تسابيح إرشيد.. الوجود والعدم في شعر ابن عربي

2023-08-06

يمثّل الوجود والعدم أساساً معرفياًّ ينطلق منه ابن عربي لتكوين رؤيته الشاملة للتوفيق بين تصوّر ميتافيزيقي لإله مجرّد من الصفات المشخّصة وبين تصوّر ديني للإله بصفاته المعروفة، والتي يقدّمها في كتابه "الفتوحات المكية" الذي أثارت أفكاره جدلاً واسعاً في عصره.

اعتمدت الباحثة الأردنية تسابيح ياسين إرشيد في كتابها "إشكالية الوجود والعدم في شعر محيي الدين بن عربي"، الذي صدر حديثاً عن "دار النور المبين"، المنهج الموضوعاتي في التفسير والتأويل والاستقراء لشرح النصوص الشعرية، وجمعت المفاهيم الجزئية بالاستقراء للوصول إلى النتائج الكلية عن مفهومي الوجود والعدم.

أشار الناقد والأكاديمي إبراهيم خليل، في تقديمه للكتاب، إلى أن المؤلّفة لا تنكر أن الشيخ الأكبر يراوح من حين لآخر بين الوجد الصوفي والتفلسف العميق المندغم بالذوق العرفاني، مما يتطلّب من دراسي شعره، وحتى نثره، الإلمام بجوانب مذهبه كافةً حتى يتسنى لهم التفريق بين أحوال محيي الدين الصوفي، وأنظاره الفلسفية، ودراسة أشعاره التي تمثّل تجربة فريدة؛ قوامها المزج بين الحدس، والمعرفة المفهومية التي تقرّب من التفلسف، والتفكير الواقعي.

ومهدّت إرشيد لكتابها بتقديم بعض محطّات من سيرة ابن عربي الحياتية والأدبية، وتصوّر حول فكرتي الوجود والعدم، وآخر عن التجلّي الإلهي، وثالث عن وحدتيْ الوجود والشهود، وتأويل الصوفية لوحدة الوجود، إلى جانب رأي الشاعر والمتصوّف عبد الغني النابلسي في ذلك.

ووقفت عند الموقفين المتضادين عند الدارسين حول المتصوّف والفيلسوف الأندلسي (1165 - 1240م)؛ بين فريق رفعه إلى أعلى المراتب وتبعه في ما يقول، مع تعظيمه، إلا أنه ردّ القول بوحدة الوجود وتأول له كلامه وأشعاره، وأحسن الظن فيه، وحمل كلامه وشعره في الوجود على وحدة الشهود لا على وحدة الوجود الإشكالية، وهناك من زعم أن ما ورد في كتبه مما يتعلق بوحدة الوجود إنما هو مدسوس عليه وأن الشيخ الأكبر لا يقول به، ثم إذ منهم من كذّبه، وزندقه، وبالغ في الحط من قدره.

وخلصت إلى أن ابن عربي يشكّل موضوعاً جدلياً في القديم والحديث، لا سيما في كتب الحداثة، وهو موضع اهتمام الباحثين والأدباء، ولأن مفهومي الوجود والعدم في نظره (أو كشفه) يغايران في مدلولهما ما اصطلح عليه أهل زمانه، فقد ترتّب على ذلك كثير من الآراء، مع تأكيدها أن كتابها بحث أدبي لا علاقة له بالخلافات المذهبية.

ويتحدّث الفصل الأول عن الوجود في شعر محيي الدين بن عربي بمراتبه، بالنظر إلى التفاوت في قبول أعيان الممكنات للتجليات الإلهية، وبالنظر إلى الفارق بين الذات الإلهية وبين الأسماء والصفات وبين أعيان الممكنات، الذي تكمله في الفصل الثاني "التجليات الوجودية في شعر ابن عربي"، الذي ينتهي بسؤال عن حبيبه من هو: هل هو ذات ابن عربي أم ذات الإله المتجلي؟ وهو ما يحاول أن يجيب عليه الفصل الثالث، "العدم في شعر ابن عربي"، الذي يتحدث عن العدم المطلق والعدم الإمكاني.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي