إلى أي مدى ستذهب حكومة نتنياهو ضد البرنامج النووي الإيراني؟

متابعات - الأمة برس
2023-01-26

بنيامين نتنياهو (ا ف ب)

عندما أدى رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" اليمين الدستورية لولايته السادسة في 29 ديسمبر/كانون الأول 2022، أصبح من الواضح أن تل أبيب ستتخذ موقفًا حازمًا ضد إيران وبرنامجها النووي.

وأشارت حكومة "نتنياهو" اليمينية المتطرفة، التي أثار تشكيلها جدلاً حاداً في الداخل والخارج، إلى نيتها اتباع سياسة حازمة ضد طهران تهدف إلى إحباط أي تجديد محتمل لخطة العمل الشاملة المشتركة. وفي حين أن حكومة "نتنياهو" الائتلافية (المكونة من أحزاب قومية متطرفة ودينية) وعدت بإصلاح السياسات الخارجية والداخلية للبلاد، فقد أشارت إلى أن مواجهة إيران ستظل إحدى أولوياتها القصوى.

على مدى السنوات الثلاث الماضية، انخرطت طهران في محادثات نووية مع "مجموعة 5+1" الموقعة على خطة العمل الشاملة المشتركة في محاولة لإحياء الاتفاق، ولكن حتى الآن، لم تنجح هذه الجهود. ويبدو أن الاتفاقية لم تعد مطروحة في أعقاب حركة الاحتجاج المستمرة في إيران، وقد قال الرئيس الأمريكي "جو بايدن" في تعليق عفوي مؤخرًا إن الاتفاقية أصبحت "ميتة".

وهكذا، مهد تدمير خطة العمل الشاملة المشتركة الطريق أمام "نتنياهو" - الذي كان أحد أشد المعارضين لها لفترة طويلة - لاتباع استراتيجية المواجهة المفتوحة مع طهران.

هذه المرة مختلفة

جعل "نتنياهو" المعارضة الشديدة للنفوذ الإيراني سمة مميزة لكل فترة من فتراته السابقة في السلطة، لكن موقف إسرائيل الحالي أقوى بكثير مما كان عليه في أي وقت منذ تأسيسها، فيما يُعزى جزئيًا إلى الدبلوماسية الإسرائيلية الماهرة على مدى نصف العقد الماضي.

ومنذ عام 2020، سعت تل أبيب لتطبيع العلاقات مع عدد من الدول الإسلامية والعربية والخليجية، لتعزيز دعمها الدبلوماسي في حال المواجهة مع إيران.

ومن المرجح أن يمارس "نتنياهو" المزيد من الضغط على إدارة "بايدن" لتأجيل المحادثات النووية وذلك خلال زيارته القادمة إلى واشنطن. ويمكن لحكومة "نتنياهو" أن تسعى حتى إلى خيار عسكري لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية في هذه المرحلة.

ويكاد يكون من المؤكد أن سياسة "نتنياهو" تجاه إيران ستبعد إسرائيل عن الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من أن القمع الإيراني الوحشي للمتظاهرين المدنيين والمساعدة العسكرية الإيرانية لروسيا قد أقنعت إدارة "بايدن" بفرض مزيد من العقوبات، فإن الاتحاد الأوروبي لا يزال حريصًا على استئناف المحادثات النووية.

وقد صرح كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل" مؤخرًا أنه لا يوجد بديل لخطة العمل الشاملة المشتركة، وأن أولئك الذين فكروا بخلاف ذلك يخدعون أنفسهم. لهذا السبب، من المحتمل أن تركز تل أبيب أكثر على الضغط على الاتحاد الأوروبي أكثر من الولايات المتحدة.

طهران بحاجة إلى اتفاق

في إطار هذه الجهود، قد يعتمد "نتنياهو" على دعم الدول العربية، خاصة السعودية، الخصم الإقليمي اللدود لإيران. وبالنظر إلى التنافس الطويل بين الدولتين وعدم الاستقرار في الداخل، ترى طهران أن استئناف المحادثات النووية مع الاتحاد الأوروبي هو الخيار الأكثر قابلية للتطبيق لخفض التوترات مع الغرب، وتخفيف الأزمة الاقتصادية، وضمان أمنها في مواجهة منافسيها الخليجيين.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، أشار المسؤولون الإيرانيون إلى رغبتهم في استئناف مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة المتوقفة. وأوضحت الحكومة الإيرانية أنها حريصة على إقناع الموقعين الأوروبيين بعدم إعادة فرض نظام العقوبات الدولي القاسي الذي خنق اقتصاد الجمهورية الإسلامية.

وتعتقد إيران أن التزام دول الاتحاد الأوروبي باستئناف المفاوضات سيدفع إدارة "بايدن" إلى طاولة المفاوضات ويعيد إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة. وعلى أقل تقدير، ستسمح المحادثات المطولة مع الاتحاد الأوروبي لإيران ببناء نفوذ إضافي والسعي لمزيد من التنازلات من الغرب مقابل التخلي عن برنامج أسلحتها النووية.

لهذا ستحاول طهران إبقاء عملية المفاوضات على قيد الحياة اسميًا على الأقل للحفاظ على الفوائد المتبقية للاتفاقية ومنع الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين من اللجوء إلى وسائل بديلة لمواجهة نفوذها الإقليمي وتخريب البرنامج النووي.

الاستعانة بدول الخليج

لا شك أن الأولوية الأخرى لـ"نتنياهو" هي تطوير شراكة أعمق مع الدول العربية، والتي أصبحت ممكنة بفضل "اتفاقات إبراهيم". ومنذ توقيعها في منتصف عام 2020، اعترفت دولتان إقليميتان بإسرائيل، ما يقوض السردية الإيرانية عن "وحدة المسلمين ضد الصهاينة".

في الواقع، ستستمر الشراكة الناشئة بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي (بتعزيز من العقوبات الأمريكية الإضافية) في تقييد النشاط الاقتصادي الإيراني والصادرات والوصول إلى التمويل الخارجي.

وبالرغم من ذلك، فإن مثل هذا التحالف في الجوار المباشر لطهران يمكن أن يؤدي إلى تأجيج النزاعات الطائفية في اليمن والعراق أو زيادة مساعدتها العسكرية لروسيا.

تشير تصريحات "نتنياهو" الأخيرة التي تدين إيران وبرنامجها النووي إلى تجدد مواجهة قاسية بين تل أبيب وطهران. وبالنظر إلى هذا الواقع، فمن المحتمل أن تتوقف القوى الغربية تدريجياً عن مشاركتها في محادثات الاتفاقية النووية. وإذا سار كل شيء وفقًا لخطة رئيس الوزراء الجديد، فستلعب إسرائيل دورًا رئيسيًا في هذا القرار.

فواد شهبازوف - منتدى الخليج الدولي







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي