بطريقة مبتكرة.. سودانيون يحاربون العنصرية

2021-06-22

محمد علي

ينظم ناشطون في عدد من المدن السودانية مبادرة لمكافحة العنصرية، إحدى الظواهر السلبية التي اجتاحت المجتمع السوداني خلال الفترة الأخيرة.

وانطلقت المبادرة الاسبوع الماضي من مدينة نيالا بمنطقة دارفور، حيث نظم الشباب مسيرة شاركت فيها مئات السيارات التي زينت بأعلام وشعارات تدعو للتعايش السلمي بين القبائل. وامتدت التظاهرة إلى مدن أخرى من بينها العاصمة الخرطوم.

وخلف الاقتتال القبلي في السودان أكثر من 200 قتيل في العام 2020، موجها ضربة للآمال التي سادت بعد الثورة التي أطاحت بنظام عمر البشير في أبريل 2019، والذي لعب كثيرا على وتر التفرقة القبلية من أجل ضمان استمراره في السلطة فترة أطول.

وعلى غير المتوقع وعكس حالة التفاؤل التي سادت بعد توقيع اتفاق السلام بين الحكومة وبعض الحركات المسلحة في أكتوبر الماضي، تزايدت خلال الفترة الأخيرة حدة الصراع القبلي على خلفية نزاعات قديمة ووسط انتشار مخيف للسلاح في المدن والقرى الدارفورية.

 كما تزيد من حدة الصراع الضغوط الاقتصادية والتنافس على الموارد الطبيعية، إضافة إلى محاولة مجموعات سياسية موالية للنظام المعزول تأجيج الصراع وتأزيم الأوضاع لتهيئة المناخ المناسب لعودتهم للحكم مرة أخرى.

يقول أسعد هباني، أحد مؤسسي مبادرة التعايش السلمي بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، لموقع سكاي نيوز عربية، إن المبادرة جاءت لوقف الاستقطاب القبلي الذي ارتفع مؤخرًا في المدينة.

وأضاف: "الصراع القبلي كان يحدث في الأطراف، لكنه انتقل إلى المدينة، لذلك قررنا إطلاق مبادرة للتعايش السلمي".

وطافت مئات السيارات المزينة بملصقات توعوية شوارع مدينة نيالا، وهي ثاني أكبر مدينة سودانية في عدد السكان الأسبوع الماضي. وركزت الملصقات على الدعوة للتعايش السلمي بين جميع مكونات الشعب السوداني.

بعد أقل من يومين من انطلاقها في نيالا، امتدت المبادرة إلى العاصمة الخرطوم، حيث تجمع السبت المئات في ضاحية بري شرق الخرطوم ونظموا مسيرة مشابهة بالسيارات والدراجات النارية طافت شوارع رئيسية بالعاصمة.

وانتقد مشاركون في التظاهرة النزعات العنصرية التي ظهرت خلال الفترة الأخيرة، مؤكدين أن السودانيين كانوا على مر العصور من أكثر شعوب العالم حبا للتعايش والسلام.

وتنتقل المبادرة خلال الأيام المقبلة إلى مدينة بورتسودان شرق البلاد التي تعاني من توترات قبلية من جراء مواجهات بين مكونين اجتماعيين جنوبي المدينة.

تقدمت شرطة المرور موكب السيارات الذي طافت شوارع رئيسية بمدينة نيالا والعاصمة السودانية في مسعى لشمولية المبادرة بين الجهات الرسمية والشعبية.

وتقول مديرة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل بوزارة التنمية الاجتماعية سليمى إسحق، لموقع سكاي نيوز عربية، إن مبادرة التعايش تشكل طوق نجاة لانتشال البلاد من حالة الاستقطاب القبلي.

وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك قد حذر في خطاب بثه التلفزيون الحكومي الأسبوع الماضي من انتشار خطاب الكراهية في السودان، وقال إن هذا الخطاب قد يقود إلى تفشي النزاعات المسلحة والحرب الأهلية.

لا تقتصر عوامل الاقتتال القبلي على الضغوط الاقتصادية والمنافسة على الموارد فقط، بل هناك اعتقاد داخل السلطة الانتقالية أن مجموعات سياسية تغذي هذه الصراعات.

وتستحوذ بعض القبائل على تسليح عالي المستوى، خاصة في إقليم دارفور لخوض الصراعات الأهلية. وتقول الحكومة السودانية إنها تنوي نزع الأسلحة من تلك الجماعات القبلية.

وقال حذيفة محمد، أحد مؤسسي مبادرة شباب الخرطوم للتعايش السلمي، إن النظام السابق ادخل النعرات العنصرية، حيث انفصل جنوب السودان بسبب عنصرية الدولة وليس المجتمع.

وأضاف: "المجتمع السوداني لا يعاني مشكلة في قبول الآخر، وأكبر دليل على التعايش السلمي بين السودانيين أن الجميع جاءوا للمشاركة في المبادرة وهذا يكفي".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي