأمريكيين السابقين وأحد المفاوضين السابقين في مجال الحد من الأسلحة النووية: "لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستتخذ خطوة تصعدية. بالتأكيد، لن ترد بالأسلحة النووية"، ويدرك "بوتين" هذا الأمر جيدا.

الرد لصالح "بوتين"

وعد القادة الغربيون، وأبرزهم الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، بالرد على استخدام روسيا للأسلحة النووية من خلال مضاعفة دعمهم لأوكرانيا، وتزويدها بأسلحة تقليدية أكثر وأفضل، وتوسيع العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، ومحاولة حشد الدعم العالمي لتصبح روسيا بلدًا منبوذًا، وفق ما جاء في تحذير "بايدن" في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

الخلاصة أن الغرب سيستمر في الاستراتيجية التي تدفع "بوتين" الآن لاستخدام الأسلحة النووية، وهذا هو تعريف الجنون: فعل الشيء نفسه مرة أخرى مع توقع نتيجة مختلفة.

إن توفير معدات عسكرية غربية إضافية إلى أوكرانيا، بما في ذلك المزيد من قاذفات "هيمارس" والصواريخ طويلة المدى والطائرات المسيرة والدروع الثقيلة وحتى مقاتلات "F-16"، سيضمن صمود كييف أمام الجيش الروسي، لكن ذلك لن ينهي الحرب.

وفي الواقع، فإن الرد الغربي المحتمل سيكون في صالح "بوتين"، حيث سيتم الرد على استخدامه الأوّلي للسلاح النووي من خلال وسائل غير متكافئة، مما سيعكس الضعف الغربي، وسوف تفلت موسكو من العقاب على استخدامها للنووي، مما سيظهر أن الردع لا معنى له، وسوف تستعد موسكو لاستخدام الأسلحة النووية مرة أخرى في المستقبل.

من المؤكد أن رصيد "بوتين" سيتحسن لدى الجمهور الروسي، حيث سيدعي أنه الزعيم الذي وقف بوجه الغرب واستخدم سلاحا نوويا للدفاع عن الوطن دون أن يتصدى له أحد.

يعتقد "بوتين" أن الحرب في أوكرانيا ضرورية لتحييد التهديد الوجودي لروسيا الذي يمثله توسع الناتو وجهوده لإنشاء دولة عميلة له في أوكرانيا، ووفق هذا السياق، يتم تبرير استخدام الأسلحة النووية، وكذلك خطر التصعيد الغربي.

وكما أعلن "بوتين" في مقابلة عام 2018، فإن الضربة النووية الأولى ستكون منطقية، حتى لو أنتجت كارثة عالمية. وقال: "لماذا نحتاج إلى وجود العالم إن لم تكن روسيا فيه؟".

وفي الواقع، فإن القائد الذي يبدي استعداد للذهاب إلى أبعد مدى للدفاع عن وطنه سوف يحظى باحترام عميق أو بالمهابة في روسيا، وكلاهما جيد لـ"بوتين".

دان جوري - ناشيونال إنترست







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي