في "الحرب الحاسمة": أيهما سيعود إلى "العصر الحجري".. لبنان أم إسرائيل؟  

2023-08-20

 

مخطئ من يعول عندنا على أن الأزمة الاقتصادية في لبنان ستلجم نصر الله، ويخطئ من يعتقد أن تهديدات تخريب لبنان ستكون رادعة (أ ف ب)في التهديد الذي أطلقه وزير الدفاع يوآف غالنت “لإعادة لبنان إلى العصر الحجري” ليس هناك ما هو حقيقي. وعليه، ليس فيه ما يكفي كي يردع زعيم “حزب الله” حسن نصر الله.

لا وجود لشك في أن تحقق إسرائيل تهديداتها و”تسير حتى النهاية”، والمشكوك أكثر إذا كان العالم، ولا سيما حليفتنا الولايات المتحدة، سيمنحنا يداً حرة لتخريب لبنان، فلبنان عاد “بقواه الذاتية” إلى العصر الحجري، وهو اليوم دولة فاشلة ومتسولة ومفلسة.

ما كان يعتبر “سويسرا” الشرق الأوسط، شهد في العقد الأخير انهياراً اقتصادياً دهور معظم سكان الدولة، أولئك الذين لا يزالون فيها، إلى ما دون خط الفقر.

أرصدة العملة الصعبة نفدت، وليس لدى الحكومة اللبنانية دولارات لتمويل استيراد المنتجات الأساس، الغذاء والنفط. الدكاكين فارغة، توريد الكهرباء والمياه يتعثر، وخدمات الصحة والتعليم والرفاه لا تؤدي مهامها.

العالم لا يسارع لنجدة لبنان، سواء كان ذلك لخشية من زعمائه الفاسدين الذين يزجون المال في جيوبهم الخاصة، أم بسبب أن لبنان بات دولة منبوذة لوجود “حزب الله” على أراضيها.

ظاهراً، يفترض بالأزمة الاقتصادية أن تشكل عامل لجم يقمع نزعة المغامرة ويضمن ضبطاً للنفس وتفكراً. لكن كما هو معروف، فالمنطق يعمل بشكل مختلف في الشرق الأوسط، وحين يكون كل شيء مدمراً، فليس للمرء ما يخسره، وأحياناً يكون “القفز إلى المجهول” هو الطريق للخروج من المأزق ومن الضغوط الداخلية.

اعترف نصر الله نفسه بذلك في أحد خطاباته، حين هزئ من تهديدات إسرائيل بأن تبقي لبنان في الظلام. فقد شرح لمستمعيه بأن “لا كهرباء عندنا على أي حال، وعليه فماذا يضير لو بتنا في الظلام لبضعة أيام، وبالمقابل فإن الإسرائيليين مدللون/ ومع ذلك لن يصمدوا في توقف الكهرباء حتى لبضع ساعات”.

مخطئ من يعول عندنا على أن الأزمة الاقتصادية في لبنان ستلجم نصر الله، ويخطئ من يعتقد أن تهديدات تخريب لبنان ستكون رادعة.

وبعامة، ينبغي الاعتراف، وبخاصة في السنة التي نحيي فيها 50 سنة على نشوب حرب يوم الغفران، بأن الردع تعبير مخادع، قد يخاف نصر الله من حرب شاملة، لكن يمكنه في الوقت نفسه أن يدفع نحو احتكاك عسكري وعنيف مع إسرائيل مثل جولاتنا القتالية مع الفلسطينيين. فضلاً عن ذلك، يتعلم الناس الردع بشكل عام بأثر رجعي، مثلما تعلمنا نحن في عصر السادس من تشرين الأول 1973، بتأخير سنة، بأن المصريين غير مردوعين من قوة الجيش الإسرائيلي.

لقد تصدع الردع تجاه “حزب الله” في ربيع 2014 حين زرع رجال المنظمة عبوة ناسفة لدورية من الجيش الإسرائيلي في “هار دوف” لأول مرة منذ حرب لبنان الأولى.

وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل امتنعت عن الرد. ومنذئذ، لا يتردد نصر الله في العمل في كل مرة يشعر فيها بحاجة لردع إسرائيل، وفي كل مرة يشخص فيها فرصة للعمل دون خوف من رد إسرائيلي. إذن، فالمردوع هي إسرائيل، التي تتحدث عالياً وتهدد بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، لكنها عملياً تجلس مكتوفة الأيدي أمام المنظمة.

ربما تعتقد بأن لديها ما تخسره أكثر من “حزب الله”. مع ذلك، يفيد تبجح نصر الله بأنه يعيش الماضي ويؤمن بأن حرب لبنان الثالثة ستكون بثاً معاداً لحرب لبنان الثانية – إطلاق رشقات صواريخ تنزل إسرائيل على ركبتيها. التهديدات التي تطلقها إسرائيل تفيد بأن الوضع ذاته سيكون عندنا أيضاً، وأن إسرائيل تستعد للحرب السابقة – هجمات مكثفة من الجو تجبي ثمناً باهظاً من “حزب الله” ومؤيديه، وتعيد من جديد ميزان رعب شال يبقي الهدوء على طول الحدود، لكنه يسمح أيضاً لـ “حزب الله” بالازدهار في لبنان.

وباختصار، فإن نصر الله “ينبح” لكنه “يعض” أيضاً. لذا، بدلاً من تبادل الضربات اللفظية، فعلى إسرائيل أن تركز على الإعداد والاستعداد للحظة الحقيقة إذا ما جاءت، وهذه المرة بهدف حسم المعركة وليس فقط مشاهدة بث معاد للحرب السابقة.

 

إسرائيل اليوم 20/8/2023








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي