أجنحة الحشرات تلهم علماء ألمانا لتطوير أنظمة الطيران المتقدمة

متابعات الامة برس:
2021-03-31

الصغير محمد الغربي: مرنة وخفيفة وقوية بشكل مذهل، هكذا وصف باحثون في دراسة علمية جديدة، الخصائص التي تجعل أجنحة الحشرات ذات كفاءة عالية في الطيران، وبينوا أن الجمع بين هذه الخصائص معا يمكن أن يفتح إمكانات جديدة في إنتاج مواد مصنعة تتمتع بالخصائص نفسها، وتطوير الأنظمة التقنية للطيران.

وأوضح فريق الباحثين المنتمي لـ"جامعة كيل" (Kiel University) الألمانية أن الجمع بين المفاصل المرنة وموانع التسرب الميكانيكية و"مناطق الالتواء" يجعل أجنحة الحشرات فعالة ومقاومة للصدمات.

وتمكن مؤلفو الدراسة المنشورة مؤخرا في دورية "أدفانسد ساينس" (Advanced Science)، عبر نقل هذه الميزات إلى نماذج طائرات مطبوعة ثلاثية الأبعاد، من إثبات قدرة النموذج المصمم على الطيران بكفاءة عالية.

ميزات مذهلة

وبحسب بيان للجامعة، يذكر الباحثون أن اليعاسيب والنحل والكائنات المشابهة لها تطير في الهواء باستخدام هياكل خفيفة الوزن؛ لكنها قوية بشكل مذهل، إذ تشكل أجنحتها عادة حوالي 2% فقط من الكتلة الإجمالية للحشرات.

ويمكنها في الوقت نفسه تحمل الأحمال الثقيلة والاصطدامات المتكررة مع عوائق مثل الزهور أو الأوراق أو الأغصان بدون أضرار كبيرة.

وتتكون أجنحة الحشرات من عروق ذات غشاء ممتد بينها، وتمكّن الوصلات الدقيقة، التي تربط العروق، الأجنحة من الانحناء تحت الحمل المنخفض.

وتوفر هذه التركيبة قدرة الهيكل على تحمل الأحمال على المدى الطويل؛ لكن مع زيادة الضغط، تتوقف حركة الأجنحة عن طريق تموجات مجهرية تقع على المفاصل الرقيقة، وأوضح الباحثون أن هذه "المقابس" تدعم الأجنحة ضد الأحمال الثقيلة.

تحديات تقنية

وحتى الآن، لم تنجح التكنولوجيا البشرية في الوصول إلى تصنيع مواد تكتسب جميع هذه الخصائص في الوقت نفسه.

فهي عادة ما تكتسب خاصية واحدة فقط، إما أن تكون صلبة لتستطيع تحمل الأحمال الكبيرة، مثل المكونات الهيكلية المستقرة في المباني، أو أن تكون مرنة ومقاومة للكسر بشكل خاص في حال الاصطدامات.

يقول الباحثون إن دمج كلتا الميزتين بشكل أفضل، سيتيح تطوير هياكل تقنية أكثر كفاءة، وتمتلك قدرة على التأقلم مع ما تتطلبه الظروف المحيطة.

لكن الأساليب التي طورها العلماء والمهندسون في السابق للجمع بين الميزتين ظلت إلى حد اليوم معقدة ومكلفة، وبالتالي غير مناسبة للاستخدام على نطاق واسع.

استلهام من الطبيعة

وكجزء من دراستهم، قام الباحثون بمحاكاة هذه العناصر الميكانيكية الحيوية في نموذج من الطائرات المنتجة، بواسطة الطباعة ثلاثية الأبعاد، يبلغ طوله 8 سنتيمترات ووزنه 3.8 غرامات، وتمكنوا من خلال هذا النموذج إثبات كفاءتها الفنية وإمكاناتها التي اكتسبتها بفضل تلك الخصائص.

وقام الباحثون أثناء التجارب بتزويد الأجنحة بأنظمة متماثلة وظيفيا مع وظيفة المفاصل الرقيقة والسدادات والمناطق الملتوية لأجنحة الحشرات.

وأثبتوا من خلال الاختبارات التي أجروها على النموذج، أن الأجنحة ذات الميزات المستوحاة من العناصر الحيوية تنجو من الاصطدامات، بينما تحطمت نماذج الطائرات التقليدية.

إضافة إلى ذلك، اختبر العلماء العديد من النماذج المعدلة، التي أغفلوا فيها إحدى الميزات الأساسية الثلاثة (المرونة والخفة والقوة)، وأثبتوا أن جميعها ضروري لضمان توفر الكفاءة المذهلة الموجودة في أجنحة الحشرات.

ووفق الباحثين، فإن قابلية تحويل الميزات البيولوجية، التي تتمتع بها أجنحة الحشرات، إلى ميزات تقنية، تتيح تطوير مجالات واسعة من التطبيقات. ويتمثل أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في أن العناصر الهيكلية في الأجنحة تعمل بشكل مستقل دون الحاجة إلى طاقة إضافية.

ويمكن أن يساعد هذا في بناء أنظمة تقنية تتكيف بشكل مستقل مع الظروف المتطرفة أو غير المتوقعة في البيئات، التي لا يستطيع فيها البشر التدخل بشكل فوري ومباشر، مثل رحلات الفضاء، كما يقول المؤلفون.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي