من بحرِ غزَّة إلى نهرِ آيوا

2023-02-07

يحيى عاشور

غير آبهٍ بزرقة السماء

أجلسُ أمامَ النهرِ على مقعدٍ خشبي

يُقابلُ نافذةَ غُرفتي في الفندق

تفصلُنا بِضعة أمتارٍ فقط عن بعضنا

على يساري جِسرٌ صدِئ

وعلى يميني جِسرٌ يصدأ

وحولنا أشجارٌ تُثقلُ غابةَ قلبي

ستصدأُ قريباً.

نهرُ آيوا الأخضر يسعى بهدوءٍ

غيرَ آبهٍ بِزرقةِ السماء ولا حتّى الشمس

سلامٌ صافٍ

لا يُعكِّرُ صفوَهُ شيءٌ سوى خطواتِ طلبةٍ

 لا يبحثونَ عن غريبٍ مثلي يُعكِّرُ صفوهم.

أعودُ كُلَّ مرَّةٍ

أحاولُ تعلُّمَ لغةِ هذا النّهرِ النحيل

وكم يُوجعُ قلبي أنَّهُ ليسَ بوسعي أنْ أُعلِّمَهُ شيئاً

أنا الذي جئتُ من بلدِ البحرِ الكبير.

استسلمتُ أخيراً

ووقفتُ فوقَ الجسر، تحتَ الشمس

أقول في نفسي:

على الأقل، ظلّي يسبحُ في النهر...

■ ■ ■

من بحر غزة إلى نهر آيوا

عصيٌّ أنْ تبكي أمامَ بحرٍ

بِقدرِ أنْ تبكي لِأبيك

رغمَ أنَّ البحرَ أَشبهُ بِأم.

هيّنٌ أنْ تبكي أمام نهرٍ

بِقدرِ أنْ تبكي لِأمك

رغمَ أنَّ النهر أَشبهُ بأب.

■ ■ ■

أنْ أهنأَ بالعشب

أنا الذي طالما مشيتُ على إسمنت

ومشيتُ على رملٍ أيضاً

آنَ لي أنْ أهنأَ بِالعشب

وأتقلَّبَ فيه كما لو أنَّهُ ثلج.

شاعر من فلسطين







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي