كتاب يكشف نصوصا لم يسبق نشرها لأبي القاسم الشابي

متابعات الامة برس:
2022-12-29

 

الشابي له العديد من الوجوه الأخرى

تونس: يضم كتاب «ظلال النخيل» مجموعة من النصوص والأشعار لأبي القاسم الشابي، كما ينشر ثمانية وعشرين رسالة بعثها الشابي إلى أصدقائه أو تلقاها منهم، وهي رسائل تنشر لأول مرة في هذا الكتاب الصادر سابقا في طبعة أنيقة ومحدودة النسخ، والذي من المنتظر أن يصدر في الفترة القليلة القادمة في طبعة جديدة لكن هذه المرة على نطاق عربي.

صدر هذا الكتاب عن جمعية الشابي للتنمية الثقافية والاجتماعية بعد مضي ست وثمانين عاما على وفاة الشاعر، وبفضله ينبعث صوته من جديد، بعد أن ساد الاعتقاد بأن مدونته قد اكتملت وأن الدراسات حول أثره قد استنفدت كل طاقاتها وممكناتها، ليضيف إلى مدونته المتكونة من خمسة آثار أثرا سادسا غنيا بالجديد شعرا موزونا ومنثورا ورسائل ومقالات، وفق ما بينه الباحث علي الشابي الذي تولى تحقيق مضمون الكتاب ووضع تقديمه وكشف «ظروف الاهتداء إلى هذا الجديد من أدب الشابي».

  تفاصيل أخرى

 

ورد الكتاب في ثلاثة أبواب وملحق به صور ووثائق ونصوص تم نشرها سابقا في كتب أخرى لا تخص الشاعر مباشرة. كما تضمن عدة صور أصلية للورقات التي احتوت النصوص الجديدة التي ضمها الأثر.

وخصص الباب الأول للنصوص الشعرية وقد تم تقسيمه إلى جزأين يتعلق الأول بالأشعار التي تنشر لأول مرة بالاستناد إلى الرواية (في توزر والمشروحة بالجزائر) وهي مقطوعات وأبيات مفردة، والأشعار التي تنشر لأول مرة وهي مأخوذة من وثائقه وعددها 31 نصا ومقطوعة.

أما الباب الثاني فيتعلق بالنثر وتم تقسيمه أيضا إلى قسمين، أحدهما للمقالات والخواطر الأدبية (وعددها سبعة) والآخر للقول الشعري وعدد نصوصه 15 نصا متفاوتة الطول ومتنوعة المضامين.

ويضم الباب الثالث الرسائل التي بعثها الشاعر أو تلقاها، وكلها تنشر لأول مرة أيضا، وهي سبع رسائل بعث بها الشابي إلى محمد صالح المهيدي وعبدالسلام الشابي (رسالتان) ومدير مجلة المقتطف وعبدالخالق البشروش والشيخ إبراهيم الآجري وعمر إسكندر. أما الرسائل التي تلقاها الشابي فعددها عشرون، نصفها من مصطفى خريف، وأربع رسائل من أحمد زكي أبي شادي وثلاث رسائل من عبدالخالق البشروش ورسالة من حسن حسني عبد الوهاب وأخرى من صالح بن علي العلوي وأخيرة من الشاذلي عطا الله.

ووفق علي الشابي فإن هذه «النصوص تكشف عن جوانب متعددة من شخصية الشابي».

 

 

الرسائل المنشورة تتضمن الكثير من الأحاديث التي تعكس الحيوية التي كانت تشهدها الحياة الأدبية والفكرية في تونس

وأوضح محقق الكتاب أن ما تتميز به هذه النصوص الجديدة التي ضمها الإصدار «أنها تعكس من جهة روح الشابي الموزّعة بين الحكمة والتأمل والطبيعة والرثاء وأشواق الصوفية والرومنطيقيين، وتكشف من جهة أخرى عن ملامح بوادر تحول في الأسلوب وفي المضمون كان الشاعر يتهيأ له ويمضي إليه بوعي لولا أن الموت باغته».

كما تكشف هذه النصوص، وفق المصدر ذاته، «عن بعدين متعانقين في كتابة الشاعر: البعد الذاتي الذي يلتفت إلى معاناة الشاعر بسبب الظروف الصحية والاجتماعية التي نعرفها جميعا، والبعد الوطني الموضوعي الذي يظهر روحا معاكسة لما يظهر لنا من النصوص الذاتية التي يطغى علينا النفس التشاؤمي المحبط والمتبرم من الحياة والناس».

ويقول علي الشابي عن بعض النصوص إن الشاعر أهمل نشرها حين جمع ديوانه، أو قد يكون ضيعها، وربما يكون كتبها بعد أن جمع ديوانه وأعده للطبع. مشيرا إلى أن الكتاب يتضمن عديد المراثي الجديدة التي تؤكد طبيعة الشاعر المتأثرة بفقد الوالد في سن مبكرة.

ومن التفاصيل التي تكشفها النصوص الجديدة عن حياة الشاعر الشخصية، أسباب اضطراره إلى ترك إخوته في العاصمة في أثناء الفترات الطويلة التي كان يقضيها في الاستجمام في عين دراهم أو في المشروحة، وقد أشار إلى ذلك مصطفى خريف في رسائله له في سياق التعبير عن شوقه الكبير إليه.

التأملات والرسائل

 

 

 

النصوص تعكس روح الشابي الموزعة بين الحكمة والتأمل والطبيعة والرثاء وأشواق الصوفية والرومنطيقيين وبوادر التحول في أسلوبه

يتضمن الكتاب عدة نصوص كثيرة تؤكد ما عرف عن وطنية الشاعر وحماسته للمقاومة وحرصه على إثارة الحمية في الشعب، ولكن أغلب هذه النصوص تعكس حالة من الإحباط واليأس التي تتحول إلى ثورة على الشعب الخانع المستسلم. إلى جانب تضمنه للكثير من المواقف التي تؤكد غربة الشاعر في واقعه، وخاصة في الرسائل التي بعث بها أو تلقاها، من ذلك ما تضمنته رسائل مصطفى خريف الذي يصور الكثير من الحالات التي تكشف معاناة الشاعر والأديب، في تونس وفي مصر، حين تحدث عن وضعية الطاهر الحداد أو عباس محمود العقاد وغيرهما.

ويقدم هذا الإصدار أيضا نصوصا تؤكد ميل الشابي إلى كتابة نصوص تأملية ساخرة من أوهام الإنسان وغفلته أو من عجزه، وأخرى تعكس جوانب من الحياة الفكرية والثقافية والنقدية في تلك الفترة (أواخر عشرينات القرن الماضي ومطلع الثلاثينات). ويقول علي الشابي في تقديمه للكتاب «لعل أهم هذه النصوص النص الذي شرع الشابي في كتابته ردا على صاحب جريدة ‘النديم’ التي كانت تناصب الجيل الجديد من الشعراء العداء، والشابي والحداد من أهم رموز هذا الجيل».

ويكتسي هذا الكتاب أهمية بالغة كذلك لاحتوائه على ثمانية وعشرين رسالة من الشاعر وإليه. وتعتبر هذه الرسائل مصادر جديدة تنضاف إلى الرسائل المعروفة الصادرة في الأعمال الكاملة، لتعرف طبيعة الحياة الفكرية والثقافية والأدبية بالبلاد التونسية في عشرينات القرن الماضي ومطلع ثلاثيناته. كما تعتبر مرجعا أساسيا لتبين التحولات التي عرفها الشاعر في السنوات الأخيرة من حياته، والتي تغلب عليها مظاهر الإحباط بسبب اشتداد المرض عليه وبسبب تعثر مشروع نشر ديوانه خاصة، وفق علي الشابي.

وفي هذه الرسائل الكثير من الأحاديث التي تعكس الحيوية التي كانت تشهدها الحياة الأدبية والفكرية في تونس آنذاك، كما فيها جوانب من طبيعة العلاقات بين الأدباء والشعراء ولعل من أهمها رسائل مصطفى خريف وردود الشابي التي تظهر المكانة الكبيرة التي كان يحتلها الشابي عند زملائه من الشعراء المعاصرين له، إضافة إلى ما تظهره من الحس النقدي والإبداعي اللذين يتجليان من خلال الآراء المتبادلة بينهما.

ويؤكد محقق الأثر على القيمة الكبيرة لهذه الرسائل «فهي، إضافة إلى كونها مرآة للذات المبدعة عند كل المتراسلين، فإنها تعتبر وثيقة مهمة تصور جوانب من الوضع الثقافي بتونس ومصر. فمن خلال تبادل الآراء حول المستجدات الثقافية والأدبية في البلدين، مع التركيز على ما يلاقيه المثقفون والأدباء الملتزمون من تضييقات».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي