علاقة طهران وبكين.. اختبار اقتصادي تراقبه واشنطن

متابعات - الأمة برس
2023-03-26

الرئيس الصيني شي جين بينغ مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي في بكين (أ ف ب)

اعتبر الباحث في العقوبات والجغرافيا الاقتصادية علي أحمدي، أن العلاقات بين إيران والصين تمر باختبار اقتصادي في ظل رغبة طهران في تعميقها؛ مما قد يؤدي إلى مواجهة مع الولايات المتحدة.

أحمدي أضاف، في تحليل نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أنه مع لعب الصين الآن دورا رئيسيا في دبلوماسية الشرق الأوسط، أصبحت أكثر أهمية لسياسة إيران الخارجية.

وتابع: "يبدو أن الصين تخلت عن ممارستها المتمثلة في البقاء فوق صراع الجغرافيا السياسية الإقليمية لصالح نهج أكثر استباقية يسعى إلى تقليل التوترات. لكن الانفراج في العلاقات مع السعودية يعتبر مسألة ذات أهمية ثانوية بالنسبة لإيران".

وبوساطة صينية، وقّعت السعودية (ذات أغلبية سنية) وإيران (ذات أغلبية شيعية) في 10 مارس/ آذار الجاري، اتفاقا لاستئناف علاقاتهما الدبلوماسية خلال شهرين؛ ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات، منذ أن اقتحم محتجون سفارة المملكة بطهران، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بينهم سُنة، بتهم منها الإرهاب.

علاقات متعثرة

أحمدي قال إن "رحلة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى الصين، الشهر الماضي، ربما ساعدت في تمهيد الطريق لانقلاب بكين الدبلوماسي، لكنه كان هناك أيضا لتوسيع العلاقات الاقتصادية الصينية الإيرانية المتعثرة، والتي تعد أساسية لاستراتيجية إيران الأكبر "للتوجه نحو الشرق"، وكذلك لنهجها تجاه الغرب والعقوبات الأمريكية".

ويفرض الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، حزمات من العقوبات على إيران بسبب برنامجيها النووي والصاروخي.

وأردف أحمدي: "بالنسبة لإيران، وخاصة كوادرها المحافظين البارزين، ترتبط طموحات البلاد الاقتصادية وأولويات السياسة الخارجية، بشكل متزايد، بما إذا كانت العلاقة مع الصين يمكن أن تصل إلى كامل إمكاناتها".

وأضاف أن "الغرض الرئيسي من زيارة رئيسي للصين كان وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقات لبدء تفعيل وثيقة التعاون الطموحة إلى حد كبير، والتي تبلغ مدتها 25 عاما والموقعة في 2021. ولتحقيق هذه الغاية، تم توقيع صفقات جديدة لتعزيز التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية".

وأفاد بأن القمة بين الرئيس الصيني شي جين بينج ورئيسي انعقدت في ظل "عدم إحراز تقدم في السنوات الأخيرة، إذ انخفضت الاستثمارات الصينية في إيران بشكل حاد منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي (عام 2018)".

وتابع أن "الصين استثمرت 185 مليون دولار فقط في مشاريع إيرانية منذ وصول إدارة رئيسي الجديدة إلى السلطة (في 5 أغسطس/ آب 2021)، بينما تعهدت العام الماضي بتقديم 610 ملايين دولار لمشاريع في العراق".

كما أن "تدفقات التجارة الصينية مع دول أخرى في المنطقة، مثل السعودية، تتجاوز بشكل كبير التجارة الصينية الإيرانية، وألمح رئيسي إلى هذه القضايا بإيجاز في تصريحاته قبل مغادرته إلى بكين"، بحسب أحمدي.

وأوضح أحمدي أن "العمل الصيني في مجال الهيدروكربون في إيران يواجه مشاكل مستمرة، وبينما كان رئيسي في بكين تم الإعلان عن انهيار مفاوضات شركة النفط الصينية العملاقة سينوبك بشأن مشروع استخراج النفط".

العقوبات والمخاطر

وأسفرت القمم السابقة بين الصين وإيران، بحسب أحمدي، عن توقيع مذكرات تفاهم لم تُترجم إلى عمل جاد، و"أهم عائق أمام تعزيز العلاقات الصينية الإيرانية هو أن الشركات الصينية الخاصة والتي ترعاها الدولة، ولا سيما التي تتعرض بشكل كبير للأسواق الغربية، ليس لديها الرغبة نفسها في تجاهل العقوبات الأمريكية مثل الحكومة الصينية".

وتابع: "حتى أن إيران لديها 20 مليار دولار من الأموال المجمدة في البنوك الصينية بسبب العقوبات الغربية، ويُقال إن الحكومة تسمح الآن لطهران بالاستفادة من هذه الأموال كجزء من حزمة الحوافز التي تسبق الانفراج بين إيران والسعودية".

وأردف: "بالنظر إلى أنه من غير المرجح أن تكون هذه الخطوة حصلت على تصريح من وزارة الخزانة الأمريكية، فسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف ستتصرف واشنطن".

وقال أحمدي إن "إدارة رئيسي جعلت الحد من التوترات مع دول الخليج العربي أولوية، ونجحت جزئيًا في تحقيق هذا الهدف، وهي استراتيجية تهدف أيضا على الأرجح إلى تقليل تصور الصين للمخاطر نحو مزيد من الانخراط (الاقتصادي) مع إيران".

و"سيكون هناك اهتمام كبير بشأن ما إذا كانت الاتفاقات الموقعة في بكين، خلال زيارة رئيسي، سيتم تنفيذها بالفعل، وهذا أهم اختبار حتى الآن للعلاقات الصينية الإيرانية، وسيكون له تأثير عميق على مسارها مستقبلا"، بحسب أحمدي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي