إسرائيل اليوم: بانتظار الدورة الشتوية.. هل تنقلب ساعة الرمل على رأس نتنياهو؟

2023-08-15

بنيامين نتنياهو (أ ف ب)تصريحات قادة جهاز الأمن حول ضرر أهلية الجيش وبخاصة سلاح الجو بسبب قرار مئات الطيارين المتطوعين في الاحتياط التوقف عن الامتثال للتدريبات، تدفع رئيس الوزراء إلى الحسم… أن يعلن.

على نتنياهو أن يفعل شيئاً ما كي يوقف ما سيصبح ضرراً شديداً للردع الإسرائيلي، ولاحقاً ربما حتى للقدرة الإسرائيلية. لقد حاول نتنياهو معالجة الظواهر الجانبية: لم يعد للكابينت كي لا تتسرب المعطيات، وطلب من رئيس الأركان وقياداته التوقف عن البحث في هذا علناً. كما أن محاولات (ليس من جانب نتنياهو نفسه بالطبع) التشكيك باعتبارات قادة جهاز الأمن، وجدت طريقها إلى الشبكات الاجتماعية. كل هذا لم يجدِ نفعاً.

يعترف جهاز الأمن بأن مشكلة الأهلية آخذة في الاحتدام. ويقولون عن رجال الاحتياط: “قرروا بأنهم ينقذون الدولة من خلال هدمها”. وثمة عائق جسيم على الطريق: قرارات محكمة العدل العليا حول القانونيين الأساسيين، العجز والمعقولية، وبالمقابل – سلوك الحكومة.

يمكن أيضاً بدون المتجندين مع وقف التنفيذ

في صندوق أدوات نتنياهو ووزير الدفاع ثلاث خطوات ذات مغزى. يمكن لنتنياهو أن يعلن بالتنسيق مع غالنت عن أولى هذه الخطوات، وهكذا يخرج الهواء من سفينة الاحتجاج: فتح دورات تجنيد أخرى للطيران بهدف تعبئة الصفوف بسرعة. رسالته للمحتجين واضحة: يمكننا بدونكم. ثمة إمكانية أخرى: فتح خطة جديدة للتجنيد، “سلاح صواريخ” – تعطي جواباً آخر لاحتياجات الجيش ولغير الطيارين أيضاً.

وثمة إمكانية ثالثة، وهي أليمة للغاية (وربما حتى الأكثر فاعلية): يعقد نتنياهو اجتماعاً يضم فيه قائد سلاح الجو ورئيس الأركان وباقي المسؤولين، ويعلن عن “تقليص التشكيلات” في سلاح الجو في ضوء بلاغات عشرات/مئات عن عدم امتثالهم للمهمة. أما التشكيلات الزائدة في سلاح الجو فيمكن تخصيصها في أماكن ناقصة أخرى في الجيش. أمام هذا التحدي، لا بد أن يفعل سلاح الجو كل شيء، بل وأكثر من هذا قليلاً، لملء التشكيلات الناقصة.

هذه الأعمال الممكنة وإن كانت لن تقنع متزمتي الاحتجاج ممن ليسوا مستعدين للحلول الوسط، لكنها بالتأكيد ستتحدث إلى قلوب من هم في مجموعة الرافضين، لكنهم ليسوا متشددين ضد الحكومة القائمة. وبالتأكيد، إذا كان من يمسك بالخيوط فهما رئيس الأركان وقائد سلاح الجو اللذين لن يخطرا الحكومة فقط، بل يستخدمان أدواتهما كي يوقفا تأثير المحتجين من الداخل على الجيش.

الآن لم يعد بوسع نتنياهو الجلوس على الجدار. لا يمكنه إيقاف الأصوات القلقة في الجيش حتى وإن كانت جزءاً من استعدادات داخلية للجان تحقيق تقام لاحقاً حول المس بالأهلية. هو ملزم بإعادة الجيش بتصعيد محتمل على الحدود الشمالية.

إمكانيات سيئة كثيرة

بدلاً من بقائه مقوداً، على نتنياهو أن يمسك بحبال ائتلافه ويخلق جدول الأعمال للدورة الشتوية الوافدة. عليه بداية اختيار حروبه (استمرار التشريع القضائي أو قانون التجنيد) قبيل عودة الكنيست إلى مقاعدها. أما إدارة الجبهتين معاً، وبينما يخطط قسماً مهماً من الوقت للاستجمام في حضن الأسرة الدولية، فهذا أمر متعذر. يقال في محيط رئيس الوزراء إنه يفكر هذه الأيام بمخطط “الن درشوبيتس” – وقف التشريع لسنة وخلق توافقات نحو دستور. هذا خيار واحد للخروج من الورطة التي أمامه. بالمناسبة، إذا كان يريف لفين يريد أن يكون اليد اليمنى لنتنياهو، فالأفضل أن يكون هو الذي يفعل هذا بحكم منصبه كوزير العدل، وإلا فسيواصل دفع نتنياهو إلى التصدي للفوضى التي خلقها.

حكومة طوارئ وطنية

هناك إمكانية أخرى، طرحت لدى أعضاء الائتلاف تجعل الأزمة فرصة تكتيكية، وهي الدعوة إلى حكومة طوارئ وطنية، وتشريع في توافق واسع وكبح فوري للمس بالجيش وبأمن إسرائيل. في ضوء أزمة الثقة التي لا يمكن فهمها في السياسة الإسرائيلية، فهذا السيناريو لا يحظى بتأييد عال ضمن السيناريوهات القابلة للتحقق. لكن واقعاً أمنياً مركباً كفيل بتغيير الصورة.

عملياً، يُجبر نتنياهو لاختيار قانون التجنيد كالجبهة التالية التي سيديرها. كأن شركاءه الحريديم المتزمتين في “يهدوت هتوراه” لا يرون ذلك الشرخ الذي يحدثه أناس الاحتجاج في جيش الشعب، لكن هذه الجبهة واضحة لكل أناس الائتلاف وكذا لأناس “شاس”: إذا ما تحقق قانون التجنيد في الصيغة التي يضغط غولدكنوف باتجاهها فحكومة إسرائيل كفيلة بمواجهة ضرر في دورات التجنيد التالية أيضاً. نتنياهو، مثلما هم درعي وأناسه أيضاً، حاولوا في محادثات مختلفة أن يوضحوا لغفني وغولدكنوف بوجوب تلطيف حدة المواقف، وإجازة قانون في الصيغة التي عمل عليها وزير الدفاع السابق غانتس قبل الفوضى.

ربما يريد نتنياهو إيقاف الزمن عن السير، وألا يصل إلى 16/10، موعد افتتاح الدورة الشتوية، والتصدي ثانية لطوفان مشاريع القوانين، والخطابات داخل الهيئة العامة والشركاء الضاغطين. إدارة نتنياهو للتحديات منذ اليوم ستمنع عنه أيضاً حرجاً دولياً في المسائل التي على جدول الأعمال. إذ لا يمكنه أن يقلع إلى البيت الأبيض في حين يعمل شركاؤه هنا في البيت على قانون الإعفاء من التجنيد أو بتصاعد الاحتجاجات ضد الإصلاح.

إن رحلة نتنياهو السياسية إلى جملة أهداف في تلك الأشهر ستجبره على تنظيف الطاولة في البيت قبل حلول الوقت. هكذا سيكون متفرغاً لإدارة الفرص التي في الأفق: التطبيع مع السعودية (الكفيل بجلب تحديات أخرى إلى أعتاب الائتلاف)، والدخول إلى خطة الإعفاء من التأشيرة للولايات المتحدة، والأهم من كل شيء إبعاد اتفاق أمريكي مع إيران.

شيريت افيتان كوهن

إسرائيل اليوم 15/8/2023








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي