الناقد الأردني حسام العفوري: المناهج النقدية الحداثية جاءت لخدمة الدراسات الغربية

2023-01-04

حاوره: نضال القاسم

حسام عزمي العفوري شاعر وناقد وأكاديمي أردني، حاصلٌ على درجة الدكتوراه في اللغويات العربية التطبيقية من جامعة اليرموك الأردنية، وقد صدر له في مجال الشعر ديوان «مداد الروح» عام 2006، وصدرت له عام 2020 مسرحية بعنوان «فلستيا». وهو ناقد تطبيقي، يقدم خلاصة علمه وتجربته للساحة الثقافية، كما يقدم رؤيته للقيم الجمالية، متحدثاً عن لغة الشعر كشاعر وناقد في الوقت ذاته، وقد صدرت له في مجال النقد الأعمال التالية: «النبر في العربية بين النظرية والتطبيق» دار ابن بطوطة، عمّان 2013. «منازل المعنى- ميكانيزما اللغة ومداراتها في تجربة نضال القاسم الشعرية» دار أمواج، عَـمَّـان 2020. «الزحافات والعلل بين دوائر الخليل والمعنى- الرجز نموذجاً- دراسة فيزيائية وسمعية» مطبعة جوري، عَـمَّـان ـ2021. «الإيقاع الحكائي/ دراسات وأبحاث في تجربة عبد الرحيم جداية الشعرية» دار الخليج، عمّان 2022. «مُعْجَمُ مصطلحات علم العروض والقافية، وما يتعلق به» دار الخليج، عمّان 2022.

التقيناه مؤخراً في عمّان وكان معه هذا الحوار:

أنت شاعر وكاتب مسرحي وأكاديمي، ولك تجربة طويلة في مجال الكتابة النقدية، وتكتب أيضاً المقال الفكري.. إلى أي خانة من هذه الخانات تريد أن تنتسب؟

عندما تصنع لنفسك أيقونة بإتقان تعزز مسيرة حياتك العامة والخاصة، فإنك ستستخدم أدوات الحرفة الدقيقة والموهبة الصقيلة؛ لكل مرحلة من مراحل ثقافاتك الطبيعية والمكتسبة، وبما أنك بدأت شاعراً، فمسرحياً، فأكاديمياً، فناقداً، ستجد نفسك محاصراً في المرحلة الحاضرة دون غيرها؛ حينها تصبح كل المراحل الظاهرة والباطنة؛ مرجعيات وتجارب تعزز مكانتك في حاضرك ومستقبلك.

كيف تواجه نصا نقديا؟

ما بين جذب ونفور وائتلاف واختلاف وتوازن وجنوح وهدم وبناء، تستقيم الخطوط العريضة والدقيقة، ومن ثم تتشكل معالم النص الموازية للنص الأصلي حتى يصبح طوع يديك.. فتبسطه نصاً آخر..

كيف تشعر بأنك أمام إبداع حقيقي؟

الوضوح في الفن والوضوح في الرسالة تميز الكاتب المبدع الحقيقي.

يغلب على نقدك الأدبي الجانب التطبيقي المعني بجماليات النص الأدبيّ، في حين يتجه أغلب النقاد العرب إلى الجانب النظري المعني بدراسة الظواهر الإبداعية العامة، بم تفسر ذلك؟

بما أن تخصصي في الماجستير في الأدب والنقد ورسالتي في العروض التطبيقي، والدكتوراه لسانيات عربية تطبيقية. فجاءت دراساتي النقدية تسير في مسارات جماليات النص الأدبيّ واللغوي التطبيقي.

إذا كان لكل منتج فكري وثقافي خصوصية، فما هي خصوصية كتابك الصادر مؤخراً «معجم مصطلحات علم العروض والقافية وما يتعلق به»؟

هذا الكتاب يتعلق بثقافتي العروضية منذ عقود، إلا أنني صغته بأسلوب أدبي علمي.. وكأنه جاء في طرحه على سبيل المذكرات الذاتية.

ما رأيك في المناهج النقدية الحداثية؟

هذه المناهج جاءت لخدمة الدراسات الغربية وليس العربية، وأكثرها مترجم، وما كتب بالعربية؛ إلا إعادة صياغة بقالب عربي، لا يمت للعربية بصلة.. لذا علينا أن نرجع إلى تراثنا النقدي، ومن ثم نبني مناهجنا الخاصة بالتوافق مع المناهج الحديثة، ما وافق لغتنا أخذنا به، وما خالفها نضعه جانباً، لا نقلل من شأنه ولا نعلي من مقامه.

في الوقت الذي يتحدث فيه الغرب عن مرحلة «ما بعد الحداثة» في الأدب، هناك من يرى أننا كعرب لم ندخل بعد مرحلة «الحداثة» نفسها فإلى أي مدى يمكن اعتبار مثل هذا الحكم دقيقاً في رأيك؟

نحن لم ندخل أي مرحلة بعد، بثوبها العربي الخالص بشكل عام، إلا ما ندر عند بعض المبدعين من كتّاب ونقاد، وأقول لك ما زلنا نقتات من بقايا موائد الغرب والشرق المتساقط على الأرض.

يمر الآن العالم العربي بمتغيرات عديدة وسريعة، أثرّت دون شك في الحياة الاجتماعية والثقافية، لشعوبه، وقد بدا ذلك واضحاً على سلوك الأجيال الحالية، وربما القادمة، فما هو موقف الشعر العربي من هذه المتغيرات، وهل يتداعى حقاً كما يقول البعض؟

قد يكون هذا الكلام صحيحاً عند القارئ؛ لذا؛ تجد الشعر الآن في مقطع أغنية، أو على هامش خطبة، أو في بطون الكتب، لكن عند المبدع ما زال يُشغل الشعر العربي الأصيل مساحات كبيرة من أعماله.

من زاويتك وموقعك في جمعية النقاد الأردنيين، كيف تقيّم النقد الأدبي الأردني المعاصر، وهل استطاع النقد الأردني أداء مهمته في توطيد العلاقة بين المبدع والجمهور؟ ما هي في رأيك أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه الحركة النقديّة والناقد الأردني بشكل عام؟

عندما ينسلخ الكاتب أو الجمهور من ثقافته ويلجأ إلى ثقافة لا تمت له بصلة، تصبح رسالته كلها خواء، يلتف حولها الغموض. غموض الفن وغموض الرسالة.. وبهذا لا يستطيع الناقد الأردني أن يؤسس بناءه النقدي بغموض فن الكاتب، وغموض رسالته؛ لأن النقد سيفسد بهذا الغموض.. ولعلّ وضوح الفن ووضوح الرسالة هي المكانة التي يرتقي بها الكاتب والجمهور والناقد الأردني على حدٍ سواء..

هل أنت من المتفائلين بمستقبل الرواية في الوطن العربي؟ وهل تتنبأ بولادة أشكال سردية جديدة وبسقوط أشكال سردية سائدة؟ وفي رأيك، ما السر في تراجع الشعر أمام الرواية؟ ولماذا حازت الرواية العربية اهتمام النقاد أكثر من الشعر؟

لا تستطيع أن تتفاءل بمستقبل الرواية في الوطن العربي؛ لأن أكثر كتّابها من عوام الأدباء إلا ما ندر من المبدعين في هذا الحقل.. أقول لك لم يتراجع الشعر أمام الرواية؛ لكن تغير الأذواق هي التي منحت الحياة لجنس أدبي دون جنس آخر. لقد حازت الرواية العربية اهتمام النقاد أكثر من الشعر؛ لأن أكثر النقاد ليس لديهم أدنى معرفة في علم العروض والقافية، فيستسهل بعض النقاد الكلام النثري في الرواية، ويستصعبه في قصيدة الشعر..

ماذا عن جديدك التأليفي؟

صدر لي مؤخراً عن دار الخليج في عمَّان كتاب: «الإيقاع الحكائي/ دراسات وأبحاث في تجربة عبد الرحيم جداية الشعرية) وكتاب «مُعْجَمُ مصطلحات علم العروض والقافية، وما يتعلق به» دار الخليج، عمّان، 2022. وهناك ما هو تحت النشر مثل: «الأعمال المسرحية (1985-1998». وديوان بعنوان «الحياة لا تملك دقائقها» – «مقولات أدبية – نثر الطبيعة – الحياة والكون والإنسان».








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي