الناشر نبيل عبادي : ليس هناك كاتب محترف واحد في اليمن متفرغ للكتابة !

خدمة شبكة الأمة يرس الإخبارية
2010-06-28

صنعاء(الجمهورية اليمنية) - محمد السياغي

ترك الوظيفة الحكومية  لافتقارها إلى رؤية ومنهجية ويمم وجهه تجاه العمل التنويري الذي توارثته عائلته ليؤسس "مركز عبادي" للطباعة والنشر والتوزيع، كأول مركز تنويري من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط.

الناشر نبيل عبادي مؤسس مركز عبادي للطباعة والنشر والتوزيع في العاصمة اليمنية صنعاء، شخصية معروفة في عالم الكتب التي أخرجها للنور.. في حواره يتحدث عن مشواره العملي والأطوار التي مر بها المركز إلى نص الحوار:

* بداية نسأل عن المراحل الأولى للتأسيس؟

- كانت البداية حينما تأسست المكتبة الأم في عدن في عام 1890 م ، فأخذت على عاتقها مسألة توفير الكتاب العربي للقارئ في عدن ، قبل هذه الفترة كان نظام التعليم السائد باللغة الإنجليزية و باللغة الثانية التي كانت سائدة في عدن اللغة الهندية، وكانت مسألة توفير مكتبة عربية أمر ملح للقارئ العربي ، لهذا لبت هذه المكتبة هذا الاحتياج عند القراء ، لذلك كان الدور الريادي للمكتبة هو توفير الكتاب العربي للقارئ امتد تأثير المكتبة إلى خارج نطاق عدن كان يصل الكتاب من عدن إلى المناطق المتاخمة لعدن  كان يصل إلى مسقط إلى أفريقيا .

هذا التأثير الثقافي للمكتبة في عدن تماشى تماما مع دور عدن كمجتمع مدني أن لم يكن المجتمع الأول في شبة الجزيرة العربية ، فهو المنجز الأهم والأكبر في عموم الجزيرة العربية كل المدن التي نشاهدها اليوم على امتداد الجزيرة العربية مجرد بوادي أو مدن هامشية صغيرة ربما بعد عدن من حيث الحجم والحركة تأتي بالطبع صنعاء و جدة أما غير هذه فكانت مجرد قرى وبوادي . لم يقتصر عمل المكتبة على عدن فقط كانت الكتب تأتي إلى المكتبة من كل مكان وبالتالي كانت توزع في الإقليم بأكمله.

* كم كان رأس مالك عندما بدأت العمل؟

- لم أبدأ برأس مال كبير، جئت من عدن، ومعي ما يعادل ستة ألف دولار، وكان هذا رأس المال الحقيقي الذي بدأت به العمل وهذه في الحقيقة كانت مدخراتي ، أنا كنت موظف وكنت أستلم راتب ومجالات الإنفاق في عدن  حينها كانت محدودة جدا، لا أدخن ولا أخزن (أتعاطى القات)، ساكن في بيت العائلة، وكنت أساهم في مصروف البيت بشكل معقول، وبالتالي كنت أوفر قدر كبير من راتبي، فاستطعت أن أكون مدخرات، بينما البعض لا يستطيع ذلك على الإطلاق، اليوم مستحيل ندخر بهذا الحد بما فيه  حتى نحن.

* على ماذا تتركز طبيعة الجهود التي تبذلونها باتجاه تطوير عمل المركز بما يواكب المتغيرات الحاصلة؟

- جودة المادة، مساعدة المؤلفين على تنقيح موادهم وتحسينها، وهذه مسألة مهمة جدا، ومحاولة وضع المؤلف اليمنى في لائحة منظورة.

* لكن أليس الكاتب والكتاب اليمني ما يزال مجهول يعوزه الانتشار؟

- إذا أردنا للكتاب اليمني الانتشار خارجيا، أو أن يحقق حضور قوي في مناطق أخرى، يجب ان يكتب بطريقة معقولة تكون مفهومة، وهذا ما يحدث الآن الكثير من المؤلفين يحس أن يجب أن يكون أكثر حرفية في مجال الكتابة ، الظروف الاقتصادية الحالية وظروف المؤسسات في اليمن لن تسمح على الإطلاق بأن يوجد كاتب محترف هذا أمر مفروغ منه ابتداء من الكتاب الكبار، ليس هناك كاتب محترف واحد في اليمن متفرغ للكتابة، يعيش من مدخول كتاباته، لكن في إطار هذا الظرف يجب على الكاتب أن يكون وأن تكون مادته أكثر احترافية، يجب أن ينتقل من مستوى الهاوية إلى الاحتراف، ليس في جانب أجادة اللغة، لان ذلك ليست كافيا، بل أيضا في طريقة عرض المعلومات في اختيار الموضوعات، أنت كصحفي لو لم تختر موضوعات معينة لحدث معينه ومعلومات معينه يصبح موضوعك بدون قيمة.

* وما ذا عن دور مراكز ودور النشر في تحقيق هذا الانتشار، وفي ظل غياب وجود كاتب محترف منافس، والاتجاه كما هو الحال بالنسبة لكم نحو التركيز على كتاب المحاولات الأولى.. وأين تكمن المشكلة هل هي في غياب الناقد؟

- العمل الرئيسي الذي قمنا به، هي إتاحة الفرصة للكاتب المغمور الذي لا يهتم به احد، وإظهار عملة للقراء، بالموازاة نحن تجنبنا قدر المستطاع أن نقوم بوظيفة الناقد كنا نقبل الأعمال التي تكون لغتها مقبولة، طريقة عرضها وفكرتها مقبولة، لكن لم نقم بنقد هذه الأعمال، هذا أمر يترك أولا للمتخصصين في هذا المجال من نقاد وقراء، ومجرد تهيئتنا هذه الخدمة للكاتب في عدم تهيبه من إصدار عملة للقراء كانت خطوة مهمة جدا.

* اليوم وبعد هذا المشوار ما هي أهم مشكلات عمل الطباعة والنشر والتوزيع؟

- أول وأهم مشكلة تتمثل في ضعف القاعدة الفنية، واقصد بذلك العمالة الفنية غير المؤهلة ،في صنعاء يوجد أكبر تجمع للمطابع ولا يوجد فيها سوى حوالى 40 ـ 50 تقنيا حقيقيا، يقومون بتنفيذ الأعمال في هذه المطابع بالعمل طوال الوقت، يتنقلون ما بين المطابع الحكومية والخاصة، المشكلة بعض المطابع تشتري آلات بأرقام كبيرة لكنها لا تضع في خطتها تدريب كادر فني لتشغيل هذه الآلات، لهذا عندما نطمح إلى تحسين مستوى الكتاب لا بد أن نقر بأننا لم نعد بحاجة للمزيد من المطابع بل للكوادر الفنية المؤهلة.

المشكلة الثانية في الطباعة نوعية الورق، حيث أن مستوردي وتجار الورق يفرضون علينا نوع الورق الذي يستوردونه، السوق يفرض عليهم هذا الورق،  معظم ما ينفذ المطبوعات الورقية هي المطبوعات التجارية،  وهي أي مطبوعات غير الكتب دفاتر الفواتير السندات الأوراق الرسمية السجلات الدعوات الكروت... إلخ هذا الكم من المطبوعات يشكل 90بالمائة من المطبوعات داخل اليمن، وتأتي الصحف في المرتبة الثانية، ومن ثم الكتب ولهذا تجار الورق يحاولون أن يوفروا احتياجات هذا الكميات من الطلب والتي هي المطبوعات التجارية لهذا نحن للأسف نستخدم ما هو موجود من الورق.

والواقع أنا كمؤسسة نشر لا أستطيع أن أوفر مبلغا ماليا كبيرا أستورد به ورق وأخزنه عندي، أضطر أشتري ورقا من تجار الورق، لذلك توفير الورق الجيد للكتاب سيحسن من شكل الكتاب النهائي، والسؤال: كيف تستطيع كمطبعة أن تحسن في الطباعة وأنت كمؤسسة حكومية تنافسهم في الطباعة يعمل في مؤسسة حكومية ثم يتحول للعمل التجاري، المؤسسات الحكومية لا تعمل من اجل الربح، ولا تعمل هذا في حسابها وتنافس عمل مطابع تجارية لذا من الصعب إقناع صاحب مطبعة، أن يزود على الخط الذي عنده، الة تغليف غلاف بخمسة ألاف دولار يقول ماذا اعمل بها وهذه مشكلة كبيرة، الدولة تدعو إلى دعم القطاع الخاص والخصخصة، وهي للأسف الشديد تخالف كثيرا هذا الاتجاه، والشاهد أن هناك الكثير من المطبوعات الخاصة بالمؤسسات الحكومية تطبع خارج اليمن بالآلاف الدولارات ولا يتم دفع هذه المبالغ لمطابع في الداخل.

* ماذا عن النشر؟

- الرقابة، قانونا ليس هناك رقابة حقيقية، لكن عمليا هناك رقابة قاتلة، كل شيء يكون حسب ما يريد صاحب العلاقة، تبتر الفقرات من النص لتفسر بطريقة ما. قانون المطبوعات والصحافة نفسه يحول الجميع إلى رقباء، عندما يصرح المسئول انه لا توجد رقابة؟ فعلا لا توجد رقابة، اطلب إجراء رقابي على أي كتاب من أي جهة، لكن عندما تحدث مشكلة وتتجه إلى القانون، تكتشف أن القانون حول صاحب المطبعة إلى رقيب والمؤلف نفسه إلى رقيب على نفسه، ويحول كل شخص ما في الشارع أو في مكان أو مركز إلى رقيب يحق له أن يرفع قضية على أي شيء يفسر بطريقته الخاصة، وأمام وعي عام لا يعي ما قيمة هذه الفقرة، وما مدلوليتها وهذه إشكالية كبيرة. ولنفترض انك قدمت لي كتاب في الاقتصاد اقتصاد الجمهورية اليمنية وناقشة فيه القضايا الاقتصادية وإحصاءات... الخ وقمت أنا كناشر بنشر الكتاب تقوم جهة من الجهات بانتقاد هذا الكتاب بحجه احتواءه على معلومات وأرقام خاطئة عن اليمن وإضراره بمصلحة الاقتصاد اليمني، أنا كناشر كيف يتسنى لي التحقق من هذه الأرقام، طالما وأن مؤلف هذا الكتاب اختصاصي في الاقتصاد إما أستاذ في الجامعة أو باحث في هذا المجال.. لهذا فأن مسألة تحويل الناشر إلى رقيب مسألة غير منطقية على الإطلاق.

* ألا ترى أن هناك تناقض بين كلامك عن اتساع هامش الحرية، والرقابة الخفية التي أشرت إليها؟

- أتحدث عن مشكلات النشر، واتساع هامش الحرية ربما هو ما افرز ما وصفته بالرقابة الشبة خفية.

* لماذا لا يكون اقتران اتساع هامش الحرية باتساع مساحة الجهل العام؟

- ربما هذا صحيح لكن بالنسبة للناشر، لا بد أن يكون على قدر عالي من التأهيل العلمي بما يؤهله للعمل في هذا المجال، ولهذا ما ذنب صاحب المطبعة تحمله المسئولية طالما وانه مؤهل تأهيل كامل، لا يوجد جهة معينة تأخذ هذه المطبوعة إليها للتدقيق في معلوماتها أو أرقامها، لا يوجد مثل هذه الجهة، ولا مثل هذا الإجراء، وصاحب المطبعة لا يطالبك بهذا الإجراء الذي يطالبك به ومسجل في نص القانون، لا يتجاوز تسجيل رقم الإيداع ورقم الإيداع ليس إجراء رقابي، إذا حدث خطاء ما ذنب صاحب المطبعة يتم تحميله وزر الكاتب وفي الكثير من أصحاب المطابع ليسوا على قدر واسع من التعليم؟ هل من المعقول أن يتحول إلى رقيب يقرأ كل مادة؟ هذا مستحيل لو كان العمل يحتوي صورة فاضحة ربما يكون من الممكن تحميله لأنه لم يرها لكن نصوص لا.

الآن يتم مناقشة قانون الصحافة والمطبوعات، لكن للأسف هذا يتم في دوائر مغلقة لم يتم إشراك الجهات المتعاملة مع هذا القانون، مثلا نحن في اتحاد الناشرين اليمنيين لم نتلق أي دعوة للمشاركة في هذه المناقشات اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين طلب منهم حضورهم مرة واحدة في مجلس الشورى، واليوم القانون موجود في مجلس النواب ومجلس الشورى عندما يصدر للأسف سوف نشعر انه ليس قانونا هذا قانونهم هم.

* كيف تقيمون مستقبل الكتاب الورقي في ظل ثورة الانترنت؟

- أنا عندي انترنت واقف فيه يوميا أكثر من ساعة ماذا أفعل في الانترنت ابحث عن المعلومات الجديدة استخدم بحث عن الغربان طبعت اسم الغراب هذا انفتحت لي حوالي 50 أو 60 موقعا فيها معلومات عن الغربان افتح الموقع وعندما أجد معلومة مهمة  إلى سحبها على الورق القراءة على الورق أريح للعين بعشرات المرات من القراءة على الشاشة... وزود بأدوات بحث مناسبة لاستطعت الوصول إلى المعلومة بشكل سريع لكن للتقصي للقراءة المتأنية نحتاج إلى نسخة ورقية خرافة إذا قلت انك تستطيع أن تقرأ رواية عبر الشاشة مرهق للعين إلى ابعد حد سوف يظل الكتاب الورقي سيد القراءة إلى أن يتم إنتاج فكرة جديدة الآن يبحثون ليس عن الكتاب الالكتروني بل عن الورق الالكتروني  حيث إن الورق الالكتروني اشبة بالورق اشبة بشاشة.. تستطيع أن تحمله بقدر معين من الصفحات وتستطيع أن تمحوه وتحمله مرة أخرى حتى الكتاب الالكتروني يقتربون من الكتاب الورقي. ومازال الكتاب كتابا.  السياسية اليمنية 

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي