الصحفية بشرى الطويل: والدي أجبر الاحتلال على الإفراج عني

الجزيرة
2021-10-07

وقفة تضامنية في رام الله مع الصحفية بشرى الطويل خلال فترة اعتقالها (ارشيفية)

رام الله-عزيزة نوفل: "منذ عام 2013 لم أستطع أن أجلس مع والدي كل هذا الوقت دون أن يقاطعنا أحد، عانقته طويلا، تحدثنا عن كل ما مر به خلال إضرابه عن الطعام من أجل حريتي"، قالت الأسيرة المحررة من سجون الاحتلال بشرى الطويل من مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، واصفة لقاءها مع والدها الأسير بسجن "بئر السبع" في أغسطس/آب الماضي.

اللقاء الذي حظيت به بشرى، كان أحد الشروط التي وضعها والدها القيادي في حركة حماس جمال الطويل لفك إضرابه الذي طالب من خلاله عدم تجديد الاعتقال الإداري لها والإفراج عنها.

ولم تكن بشرى تعلم بشرط والدها هذا، وحتى بعد نقلها من سجنها بالبوسطة بقيت متشككة من لقائها والدها حتى رأته أمامها يدخل إلى الزنزانة، وقالت "كان لقاءً بطعم الانتصار".

وأفرج عن بشرى الطويل في وقت متأخر من نهار أول أمس الثلاثاء 5 أكتوبر/تشرين الأول بعد اعتقال إداري لـ11 شهرا قضتها في سجن الدامون الواقع في جبال الكرمل شمال فلسطين.

بشرى، وهي الابنة الوحيدة للعائلة، كان ينتظرها اعتقال لـ24 شهرا بحسب ما أخبرها محاميها، فنيابة الاحتلال كان تصر على تمديد اعتقالها، لولا ضغط والدها بإضرابه الذي استمر 29 يوما "حمل عني والدي 13 شهرا بالسجن بأمعائه الخاوية"، كما تقول.

أضرب نيابة عن ابنته

واعتقلت بشرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 خلال مرورها بحاجز احتلالي على الطريق الواصل بين مدينتي نابلس ورام الله وحولت للاعتقال الإداري مباشرة، وهو ما جعلها تعلن لعائلتيها نيتها الإضراب عن الطعام احتجاجا على ذلك، فهذه ليست المرة الأولى التي تعتقل إداريا.

حاولت العائلة ثنيها عن الإضراب في حينه، ولكن بعد تمديد الاعتقال الثالث، الذي تزامن مع اعتقال والدها في يونيو/حزيران الماضي، عزمت على الإضراب بشكل قاطع، وهو ما جعل والدها يقوم بهذه الخطوة عنها ليجنبها مشقة الإضراب.

اعتقال والدها كان متوقعا نظرا للظروف السياسية، ولكن أن يضرب عوضا عنها كانت المفاجأة، وهي الحالة الأولى في السجون التي يضرب أسير للإفراج عن غيره.

تصف بشرى شعورها عندما سمعت نبأ إعلان والدها الإضراب عبر الإذاعة "من أصعب الأيام التي مرت عليّ في السجن، كنت أعيش قلقا دائما عليه، أدعو الله ألا يطول الإضراب خوفا عليه".

10 أعوام من الاعتقال

واعتقلت بشرى 5 مرات، كان الاحتلال يعمل على عدم لقائها مع والدها خارج السجن، فقبل الإفراج عنها يُعتقل الوالد أو العكس، وهو ما تعتبره بشرى استهدافا مباشر لها ولعائلتها.

الاعتقال الأول لبشرى كان في عام 2011 لم تكن حينها قد أكملت 18 عاما. حكمت بالسجن لـ16 شهرا قضت منها 5 أشهر قبل أن يفرج عنها في نهاية العام نفسه في صفقة التبادل "وفاء الأحرار".

بعد الإفراج عنها اختارت الطويل دراسة الصحافة للتعبير عن الأسيرات وتوثيق تجربتها في الأسر، وبالفعل استطاعت الالتحاق بكلية الإعلام والتخرج عام 2013 لتبدأ عملها الصحفي في تغطية قضايا الأسرى لشبكة "أنين القيد".

وفي عام 2014 أعيد اعتقالها مع مجموعة من الأسرى المحررين ضمن صفقة وفاء الأحرار لتكمل فترة حكمها السابقة. وبعد الإفراج عنها كانت قناعتها قد ترسخت بالعمل الصحفي وتغطية قضايا الأسرى والأسيرات.

ولكن عملها الصحفي كان سببا في ملاحقتها واعتقالها فيما بعد، فمنذ عام 2017 اعتقلت 3 مرات إداريا، دون تهمة معلنة ووفقا لملف سري، ولكن التهمة التي كانت توجه لها خلال التحقيق، هي عملها الصحفي في تغطية قضايا الأسرى وعائلاتهم.

التهمة.. الصوت العالي

تقول بشرى "كان ضابط المخابرات يقول لي إن عملي الصحفي وتغطيتي لقضايا الأسرى يخلق اهتماما بقضايا الأسرى، وهو ما يقلقهم".

اعتقال بشرى الطويل على خلفية عملها الصحفي كان يصرح به ضباط المخابرات حين اعتقالها، ففي عام 2019 أبلغ ضابط الاحتلال والدها أن سبب اعتقالها هو "صوتها العالي".

وخلال جلسة المحكمة الأخيرة التي عقدت لها أبلغت نيابة الاحتلال محاميها أن عملها -الصحفي- على تغطية قضايا الأسرى سيجعلها في مرمى الاعتقال المتكرر.

وتعمل بشرى منذ عام 2014 على تغطية قضايا الأسرى لصالح شبكة "أنين القيد"، المرخصة من قبل السلطة الفلسطينية.

تقول بشرى "نقل الحقيقة وتغطية القضايا الوطنية أصبح يصنف إرهابا يعتقل ويحاكم عليه تحت بند التحريض".

الاعتقالات المتكررة بشرى عطلت حياتها بالكامل، فهي لم تبدأـ مشروع عمل أو دراسة إلا وتوقف قبل إكماله. ولكن بالنسبة لها لن يكون سببا في عدم البدء من جديد، إذ تؤكد "سأكمل مشروعي الصحفي الذي بدأته قبل اعتقالي الأخير بتوثيق يوميات الأسيرات في السجون بالكامل، فكثير من التفاصيل لم تُروَ بعد".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي