"الصحافة النسائية" مهدت لتيار الرومانسية في الشعر المصري

متابعات الامة برس:
2022-12-18

"الصحافة النسائية" مهدت لتيار الرومانسية في الشعر المصري

القاهرة-رشا أحمد: يركز كتاب «الصحافة النسائية في مصر - من نهاية القرن التاسع عشر حتى مطلع القرن العشرين» على نشأة المجلات والجرائد ذات التوجه النسوي، ومع ذلك تفرد مؤلفته الباحثة د. كوثر محمد مروان مساحة واسعة لرصد العلاقة بين هذا النوع من الصحافة وبواكير الأدب العربي في تلك الفترة.

وتشير المؤلفة في مقدمة الكتاب، الصادر حديثاً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، إلى أن الصحافة النسائية ولدت في أرض مصر على يد شاميات سوريات تعلمن وفقاً لنظم التعليم الأوروبية بعد أن أتقنّ بعض اللغات الأجنبية ونهلنّ من منابع الثقافة الغربية، ثم تولت النخبة نقل مظاهر التقدم والارتقاء عبر مجلاتهن النسائية إلى المجتمع المصري حاملات على عواتقهن إعادة تقسيم الأدوار بين المرأة والرجل وإصلاح الخلل التراتبي، الذي فرضته العادات والتقاليد الصارمة على المرأة إلى جانب السعي من أجل النهوض بحواء ودفعها إلى عجلة التقدم والارتقاء لبناء مجتمع عصري جديد.

ويذكر الكتاب أن الأوساط الأدبية والصحافية احتفت بأول مجلة نسائية وهي مجلة «الفتاة» التي صدرت عام 1892 لصاحبتها هند نوفل، وهي فتاة لبنانية لتكون هند أول امرأة عربية شامية تحمل لواء الصحافة النسائية على أرض مصر بمدينة الإسكندرية، وتكون مجلتها أول مجلة نسائية بالوطن العربي. ثم تبعتها بارونة الصحافة النسائية ورائدة النهضة النسائية في مصر «الكسندرا مليتادي أفبرينوه» صاحبة مجلة «أنيس الجليس»، التي أنشأتها 1898 عندما وجدت الحاجة ماسة إلى مجلة نسائية بعد أن أغلقت هند نوفل مجلتها نظراً لظروف زواجها. وهكذا كانت «الأنيس» ثاني مجلة نسائية ظهرت أيضاً في مدينة الإسكندرية، وقال عنها مؤرخ الصحافة العربية فيليب طرازي: «نالت (أنيس الجليس) من الصيت البعيد ما لم تنله مجلة نسائية سواها قبل ذلك، وحسبنا برهاناً أنها كانت تُقرأ في قصور السلاطين والملوك والأمراء والأعيان في جميع البلاد الشرقية».

اتخذت «ألكسندرا» من مجلتها منبراً حراً للدفاع عن المرأة الشرقية، كما لعبت دوراً كبيراً في دفع بنات عصرها إلى دخول المدارس والعمل على تثقيفهن ومساواتهن مع الرجل ورسم طريقة التقدم والخروج من المجتمع الحريمي وقيوده إلى التحرر واسترداد كرامة حواء.

وترصد المؤلفة تزامن ظهور «أنيس الجليس» مع بواكير تيار المدرسة الرومانسية في الشعر المصري حيث مهدت المجلة لظهور «جماعة الديوان»، التي سعت إلى تجديد الشعر العربي، وضمت عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني وعبد الرحمن شكري، وذلك بعد أن احتضنت المجلة عبر صفحاتها كتابات وأشعار صناع النهضة الأدبية مثل خليل مطران وأحمد محرم وأحمد الكاشف ونجيب الحداد، وغيرهم ممن أخذوا على عاتقهم مهمة تخليص الأدب من الإرث العثماني والمملوكي ومنحه الحيوية والطزاجة والجزالة في التعبير بعيداً عن قيود المحسنات البلاغية القديمة.

وعلى سبيل المثال، رافقت أشعار خليل مطران مجلة «الأنيس» فترة زمنية طويلة قاربت على الست سنوات نشر خلالها عبر صفحات المجلة عدداً من القصائد الشعرية بلغت نحو 13 قصيدة صاغها في قالب شعري قصصي اتسم بعضها بالطرافة والمغزى البعيد. ومنها قصيدة بعنوان «قضية» نشرها عام 1898 وتخيل الشاعر فيها أن هناك نزاعاً بين عينه وقلبه وقد تم عرض القضية على قاضي الهوى ليحكم بينهما:

يقول فيها:

«بين قلبي ومقلتي

صدمة توهن قوى

ونزاع بفصله

حكم قاضي الهوى»

كما نشر بعدها بفترة على صفحات المجلة قصيدة بعنوان «النرجسة» تناولت حكاية عروس انصرف عنها زوجها لتلبية النداء الوطني فأشاد الشاعر ببطولة الشاب ووفاء الزوجة يقول فيها:

داع دعا إلى الجهاد فأزمعا

سفراً وجاد بنفسه متطوعا

وبشكل عام، جاءت قصائده على صفحات «الأنيس» مرآة لعصره، فقد عكست مظاهر التقدم العلمي وما صاحبه من اكتشافات واختراعات حديثة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي