يديعوت: نحن أم شركاؤك؟.. الصفقة التي يعرضها الأمريكيون على نتنياهو

2023-02-03

نتنياهو رد بالإيجاب، ودوماً ما يرد بالإيجاب في مثل هذه المفترقات. وبالتوازي، يرد بالإيجاب لمطالب شركائه من اليمين (أ ف ب)

جدول الأعمال الدولي لإدارة بايدن مليء جداً. على الرغم من ذلك، زار إسرائيل في الأسبوعين الأخيرين تباعاً ثلاثة من كبار مسؤولي الإدارة: وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ورئيس السي.اي.ايه بل برانس. لو دار الحديث عن ثلاثة إسرائيليين وصلوا في سلسلة زيارات لواشنطن – وزير الخارجية ايلي كوهن، رئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي ورئيس الموساد دادي برنياع، لقلنا إنهم يتنافسون على العناوين الرئيسة. لكن الأمريكيين يعملون بشكل مختلف. فقد جاءوا ليفحصوا إمكانية عقد صفقة رزمة مع نتنياهو.

بصيغة غليظة، تبسيطية، هذه هي الصفقة: مقابل تعاون أمريكي حيال إيران والسعودية، يذيب نتنياهو وعوده ووعود شركائه الانتخابية، ويهدئ المنطقة، ويحافظ على الوضع الراهن في الحرم، ويعزز السلطة الفلسطينية ويلجم الاستيطان. تتصرف الحكومة في كل هذه المواضيع في إطار الخطوط الحمراء التي تضعها الإدارة الأمريكية.

 يدور الحديث عن سلسلة تفاهمات، سرية وشبه سرية. ليس احتفالاً لامعاً في صيغة صفقة القرن لترامب، بل خطوة سياسية ذات آثار في الساحة الإسرائيلية الداخلية.

 نتنياهو رد بالإيجاب، ودوماً ما يرد بالإيجاب في مثل هذه المفترقات. وبالتوازي، يرد بالإيجاب لمطالب شركائه من اليمين. لقد درج الأمريكيون على القول عن أناس من نوعه إنهم يتحدثون من طرفي الفم.

 سجل تقرب كبير بين الدولتين في المسألة الإيرانية في الأشهر الأخيرة. فقرارهم أن ينقلوا مسيرات لروسيا تخدمها في الحرب في أوكرانيا جعلت إيران طرفاً فاعلاً في حرب تحظى بإجماع لدى الرأي العام الأمريكي. روسيا بوتين هو عدو؛ والآن إيران خامنئي أيضاً عدو. المفاوضات على استئناف الاتفاق النووي الذي حتى قبل القصة الأوكرانية كان غارقاً عميقاً في الثلاجة، انتقل إلى تجميد عميق. فقد كان يفترض بروسيا أن تؤدي دوراً مركزياً في إخلاء اليورانيوم من إيران. الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا وألمانيا، القوى العظمى الغربية الأربع التي وقعت على الاتفاق الأصلي، فقدت ما تبقى من ثقة بها بسبب الغزو لأوكرانيا.

والاحتجاج الذي في إيران عبر وسائل الإعلام الغربية ساعد في هذا الأمر. متظاهرات يضربن وتمتن؛ ومتظاهرون يدانون ويشنقون. إيران مصيبة تسويقية في هذه اللحظة.

تقترح الولايات المتحدة على إسرائيل تعاوناً واسعاً في أعمال سرية وشبه سرية داخل إيران – ليس حرباً. إذا قررت إيران تجاوز الحافة النووية، فستفكر أمريكا بخطوات أخرى. وترى إسرائيل في ذلك بشائر طيبة.

المشورة التي تبناها نتنياهو

محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، يطرح شروطاً غير سهلة في الطريق إلى تقدم التطبيع مع إسرائيل. على نتنياهو أن يعطيه ضوءاً في الساحة الفلسطينية. فضلاً عن هذا، يحتاج للوصول إلى مصالحة بينه وبين إدارة بايدن. هذا يعني إقراراً في الكونغرس لصفقة سلاح هائلة أعدت في عهد ترامب؛ وتجاهل المس بحياة الإنسان في اليمن وبحقوق الإنسان في السعودية؛ وبساط أحمر في البيت الأبيض.

بايدن يمقت بن سلمان وقضاياه. على الرغم من ذلك، ربما يسحره احتفال تطبيع في ساحة البيت الأبيض بين إسرائيل والسعودية. العارفون بالأمور يحددون الكونغرس كالمشكلة الأساسية. الديمقراطيون يعارضون ذلك بسبب خاشقجي؛ والجمهوريون بسبب الربح المتوقع للرئيس الديمقراطي. والمطلوب جهد مشترك من البيت الأبيض ونتنياهو. لن يكون هناك جهد مشترك إذا ما عربدت الحكومة في الموضوع الفلسطيني.

نقترح عليك التركيز على الموضوع الإيراني، قال الأمريكيون لنتنياهو. ربما تحظى فيه بإنجاز تاريخي. وستكون السعودية هي العلاوة. بالمقابل، يمكنك الانشغال في خطوات ضم في الضفة، وصدامات في الحرم، وانقلاب قضائي يلقي بظله على تشخيص إسرائيل كدولة ليبرالية ديمقراطية وتبث للعالم عدم استقرار عضال. قرر من أنت وماذا تريد.

 في الكنيست، وربما في الجمهور أيضاً، أغلبية لكل واحد من البديلين، لكن ليس فيها أغلبية لكليهما. يبدو هذا غريباً، لكنه الواقع. كل محاولة للتركيز على القناتين – إعطاء الأمريكيين ما يريدون وإعطاء سموتريتش وبن غفير والحريديم ما يريدون – ستؤدي بالضرورة إلى انفجار، داخلي وخارجي. يحاول نتنياهو السير بين القطرات. يطلب تمديداً آخر لإخلاء الخان الأحمر، على أمل أن يسجل له الأمريكيون نقاط استحقاق، لكنه يعد بأن يعطي المستوطنات شيئاً قريباً. يحاول إقناع سموتريتش بنقل مال السلطة الفلسطينية التي تدينها إسرائيل لها، لكن يسمح له بنشر أنه اقتطع الدفعات المالية التي تحولها السلطة إلى عائلات القتلى والسجناء (منذ 2018 يذهب المال المقتطع إلى التجميد. السلطة لا تراه في كل حال. بعض منه سيضخ الآن إلى عائلات مصابي العمليات العدائية ممن رفعوا دعاوى ضد السلطة في إسرائيل).

 مشورة واحدة تبناها نتنياهو: التركيز على الأمر الأساس. يخيل أنه يفهم الآن بأن الفوضى التشريعية التي جاء بها ائتلافه – من مشاريع قوانين جديدة في كل يوم، وتعسفية، وقطاعية، في حالات عديدة مهملة ومثيرة للحفيظة – لا تأتي له إلا بالضرر. نزعة التدمير بحاجة إلى لجم وقطع. تصفية البث الجماهيري مثلاً قد تنتظر. ستكون فرص أخرى. وهو يسعى الآن للتركيز على جملة قوانين أخرى، قوانين لخصي جهاز القضاء. يسعى، لكن للفوضى التي خلقها قوانين خاصة بها.

 

بقلم: ناحوم برنياع

 يديعوت أحرونوت 3/2/2023







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي