قادرة ولا بروطة..قصة كفاح مذهلة

متابعات الأمة برس
2023-03-24

ندى ..قصة كافح مثيرة للاعجاب - الأمة برسرشا الشربيني

في مقهى مكتظ برواده؛ أقبلت علي فتاة تعتمر قبعة على الموضة مزينة بوردة صغيرة من الكروشيه، لم تكن هذه الفتاة إلا ضيفتي الُمنتظرة.
"ندى" ليست صديقتي ونحن لسنا على موعد قهوة للسمر، لكنها دخلت بكل ود لتصافحني وتحتضن كفوفي في إشارة للترحاب وبدء جلسة صحفية ولتكلم عن حالتها الصحية.
بادرتني هي بالحديث أولاً بأنها مهندسة كانت حياتها عادية فعلت ما يتوجب عليها لتنجح في المدرسة بتفوق ثم الجامعة لتتخرج مهندسة وتزوجت من زميلها لتصبح بعد ذلك أماً دون أن تكتشف نفسها وماذا تريد وما تحب؟!
سافرت للعمل في الخارج لمدة مرافقةً لزوجها واجتهدت إلى أن وصلت لدرجات رفيعة في عملها -لأنها دؤوبة- لم تدع سببا واخذت به لكن ذلك ارهقها وعادت لوطنها مع زوجها وطفلها لتبدأ رحلة جديدة.
كانت في يوم عمل عادي عندما شعرت برمش لا يود مغادرة جفنها لتحاول من جديد لكنها لم تفلح، ذهبت للطبيب معتقدة أن عينيها متأثرة بالتهاب من أثر العمل لساعات طويلة أمام شاشة إلكترونية، فطلب منها أن تفتح عينها المصابة وتغلق الأخرى وسألها عن لون الكرة التي ناولها إياها أجابت: سوداء؛ فصمت الطبيب فعاجلته كلا ربما كحلي فاقترح ان تفتح عينيها معا لتصدم بأن لون الكرة أحمر.
عندها وجهها لعمل أشعة بالرنين المغناطيسي لتكتشف تلف العصب البصري بالعين اليسرى وتضرر الآخر، حولها لطبيبة كان تخصصها هو معالجة مرض التصلب المتعدد اللويحي.
هو مرض مزمن كالسكري وضغط الدم لكن آثاره ضخمة وعميقة، فهو التهاب ينتج عن تلف الغشاء العازل للعصبونات في الدماغ والحبل الشوكي. يُعطّل هذا التلف قدرةَ أجزاءٍ من الجهاز العصبي على التواصل، مما يؤدّي إلى ظهور عددٍ من الأعراض والعلامات المرضية، منها أعراض عضوية أو إدراكية عقلية، وأحياناً تكون في صورة مشاكل نفسية. يتّخذُ التصلّب المتعدّد عدّة أشكال مختلفة مع أعراض جديدة تحدث إما على شكلِ نوباتٍ منفصلة أو متراكمة بمرور الوقت وقد تختفي الأعراض بالكامل، لكن المشاكل العصبية الدائمة تحدث في أغلب الأحيان خصوصاً إذا كان المرض في مراحل متقدمة.
لم تستسلم للمرض و قررت أن تواجه آثاره العنيفة، فبدأت ابنة الخامسة والثلاثين منذ ثماني سنوات رحلة التوعية بمرض التصلب المتعدد ثم قررت منذ سنتين أن تنشئ صفحة على فيسبوك لتدون يومياتها تحت وسم "قادرة ولا بروطة".


قالت لي: كنت أتوه في يومي وبعد ان تحولت للعمل في الأزياء لأن العصب البصري تضرر ولم استطع الاستمرار في عمل مرهق كالهندسة، فكنت اسجل على صفحتي ماذا أكلت وكيف ذهبت للنادي الرياضي فألاقي تشجيعا واكون محفزا لغيري من المرضي اللذين بدأوا في متابعتي وكانت تبحث عن مساحة طمأنينة ودعم نفسي لم تلقه
بدأت بالتعاون مع معالجين نفسيين ولاقت تشجيعا من مرضى آخرين كهبة التي صادف أنها تعمل أيضا في الهندسة وتركتها بعد سنوات طويلة لنفس السبب مرض التصلب المتعدد لتدرس الصحة النفسية وتلجأ لبدائل للكشف عن المرض.
تقول ندى مرض التصلب المتعدد هذبني وجعلني أستمع لجسمي واحتياجاته، أن ألعب الرياضة وأتناول طعاما صحيا مفيدا وأفهم نفسيتي التي لابد أن أترفق بها وبغيري.
قد يعتبر البعض المرض محنه، لكنه بالنسبة لندى كان منحة حولت حياتها من آلة تقوم بعملها وواجباتها إلى إنسانة تستمع لحاجاتها بطمأنينة والانخراط في مساعدة الآخرين في رحلة تتخللها أمواج متلاطمة من نوبات التصلب المتعدد لكن لا تخلو من اكتشاف نفسها.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي