الجزائر تفتح باب الاستيراد أمام القمح الروسي  

2020-10-23

 

تتجه فرنسا إلى خسارة إحدى أهم أسواقها، بعدما فتحت الجزائر الأبواب أمام القمح الروسي، بتعديل شروط شرائه من السوق الدولية، بما يُتيح استيراد القمح المنتج في حوض البحر الأسود.

وبعدما ظلت فرنسا مسيطرة على واردات الجزائر من القمح لعقود، جاءت تصريحات الديوان المهني الجزائري للحبوب، بأن "الجزائر تريد من الروس أن يكونوا أكثر جرأة إذا كانوا يريدون دخول سوق القمح"، لتعلن بداية مرحلة "ضياع" أهم سوق للقمح الفرنسي، بخاصة بعدما رد نائب وزيرة الزراعة الروسي، سيرغي ليفين، بالقول إن موسكو قادرة على بدء المشاركة في مناقصات القمح، بعد "تسهيلات جزائرية".

وخففت الجزائر المواصفات الخاصة بإصابة القمح بالآفات بشكل يسمح بدخول قمح منطقة البحر الأسود، حيث رفعت في سبتمبر (أيلول) الماضي، الحد المقبول للإصابة بحشرة البق إلى 0.5 في المئة، بعدما كان 0.1، في مناقصات شراء القمح الذي يحتوي على بروتين بنسبة 12.5 في المئة.

تمسك بالسوق التقليدية أيضاً

أستاذ الزراعة والاقتصاد الزراعي في فرنسا، لطفي غرناوط، يعتبر أن حصة القمح الفرنسي من واردات الجزائر متغيرة، وتمثل نحو 56 في المئة كمتوسط، وقد بلغت 27 في المئة عام 2016، وارتفعت إلى 68 في المئة عام 2018، ويرى أنها حصة "متقلبة جداً، ومتعلقة بالإنتاج ومدى نجاح المواسم الزراعية في البلدين"، موضحاً أنه في ظل ارتفاع فاتورة الاستهلاك وتأخر إقلاع الاقتصاد الجزائري بسبب اعتماده على التصدير أحادي الجانب، أي على النفط الذي يغطي 85 في المئة من الواردات الجزائرية، وكذا تقلبات سوق النفط، واستمرار حملة مكافحة الفساد في الديوان الجزائري المهني للحبوب، وسياسة عقلنة الاستيراد، فإن الجزائر قررت تنويع مصادر استيراد القمح بتغيير الشروط المحددة لجودته، الأمر الذي فتح الباب أمام القمح الروسي الذي يُعد تنافسياً من حيث السعر، على الرغم من أنه أقل جودة من نظيره الفرنسي.

ويضيف غرناوط، أن معيار الجودة يبقى الأهم في واردات الجزائر، وهو ما لا يمكن لروسيا ضمانه اليوم، ما يجعل الجزائر تتمسك بسوقها التقليدية في فرنسا وأوروبا، وهذا ما أكدته آخر مناقصة طرحها الديوان الجزائري المهني للحبوب في أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لاقتناء حصة 500 ألف طن، حيث وقع الاختيار رسمياً على السوق الأوروبية، مقسمة بين فرنسا وألمانيا والبلطيق.

ويشير إلى أن دفتر الشروط الجزائري بخصوص الحبوب يعتمد على معايير الجودة العالية والسعر المنخفض كأولوية في انتقاء الأسواق، و"القمح الروسي غير قادر في الوقت الحالي على المنافسة، على الرغم من تخفيف الشروط".

وتُعد الجزائر الزبون الأول لفرنسا بواردات تصل إلى ثلث صادراتها من القمح خارج أوروبا، على الرغم من تراجعها إلى النصف خلال العام الحالي، من 5 ملايين طن إلى 2.

وتحتل الجزائر المرتبة الثالثة عالمياً في استيراد القمح، وتبلغ نسبة الاستهلاك الفردي 100 كيلو غرام سنوياً، وهو ضعف المعدل المسجل في الاتحاد الأوروبي وثلاثة أضعاف المعدلات في دول العالم الأخرى، مقابل إنتاج محلي يقدر بنحو 5.3 ملايين طن، بعد زيادة المساحات الزراعية بنحو 20 في المئة.

جس النبض

وفي السياق، يرى الصحافي الاقتصادي محمد وليد مدكور أن الجزائر تجس نبض روسيا، ولم تنتقل بعد إلى مرحلة الاستيراد. ويقول إنه على الرغم من تخفيف بنود المناقصات فإن الموردين الروس لا يستطيعون الاستجابة للتعديلات الجزائرية، لكنه يشير إلى بروز مؤشرات إيجابية من الطرف الروسي بعد تصريح نائب وزيرة الزراعة بإمكانية دخول بلاده المناقصات.

ووفق مدكور، فإن الجزائر بخطوتها هذه تبحث عن سوق جديدة في روسيا لتصدير الخضار والفاكهة، وإقامة شراكات "رابح - رابح" مع موسكو.

ويتساءل مدكور: "هل هناك فعلاً استراتيجية لتقليص استيراد القمح اللين والصلب والذرة؟"، موضحاً أن توجه الجزائر للاستيراد من دول أخرى يكشف عن غياب إرادة بالتخلي عن استيراد هذه المادة، وكذا إهمال الشتلات الجزائرية للقمح الصلب التي اشتهرت بها مناطق شرق البلاد. ويضيف أن "التبعية لفرنسا في مسألة القمح صعب الخروج منها في مدة قصيرة، بسبب وجود لوبي يدافع عن هذه المصالح".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي