إسرائيل اليوم: ماذا لو شهد رمضان المقبل إصرار السلطة الفلسطينية على تجميد التنسيق الأمني؟

2023-01-27

استعد الجيش الإسرائيلي لذلك بتعزيز بطاريات القبة الحديدية في الجنوب (ا ف ب)

تجميد التنسيق الأمني، الذي أعلن عنه أمس رئيس السلطة الفلسطينية، يعدّ بشرى سيئة لإسرائيل. فمن شأنه أن يجد تعبيره بارتفاع نطاق الإرهاب وإلزام الجيش بتخصص قوات أكبر لـ”المناطق” [الضفة الغربية] في الفترة القريبة القادمة.

منذ أمس أرسلت كتيبة أخرى إلى الجبهة، عقب عملية قوات الأمن في جنين، التي قتل فيها تسعة فلسطينيين. صحيح أن الجيش الإسرائيلي أوضح بأنه تعزيز موضعي ومؤقت، لكن إذا ما انتقل وقف التنسيق من الأقوال إلى الأفعال فستكون حاجة إلى أعمال مكثفة أكثر في الميدان لتغطية على أعمال مختلفة، كانت تنفذها حتى الآن أجهزة الأمن الفلسطينية: من اعتقال مطلوبين في مستوى متدن، وحتى منع أعمال مدنية مختلفة مثل المظاهرات التي قد تتطور إلى مواجهات مع قوات الجيش الإسرائيلي.

هدد أبو مازن في الماضي بإلغاء التنسيق، لكنه لم يفعل هذا إلا مرة واحدة بعد الإعلان عن “صفقة القرن” للرئيس ترامب، التي تضمنت موافقة أمريكية على ضم إسرائيل لجزء من “المناطق”. واستمر التجميد في حينه لبضعة أشهر كانت إسرائيل فيها مطالبة بتشديد أعمالها في “المناطق”. ووافق الفلسطينيون على العودة إلى التنسيق الأمني خوفاً من أن تستغل حماس الفراغ الناشئ فتتعاظم في “المناطق”. معقول أنهم سيفعلون هكذا الآن أيضاً، انطلاقاً من الفهم بأن التنسيق يخدم أمن ومصالح الطرفين.

تنبع خطوة أبو مازن من أن السلطة الفلسطينية تتعرض لانتقاد داخلي قاسٍ في ضوء الأعمال الإسرائيلية التي قتل فيها نحو 30 شخصاً منذ بداية الشهر (استمراراً لنحو 150 قتيلاً فلسطينياً في السنة الماضية). يحاول الجيش تقليص حجم المصابين، لكنه يكون مطالباً بالعمل بعدوانية في ضوء المقاومة من جانب المطلوبين، خصوصاً في شمال “السامرة”.

هذه هي الحالة أمس. كان الهدف قيمياً: خلية من الجهاد الإسلامي نفذت عمليات في المنطقة وخططت لتنفيذ عمليات إضافية، وحقيقة أن العمل نفذ في وضح النهار، حين كان المخيم في نشاط كامل، ساهمت في شدة المقاومة وحجم الإصابات.

في الوضعية التي نشأت في الميدان كان ممكناً الامتناع عن هذه النتيجة. لكن على جهاز الأمن أن يفحص في التحقيقات الداخلية التي سينفذها فيما إذا كان ممكناً تخطيط العمل بشكل أو بتوقيت مختلفين، بحيث يكون حجم الإصابات أقل. هذا انطلاقاً من الفهم بأن مستوى إصابات عال يؤدي إلى هياج في الميدان ويزيد الخطر بعملية أخرى وبالتصعيد.

هدد الجهاد الإسلامي أمس بالرد. فالتنظيم يبذل جهداً خاصاً في الأشهر الأخيرة في تجنيد النشطاء وتنفيذ العمليات، بتوجيه وتمويل إيرانيين، لكنه الآن يتعرض لضغط شديد للرد حتى من جانب نشطائه الميدانيين وكذا من قيادة التنظيم في دمشق. معضلة التنظيم هي إذا كان سيرد فقط بعمليات في الضفة أم بنار الصواريخ من غزة. في السنة الماضية، سعى الجهاد للربط بين الجبهتين، مما أدى إلى حملة “بزوغ الفجر” حين صفي قادتهم في القطاع. معضلة مشابهة يقفون أمامها الآن أيضاً.

استعد الجيش الإسرائيلي لذلك بتعزيز بطاريات القبة الحديدية في الجنوب. وبالتوازي، جرت أمس اتصالات سياسية مع الولايات المتحدة ومصر والأردن لتهدئة الخواطر، وللإيضاح بأن النار من غزة ستستجاب برد إسرائيلي قاسٍ.

لكن حتى إذا انتهى الحدث بدون تصعيد، فالواقع لا يبشر بالخير. شهدت السنة الأخيرة تصعيد للعنف في الضفة ربما يحتدم مع حلول رمضان في آذار القادم، وهذا يستدعي من إسرائيل تشديد الأعمال الأمنية – السياسية حيال عموم الجهات في الساحة الفلسطينية، وهي مهمة غير بسيطة إذا ما أخذنا بالاعتبار تركيبة وخطط الحكومة الجديدة.

 

بقلم: يوآف ليمور

إسرائيل اليوم 27/1/2023

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي