ميدل إيست آي: الفظائع المرتكبة في دارفور السودانية تحول نيالا المعزولة إلى مدينة أشباح

2023-09-06

كان هناك قتال متقطع في نيالا بعد بدء النزاع في 15 أبريل/ نيسان بين الجيش السوداني والحليف السابق قوات الدعم السريع (ا ف ب)مع تصاعد القتال لقطع خطوط إمداد قوات الدعم السريع عن جمهورية أفريقيا الوسطى، يجد المدنيون أنفسهم في مرمى النيران مرة أخرى، تحولت نيالا السودانية إلى مدينة أشباح حيث توجه الاتهامات إلى المقاتلين بارتكاب فظائع ضد المدنيين وسط حالة من الرعب.

وصف العديد من الشهود والناشطين، الذين تحدثوا إلى موقع ميدل إيست آي، مشاهد الرعب التي حلّت في مدينة نيالا جنوب دارفور منذ أوائل أغسطس.

وأبلغوا عن عمليات قتل جماعية، وعنف جنسي، ونهب للمنازل، وهجمات طالت المرافق الصحية، وتدمير أبراج الاتصالات السلكية واللاسلكية، وتعليق خدمات المياه والكهرباء.

يقول شهود العيان إنه بعد ما يقرب من شهر من القتال العنيف، لا توجد أي علامة تقريبا على الحياة في المدينة، مع إغلاق الأسواق وإجبار الآلاف من الناس على النزوح.

كان هناك قتال متقطع في نيالا بعد بدء النزاع في 15 أبريل/ نيسان بين الجيش السوداني والحليف السابق قوات الدعم السريع.

لكن المعارك أصبحت أكثر عدوانية وامتدت إلى قلب المدينة، الشهر الماضي، وما زالت مستعرة منذ ذلك الحين، ومع قطع الإنترنت وخطوط الهاتف، لا يعرف سوى القليل عن حجم العنف الذي تحمله المدنيون.

وعن ذلك يقول أحمد غوجا، الناشط الذي كان مقيما في نيالا ثم فر منها: “إن المدينة معزولة والجرائم مستمرة بصمت وبدم بارد”. ويضيف أن أسوأ أعمال العنف حدثت في أحياء الجبل والقادسية والحيلة الجديدة حيث “سقطت مئات القنابل على المنازل”.

ويوضح التقرير، الذي أعده محمد أمين لموقع ميدل إيست آي، أن الطريقة الوحيدة لمعرفة ما يجري في المدينة، هي من خلال ركاب الحافلات والسائقين الذين يتمكنون من المغادرة من وقت لآخر، أو من خلال أولئك الذين تمكنوا من الفرار سابقا.

من بين هؤلاء آدم عيسى، الذي كان يعيش في حي السلام الواقع في الجزء الشمالي من المدينة، وتعرض منزله مثل العديد من المنازل الأخرى في نيالا، للقصف، مما أجبره على الفرار. وعن ذلك يقول “في 15 أغسطس، سقطت قنبلة على منزلنا، مما أسفر عن مقتل والدي وإصابة اثنين من أبنائي… مشيت لساعات حاملا أطفالي الجرحى إلى منطقة بليال، حيث أعيش الآن مع عائلتي الكبيرة”.

وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 50 ألف شخص فروا من نيالا في الأيام الخمسة الأولى من الموجة الأخيرة من العنف، ومن المحتمل أن يكون الرقم أعلى من ذلك بكثير

عمليات القتل الجماعي

ومن بين شهود العيان أيضا محمد حسين، الذي فر مؤخرا من نيالا ويقول “إنه عاين عشرات القنابل التي كانت تضرب منازل المدنيين، وأدى ذلك إلى قتل مئات الأشخاص”.

ومع ذلك، كان من الصعب تحديد العدد الدقيق للضحايا، فالأمم المتحدة قالت سابقا إن ما لا يقل عن 60 شخصا قتلوا وأصيب 250 في بداية الاشتباكات بين 11 و17 أغسطس.

وكان ما لا يقل عن 42 مدنيا، بمن فيهم النساء والأطفال، يختبئون تحت جسر عندما قتلوا في مذبحة في 23 أغسطس، وفقا لشبكة دارفور لحقوق الإنسان. وقالت هذه المنظمة غير الحكومية “إن هناك تقارير أخرى عن حدوث مذابح مماثلة حيث يشن كلا الجانبين هجمات عشوائية باستخدام نيران المدفعية والضربات الجوية”.

في وقت سابق من أغسطس، هاجمت الميليشيات التي يعتقد أنها متحالفة مع قوات الدعم السريع أعضاء قبيلة داجو في منطقة كوكوجا، مما أسفر عن مقتل العديد من الأشخاص.

ووقع القتل الجماعي بعد أن رفض رجال القبائل إعطاء ماشيتهم إلى الميليشيات دون أي تكلفة، فأطلقت الميليشيات الرصاص الحي على حراس الماشية، مما تسبب في مقتل 10 رعاة وسقوط عدد من الإصابات، وهروب المدنيين”.

ويقول الشاهد محمد حسين “إن بعض أجزاء المدينة، شهدت هجمات وحشية من قبل قوات الدعم السريع وميليشياتها، بما في ذلك أحياء تكساس وكاري والأجزاء الجنوبية الأخرى من المدينة”. ويضيف: “يمكنني القول إن غالبية المنازل في المدينة قد نهبت من قبل قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها”.

ويوضح التقرير أن الفظائع في نيالا ليست الأولى التي يتم الإبلاغ عنها في دارفور بسبب الحرب المستعرة، التي أعادت إشعال العنف العرقي في منطقة جنوب السودان.

ويضيف “كانت الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، مركزا للاشتباه في عمليات القتل خارج نطاق القضاء والعنف الجنسي والجرائم الأخرى في يونيو، مما دفع المحكمة الجنائية الدولية إلى إجراء تحقيق في جرائم حرب، والآن يبدو أن جرائم مماثلة ترتكب في نيالا.

ساحة المعركة الأخيرة

أخبرت المصادر العسكرية، التي فضلت مثل العديد من الآخرين عدم الكشف عن هويتها بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، أن الاهتمام تحول إلى نيالا حيث تقاتل الأطراف المتحاربة من أجل السيطرة على المنطقة الحدودية مع جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، إذ يُعتقد أن قوات الدعم السريع تحصل على أسلحة مهربة إلى السودان عبر جمهورية أفريقيا الوسطى من خلال حلفائها في الخارج.

قال مصدر آخر تحدث إلى موقع ميدل إيست أي عبر الهاتف من منطقة بالقرب من نيالا: “إن قوات الدعم السريع تحتل غالبية المدينة بينما يقاتل الجيش من ثكناته المحيطة بها”.

وقال المصدر: “إن الجيش يهاجم مواقع قوات الدعم السريع باستخدام ضربات جوية مكثفة، تأتي أحيانا من خارج الولاية، بالإضافة إلى قصف مدفعي قوي”.

لكن يبدو أن قوات الدعم السريع لا تزال صاحبة اليد العليا لأنها تسيطر على معظم المدينة.

وفي 21 أغسطس، قال الجيش إن قائده من فرقة المشاة في نيالا، ياسر فضل الله، قتل في ظروف غامضة، وتفيد بعض التقارير بأنه قتل على يد أحد مساعديه.

وتقول مصادر المعارضة في جمهورية أفريقيا الوسطى إن مجموعة مرتزقة فاغنر الروسية كانت ترسل أسلحة إلى قوات الدعم السريع عبر بلدة أم دافوك الحدودية. وتضيف أن القوات المسلحة السودانية شنت غارات جوية كثيفة في أم دافوك وحولها لقطع خطوط إمداد قوات الدعم السريع.

لا دواء أو مساعدات

نظرا لعدم ظهور أي علامات على انتهاء موجة القتال، حذر العاملون الصحيون في نيالا من أن النظام الصحي في انهيار شبه عام.

أخبر مصدران طبيان، بما في ذلك متطوع واحد، موقع ميدل إيست أي: أن الناس كانوا يموتون بسبب نقص الدواء في المدينة وصعوبة إجلائهم.

الوضع ينهار. . قال أحد المصادر: “لقد رأينا أشخاصا ينزفون حتى الموت أو يجبرون على البقاء في المنزل دون مساعدة لأنهم يخشون القدوم إلى المستشفيات”.

لا يزال مستشفى واحد فقط، وهو مستشفى نيالا للأبحاث السودانية التركية، وبعض العيادات الصغيرة، تعمل في المدينة.

هناك نقص في الأدوية والموظفين الطبيين. وقالت بعض المصادر إن بعض المرافق يقوم بتشغيلها متطوعون. وأضاف أحد المتطوعين: “أن الميليشيات منتشرة في كل مكان، حتى أنها هاجمت المستشفى وأجبرت المتطوعين على علاج أعضاء قوات الدعم السريع”.

وفي الوقت نفسه، ينتقل أولئك الذين تمكنوا من الفرار من المدينة إلى مخيمات مؤقتة مجهزة تجهيزا ناقصا، بحيث تفتقر إلى الخدمات الأساسية.

قال الشاهد غوجا إن الآلاف من الناس وصلوا إلى مخيمات النازحين في كالما، التي تعد بالفعل موطنا لآلاف آخرين نزحوا خلال نزاع دارفور عام 2003. وتقع المخيمات في كالما في منطقة بليال شرق نيالا، وينظر إليها على أنها أكثر أمانا نسبيا من المدينة.

ويضيف غوجا أن الوضع الإنساني كارثي، بسبب الاكتظاظ ونقص الغذاء والخدمات الصحية، وأن الناس في كالما يتضورون جوعا بسبب نقص الغذاء والماء، ونقص كل شيء من الخدمات الصحية بما فيها الوصول إلى المراحيض”.

ويصف النازح محمد عيسى، الذي فقد والده في القصف قبل أن يهرب مع عائلته المكونة من ستة أفراد إلى بليال، مآسي مماثلة واجهها ويقول: “لا يوجد عمل ولا مال، بل القليل جدا من الطعام والخدمات هنا”.

ويختم التقرير “لا توجد مساعدة من الحكومة أو منظمات الإغاثة، ولا يمكن لأي منهما الوصول إلى الدولة بأكملها.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي