من طبيب نوم.. إليك 5 نصائح لتنام بشكل أفضل

2020-11-10

لم أكن أنوي أن أكون طبيب نوم، عندما فكرت في أن أكون طبيباً افترضت أني سأكون طبيب أمراض قلب، إذ كان بإمكاني أن أرسم بكل سهولة رسمة للقلب دون النظر، كنت مطمئناً أن هذه هي تذكرة الأمان لدخول كلية الطب.

وعندما بدأت أدرس الطب في كلية ظلت رغبتي في دراسة الطب متماسكة، لكن أعجبت بكل الفروع. تغير مساري عندما قابلت طبيباً كان بحاجة لمساعد في عمل بحثي عن النوم، وفي منتصف حديثه فتنت بالأمر. موجات من المخ، ونواقل عصبية، وأحلام، وتجارب. تضمن البحث دراسة نوم وتنفس خنازير يوكاتان الصغيرة، وكانت إحدى أولى مهامي الوظيفية هي شراء شحم لتسمين الخنازير، كان المجال مفتوحاً وغير مستكشف.

ومنذ ذلك الوقت، وعلى مدار 28 عاماً مضت، قضيت وقتي في إنهاء كلية الطب، وأصبحت عالم أعصاب وأخصائياً، وكانت ممارسة طب النوم مجزية جداً، إذ كانت مليئة بالتقدم الذي أحققه مع المرضى وفي مجال طب النوم.

 لكن جاء عام 2020، الذي كان أشبه بسقوط نظام النقل الخاص بالسيارة بالكامل على الطريق. وفي خلال أسابيع انقلبت الحياة التي نعرفها رأساً على عقب، وتسبب ذلك في مأساة، وارتباك العوام، وصعوبات لم نكن نتخيلها، وانقسامات. فقبل عام 2020 كان أكبر ما يشغلني هو سبب غياب فرقة Duran Duran عن قاعة مشاهير الروك آند رول، وبعد ظهور كوفيد-19 والفاجعة التي أعقبته تأثّر كل العالم سلباً بطريقة أو أخرى، فلم أشهد معدلات توتر مثل هذه من قبل لدى مرضاي.

والتوتر عامل مهم إذا كنت تعمل في عيادة طب نوم، مثلما تتغذى الحرائق على الأكسجين فالعديد من مشاكل النوم مثل الأرق تقتات على القلق. وهناك أسئلة مثل "هل سيذهب أبنائي إلى المدرسة؟"، أو "هل سأحصل على وظيفة ومصدر دخل لأسرتي؟"، أو "هل سأحتفظ بعملي ومنزلي؟"، أو "كيف يمكنني حماية نفسي وعائلتي من المرض، بينما يبعث القادة بسلسلة لا نهاية لها من الرسائل المتضاربة؟". يمكن لهذه الأسئلة أن تكون وقوداً لإحراق الفرص الجيدة للنوم. وبالتالي، كيف يمكنك البدء في تعديل نوم شخص مؤشر التوتر لديه يتحرك بسرعة جنونية؟

أولاً إليك بعض الأخبار الجيدة.

النصيحة الأولى: الجميع ينام. إنها حاجة بيولوجية أساسية، لا يوجد من قرَّاء هذا المقال من هو معرض لعدم النوم مرة أخرى للأبد، يومياً أحظى بفرصة العمل مع جميع أنواع المرضى. إحدى أولى الجمل التي أسمعها من الكثير من الناس هي: "أتناول الحبوب المنومة منذ أشهر، أو سنوات، أو حتى عقود ولا يمكنني النوم دونها".

وهذا يأخذني للنصيحة الثانية: الجميع قادر على النوم دون حبوب منومة، إنها حل مؤقت، وأظهرت دراسات محكومة أنها ليست مفيدة في علاج الأرق. إن كنت لا تصدقني فلا بأس، يمكنك دائماً الاتصال بالطبيب الذي وصف لك هذه الحبوب وتسأله سؤالاً بسيطاً: "هل هذه الحبوب التي تعطيني إياها ضرورية جداً للنوم؟".

لكن كيف نسيطر على موقف خارج السيطرة؟ إحدى أكبر المشكلات التي تواجه الناس في هذه الجائحة هي غياب النظام الروتيني، فالآن أصبح منزلي، ومكان عملي، ومدارس الأطفال، والجامعة، وصالة الألعاب الرياضية، والمطعم المفضل، وأماكن الإجازة كلها في المكان نفسه، لم نعد نذهب لأي مكان.

لسنا بحاجة للاستيقاظ لنصطحب الأطفال إلى المدرسة، إنهم يتعلمون حساب المثلثات في الأسرَّة في الساعة العاشرة صباحاً، ولم يعد الكثير منا ينتقل إلى عمله، إذ نستيقظ حرفياً في غرفة الاجتماعات. وعندما يبدأ العمل لا يوجد ما يمنعنا من القيلولة لمدة ساعتين بين الاجتماعات على تطبيق زووم، أو الغداء في الساعة 4 عصراً.  لسوء الحظ كل هذه النشاطات تلعب دوراً حيوياً في مساعدة عقولنا على فهم الوقت المناسب للنوم.

موضوع يهمك : طبيب يكشف أكثر ما يخيفه في الفيروس التاجي

إذا كنت تعاني حالياً مع النوم فغياب السيطرة هو مركز هذه المشكلة على الأغلب، أنت في السرير، الآن منتصف الليل، لكنك لا تزال مستيقظاً، بالنسبة للبعض لا يشكل هذا مصدر قلق، وبالنسبة للآخرين، ومن بينهم الكثير من المترددين على العيادة، هي تجربة محبطة وتشعرهم بالعجز.

إليك إذاً النصيحة الثالثة: اعمل على تثبيت وقت للاستيقاظ، وحافظ على هذا حتى في عطلات نهاية الأسبوع أيضاً. حافظ على نظام في مواعيد الوجبات، وجداول التمارين، وتخلَّص من القيلولة في أوقات عشوائية، إنها تغييرات أنصح بها المرضى، وتشكل خطوة كبيرة جداً في اتجاه نوم أفضل.

وبين مواعيد الوجبات الجديدة وفصول التمارين الرياضية خارج المنزل التي تراعي التباعد الاجتماعي، فإنّ تعلم المزيد من استراتيجيات التعايش مع التوتر يمكن أن تعود بالنفع علينا جميعاً.

وهذه هي النصيحة الرابعة: تخيل نفسك مستيقظاً الليلة في منتصف الليل، ولن تعود إلى النوم على الفور، كيف تشعر باستحضار هذا المشهد، هل يمكنك أن تتعلم قبول هذا، هل يمكنك أن تتعلم احتضان هذا؟ ربما يمكنك أن تقضي هذا الوقت في التأمل، أو يمكنك حتى الاستمتاع بذلك الوقت.

من الصعب ألا تركز كثيراً على النوم، فالأخبار عن النوم، ومخاطر ألا تنام لوقتٍ كاف موجودة في كل مكان، وهذا حقيقي، فالحرمان من النوم ليس صحياً، وتذكر أنّ الأرق، ووجود مشكلة في الدخول في النوم أو النوم المتقطع لا تتساوى مع الحرمان من النوم. مَن يُحرمون من النوم تكون لديهم عادة مشكلة عكسية، وهي أنهم يعانون للبقاء مستيقظين.

وعندما تقرأ مقالات عن الحرمان من النوم تذكر أن هذه المقالات موجهة في العموم للأفراد الذين يضحون بالنوم من أجل العمل في وظيفتين، أو الآباء الذين يعانون من جداول فوضوية للغاية بسبب أنماط نوم أطفالهم، ولا يمكنهم النوم لفترات كافية، الأمر يستحق أن تستغرق وقتاً في تقييم عاداتك، وأسلوب حياتك، وأنماط النوم.

وفي الوقت الذي يُعرف خلاله الشخص بمركزه في مجموعة من الأطياف، أقترح أن نضيف طيفاً جديداً، وهو طيف النوم.

وهذه هي النصيحة الخامسة: إذ أنصح الجميع بأن يكونوا في وسط هذا الطيف.

عليك تقدير النوم، واحترامه، وجعله في قمة أولوياتك، وإذا كنت ممن يفكرون في أنه لا بأس من النوم لثلاث أو أربع ساعات في الليل، فأخشى أن تكون على خطأ، لأن قدرتك على فعل هذا لا تعني أنك يجب أن تفعله، لكن لا تخشى عدم النوم لمدة كافية، وعندما ينحرف نظام النوم لديك فلا تفزع أو تقلق من الموقف، فأنت إنسان، وهذا سيحدث من وقتٍ لآخر.

فسوف تُعدّل السفينة مسارها دائماً، وسيغلبك النوم ولو بعد حين.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي