فشل أم نجاح ؟: مقالب رامز جلال وفن صناعة الرعب واستثمار اللعبة الخطرة!

2022-04-16

رامز جلال يطل على جمهوره من الشاشة الصغيرة سنوياً (تواصل اجتماعي)كمال القاضي*

بات تقليد رمضاني أن يُطل رامز جلال على جمهوره من الشاشة الصغيرة سنوياً، بشكل جديد وإطار مختلف للورطة التي يوقع فيها ضيوفه المضحوك عليهم، بحسب الظاهر، في الحلقات الكوميدية التي يرتفع فيها سقف التصعيد إلى حد الخطورة الشديدة، حتى لو تأكدت درجات الأمان والاستعداد الكامل للمفاجآت، فالخطر ليس في المغامرة أو اللعبة التي يدخل فيها الضيف طرفاً أصيلاً، وإنما في قدرة الضيف ذاته على تحمل الصدمات المتتالية والدخول المفاجئ في أطوار غريبة مع كل مرحلة من مراحل التطور الانفعالي اللاإرادي، الذي يصدر عن الشخص المتورط كرد فعل طبيعي للممارسات الغريبة والعنيفة.
لقد تجاوزت الحلقات هذا العام مفاهيم وأشكال الكوميديا التقليدية المُعتادة في السنوات الماضية، واقتربت أجواء البرنامج بشكل حقيقي من لعبة الموت، بغض النظر عن ما إذا كان ذلك مُتفقا عليه، أو خارج علم النجم المُشارك، ففي كل الأحوال احتمالات الخطر قائمة وواردة بقوة.
لقد استمرأ رامز جلال هواية المُخاطرة بالغير، واتفق مع جهة الإنتاج على أن تكون المجازفة ضمن شروط النجاح، وعليه قبل الممولون بالشروط وأخذوا في الإعداد الضخم لصناعة المُنتج الكوميدي الفارق في شكله ومضمونه وكيفيته، رغبة في مضاعفة الدخل والأرباح واكتساب شهرة واسعة يتم الارتكان عليها طوال العام، فبطل المغامرة وهو ممثل لم يحظ بالكثير من الفرص الدائمة في البطولات السينمائية، ينتظر شهر رمضان كل عام ليجدد ظهوره، ويستعيد نجوميته فيبدو موجوداً ومؤثراً بحسب اعتقاده.

المُتابع للحلقات والمقالب يُمكنه إدراك حجم التكلفة الباهظة لتصوير المشاهد بكل لوازم الحدوتة المُفبركة، بدءاً من مواقع التصوير والديكور والمُعدات والمركبات الخاصة والملابس والأقنعة والجسور المصنوعة بدقة شديدة، بالإضافة إلى خبراء المكياج العالميين وتكاليف السفر والإقامة والأجور، إلى آخر أوجه الإنفاق والبذخ بغير جدوى، اللهم غير التفنن في إتلاف الأعصاب، باستحداث وسائل تعذيب تكنولوجية متطورة لفرض الفكاهة بقوة رأس المال والنفوذ الإعلامي لتحقيق سبق في غير محله ولا صلة له باحتياجات الجمهور ورغباته الحقيقية.
في الحلقة الأولى من برنامج رامز «موفي ستار» كانت الفنانة المصرية صابرين هي بطلة المُغامرة مع النجم العالمي الكبير فاندام، فهي التي وقع عليها الاختيار لتكون نجمة الحلقة والضحية في آن واحد، وصابرين ليست من النجمات المحظوظات في الحصول على البطولات المُطلقة، سواء في السينما أو التلفزيون، رغم ظهورها القوي في البدايات وتمتعها بالقبول لدى الجمهور في مختلف فئاته ونوعياته، لكن نظراً لتوقفها فترة طويلة عن العمل فقدت بريقها إلى حد ما، فاكتفت بالأدوار الثانوية في المُسلسلات بعد ابتعادها عن السينما أو ابتعاد السينما عنها، ولهذا كان تنشيطها في برنامج رامز جلال أمراً يستوجب الموافقة من ناحيتها كونه يضعها مُجدداً داخل دائرة الضوء القوية. صابرين كادت تُصاب بانهيار عصبي نتيجة الخوف والتوتر الشديد وهي لا تعلم أن كل شيء مُرتب ومُعد سلفاً، وأن وجودها مع فاندام ليس إلا ضرورة حتمية لإحكام الخدعة عليها وعلى غيرها، كي تتم الحبكة الدرامية التراجيدية ويكتمل مشهد الرعب في حضرة أغلى نجوم العالم سعراً وأكثرهم قدرة على القيام بأدوار الأكشن.

وما جرى على بطلة الحلقة الأولى جرى على بقية البطلات والأبطال، لكن ثمة شيء يُمكن استنتاجه، وهو لجوء رامز إلى الاستعانة بفنانين من الصف الثاني والثالث كنوع من توفير الميزانية الخاصة بالأجور، أو منح فرصة ذهبية لظهور فنان مغمور ليتم تسليط الضوء عليه، ففي واحدة من الحلقات استضاف حمو بيكا أحد مُغني ما يُسمى بأغنية المهرجانات، إرضاءً للذوق الشعبي ومحاولة بائسة لاستثمار الضجة المُثارة حول عدم اعتراف نقابة الموسيقيين به كمطرب هو وبقية زملائه من المُغنيين الآخرين، الذين رفض هاني شاكر نقيب الموسيقيين تسجيلهم في جدول النقابة كأعضاء عاملين أو مُنتسبين. كذلك كان من بين ضيوف البرنامج ممثلة ناشئة لا يتعدى رصيدها من الأعمال الفنية بضعة أدوار ثانوية في عدد قليل من المُسلسلات، وهو ما يُثير تساؤلاً مهماً حول المعايير التي يتم على أساسها اختيار الشخصيات والضيوف في برنامج يتكلف الملايين، فالمنطقي في الحسبة الفنية والدعائية والاقتصادية، أن يكون المُستهدف في المقلب المصنوع نجما كبيرا له ثقل ووزن يهتم الجمهور بردود أفعاله ويجد متعة في متابعة تصرفاته وسلوكه، وهذا مُتبع في كل برامج التوك شو وحلقات الكاميرا الخفية وغيرها، لأن الحلقة المُصورة تكتسب أهميتها من حجم النجم وأهميته وتفقد حرارتها إذا كان الضيف غير ذي صفه أو اعتبار أو متوسط الموهبة والشهرة.. وهذا ما حدث في حلقات رامز الضعيفة التي حاول جاهداً أن يعلو بمستواها بلا جدوى.

*كاتب مصري








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي