وقعت في مستعمراتها السابقة.. إيكونوميست: انقلاب الغابون يكشف أزمة السياسة الخارجية لفرنسا

2023-08-31

تظل الغابون جزءا من موجة عامة، فمن عام 1960 إلى 2000، سُجلت 40 محاولة انقلاب أو انقلابات ناجحة حول العالم (أ ف ب)نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا حول السياسة الخارجية الفرنسية التي وصلت إلى حالة يرثى لها بانقلاب جديد في القارة الأفريقية.

وعلقت المجلة أن كل الانقلابات التي شهدتها أفريقيا منذ عام 1990 حدثت في مستعمرات فرنسية سابقة. وقالت: “الانقلابات هي مثل نزلة البرد، مُعدية. ففي 30 آب/ أغسطس، كان الضباط في الغابون، يعلنون عبر شاشة مشوشة لتلفاز الدولة، أنهم سيطروا على البلد، وذلك بعد شهر من قيام الجنرالات بالإطاحة بالرئيس المنتخب في النيجر.

والانقلاب الأخير يظلل الطريقة التي باتت تتراجع فيها أفريقيا للوراء. فقد شهدت القارة في بداية القرن الحادي والعشرين تراجعا في وتيرة الانقلابات، وذلك بسبب عمليات الانتقال الديمقراطي والتحولات في الأعراف السياسية والمؤسسات القوية. ولكن مع بداية العقد الثاني من القرن، بدت هذه الأعراف والمؤسسات ذابلة، وصارت أفريقيا بدون منافحين عن الديمقراطية، ولهذا أصبحت الانقلابات ظاهرة عامة.

وتعلق المجلة أن كل انقلاب لديه أسبابه. فالغابون، المستعمرة الفرنسية السابقة، تُحكم منذ عام 1967 من عائلة بونغو، أولا عمر بونغو، ثم ابنه علي بونغو منذ عام 2009.

ومع أن الغابون تعد رابع دولة من ناحية الناتج المحلي العام بالنسبة للفرد في دول الساحل والصحراء، إلا أن عضو “أوبك” هي حالة دراسة في “لعنة الثروات” الطبيعية. ويرى البنك الدولي أن ثلث سكان البلد يعتبرون فقراء. وفي العام الماضي، أصدرت محكمة فرنسية أحكاما ضد خمسة من أولاد بونغو بتهم إساءة استخدام أموال الدولة وجرائم مزعومة أخرى.

وعبّر المدافعون عن الديمقراطية في البلاد عن مخاوفهم من تزوير الانتخابات في 26 آب/ أغسطس، وهي مخاوف زادت بقطع الإنترنت في يوم الانتخابات. وبدلا من القبول بنتائج الانتخابات، قرر الضباط وربما بمساعدة من قبيلة بونغو، السيطرة على البلاد وأخذ الأمور بأيديهم.

وتظل الغابون جزءا من موجة عامة، فمن عام 1960 إلى 2000، سُجلت 40 محاولة انقلاب أو انقلابات ناجحة حول العالم، وذلك بناء على بيانات جمعها الباحثان السياسيان جوناثان باول وكلايتون تين. وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان هناك 20 انقلابا، و17 في العقد الثاني. ومع بداية العقد الثالث، سُجل حتى الآن 14 انقلابا.

ومع أن كل حالة انقلاب خاصة بذاتها، إلا أن هناك تفسيرا عاما لها، فقد أضرّ وباء كورونا وزيادة الأسعار العالمية باقتصادات أفريقيا، بشكل زاد من كلفة المعيشة. ولم يعد لدى الحكومات مصادر كي تنفقها على رعاية الموالين لها. وعندما يغيب الأمن، يبدو الجنرالات أكثر ميلا للتحرك.

ومع زيادة الأعمال غير القانونية وعدم وجود تداعيات لها، فمن اللافت أن الكثيرين يحاولون تكرارها. ففي بداية القرن الحالي، كانت المؤسسات الأفريقية، مثل الاتحاد الأفريقي والكتل الإقليمية حاسمة في شجبها لهذه الانقلابات. وكان قادة دول مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا يشجبونها ويجدون دعما من الدول الغربية التي تقوم بتوسيع الشجب وتقويته.

وقد تغير الوقت الآن، ففي هذه الأيام، تبدو القيادة الأفريقية ضعيفة، وحتى لو شجبت الدول الغربية انقلابا وهو ما لا يحدث دائما، فهناك الصين وروسيا اللتين لا تهتمان كثيرا بالأعراف الديمقراطية.

وتذكّر الأحداث في الغابون، بأن السياسة الفرنسية تجاه أفريقيا باتت ضعيفة. فمنذ 1990، وقع 24 من أصل 40 انقلابا ناجحا في مستعمرات فرنسية سابقة، أو مجموعة فرانكوفون، وذلك بحسب الباحثيْن باول وتين. وزادت حصتها منذ 2020 إلى 16 من أصل 24 انقلابا.

وليست هذه مصادفة كما تقول المجلة. فالحكومة الفرنسية تتبنى موقفا يتدخل بالمستعمرات السابقة أكثر من بريطانيا. فلا تزال تحتفظ بقواعد عسكرية في الغابون، مما يزيد من الحسّ الذي تستغله روسيا، وهو أن باريس تقوم بدعم المطيعين والفاسدين من النخب الأفريقية على حساب مصلحة الناس العاديين. والحقيقة هي أعقد من هذا، إلا أن الانقلابات ليست أفعالا دقيقة، كما تقول إيكونوميست.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي