واشنطن بوست: الدرس المهم من زيارة شي إلى موسكو هو هيمنة الصين على منطقة أوراسيا

2023-03-22

ويشير إغناطيوس إلى أن قوة الصين الصلبة في الفضاء والسايبر والروبوتات والذكاء الاصطناعي، ستقزّم القوة الروسية (ا ف ب) 

تحت عنوان “هذه هي الدروس الحقيقية من لقاء شي- بوتين الاستعراضي”، قال المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس، إن الإستراتيجيين في البنتاغون، طالما قسّموا العالم بين شرق وغرب، حيث تنتشر القوات الأمريكية في أوروبا تحت القيادة المركزية، وأيضا قيادة المحيط الهندي- الهادئ (إندو- باسيفيك).

وبالنظر للقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإننا نتساءل إن كانت القيادة المركزية الأمريكية في أوروبا قادرة لوحدها على التعامل مع التهديد المندمج، فربما يحتاج البنتاغون إلى قيادة أوراسيا (أوروبية- آسيوية)  للتعامل مع التهديد المتكامل.

وأضاف الكاتب أن الخبر الرئيسي هو عن “صين قوية تساند روسيا ضعيفة”، وهو ما يكشف عنه لقاء الزعيمين هذا الأسبوع.

والتناقض هنا هو أن الرئيس الروسي غزا أوكرانيا في محاولة منه لتقوية بلده في أوروبا، ولكنه جعلها أضعف، وأوقعها تحت تأثير الصين، إلا إذا حدث أمر في مرحلة ما بعد أوكرانيا، وحلّ محل بوتين زعيم ميال للغرب. وهذا هو الدرس الأكبر لزيارة شي الأخوية إلى روسيا، أي تقوية جناح فيها ضد أمريكا والغرب.

وقال الكاتب إن هيمنة الصين على روسيا ستأخذ الكثير من الأشكال في السنوات المقبلة. وبسبب غزوها المتهور، خسرت روسيا أسواق الطاقة في أوروبا، مما يعني اعتمادها وبشكل متزايد على الطلب الصيني والزبائن في آسيا. وزاد التأثير الاقتصادي الصيني في وسط آسيا وفي أقاصي الشرق الروسي.

ويشير إغناطيوس إلى أن قوة الصين الصلبة في الفضاء والسايبر والروبوتات والذكاء الاصطناعي، ستقزّم القوة الروسية. وتركزت خطة إنقاذ شي لروسيا على خطة سلام يمكن أن توقف النزيف في أوكرانيا. فقد اقترح شي اتفاقا لوقف إطلاق النار يمكن أن يجمّد مكاسب روسيا من الغزو غير الشرعي لأوكرانيا.

وهي خطة غير مقبولة لأوكرانيا والولايات المتحدة، ولن نعرف إلا بعد عدة أيام إن كان شي سيهاتف زيلينسكي بطريقة تفتح الباب أمام عملية سلمية تفاوضية. ويبدو هذا غير راجح، لكن التسوية التي رعاها شي بين إيران والسعودية، كانت كذلك.

ويقول إغناطيوس إن تقديم الرئيس الصيني نفسه كصانع سلام، يضعه في موقع قوي لاتخاذ مواقف أكثر شدة لو رفضت أوكرانيا اتفاق وقف إطلاق النار. وربما يقدم ذخيرة لروسيا على أساس أنه يحاول تعديل ميزان المعركة، أو يحاول تعبئة الدول في عالم الجنوب مثل الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل للضغط على أوكرانيا من أجل وقف القتال.

ويريد شي أن تكون له اليد العليا، والتأكيد على حرمة ميثاق الأمم المتحدة حتى بعد دعمه روسيا وهي تمزق الميثاق بغزوها أوكرانيا. وهو نهج يدعو على العار مع أنه يظل دبلوماسية ذكية، وفق رأي الكاتب.

ويعلق إغناطيوس أن ظهور الصين كزعيمة لكتلة أوراسيا يمثل تحديا للمخططين الاستراتيجيين الأمريكيين. فقد ظل الفصل بين الصين وروسيا هدفا استراتيجيا للولايات المتحدة. وكانت زيارة ريتشارد نيكسون ومستشاره للأمن القومي، هنري كيسنجر، للصين عام 1972 بهدف دق إسفين بين البلدين. وكانت إدارة بايدن تهدف بطريقة معاكسة إلى تلطيف العلاقة مع روسيا لكي تركز على الصين كما بدا في قمة جنيف عام 2021، ولم ينجح هذا كما تحدث البيت الأبيض بلطف.

وأصبح شي الآن في مركز المثلث، وليس الولايات المتحدة. فهو يلعب على الخلاف المرّ بين أمريكا وروسيا، فهو يساعد بوتين، ولكنه يحتفظ بخطوة بعيدا عنه. وقام شي برعاية مصالحة سعودية- إيرانية، وهو أمر لم تكن الولايات المتحدة قادرة على تحقيقه.

 ورغم فرحة بوتين بالوهج الذي حمله شي هذا الأسبوع، إلا أن الزيارة تذكّر بما وصل إليه الزعيم الروسي من عزلة. في المقابل، يستقبل الرئيس بايدن زعيما أجنبيا كل أسبوع.

ولكن زيارة شي الهادفة للاطمئنان على صحة صديقه، ستعطي بوتين دفعة نفسية ومعنوية وتزيد من شعبيته بين مواطنيه، لكن روسيا تقف وحيدة، باستثناء دعم الصين وعدد من الدول القليلة لها.

ولو كان هناك سبب يدعو إلى نجاح أوكرانيا، فهو النظر إلى صورة شي وعنوان مثل “رئيس أوراسيا” وهو يقف تحت الصور ووسط الأبواب الذهبية والسجاد الأحمر للكرملين. وفي الحد الأدنى، فقد أعلنت محكمة الجنايات الدولية الأسبوع الماضي عن أمر للقبض على الرئيس بوتين بتهم جرائم الحرب. وشي هو الصديق العزيز الوحيد له. والتعامل معهما بطريقة منفصلة أمر صعب، ولو أصبحا شريكين في أوراسيا، ويشتركان في منطقة سيادة في ظل العلم الصيني، فهذا أمر سيكون سيئا جدا.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي