الغارديان: يمكن للعالم أن يحل أزمة الهجرة العالمية عبر نهج أكثر إنسانية

2023-09-13

ينتمي ما يقرب من ثلاثة أرباع النازحين في العالم إلى 10 دول فقط، بما في ذلك سوريا وأفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأوكرانيا والسودان، التي مزقتها الحرب (ا ف ب)تنطلق صحيفة الغارديان البريطانية في مقاربتها لأزمة الهجرة، من زاوية الخوف من قيام  الدول الأكثر ثراءً في العالم باعتبار موت المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط أمرا عاديا. ثم تكمل: “أن هذا هو خوف المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، وهي الهيئة التي تأسست عام 1951 نتيجة للفوضى والنزوح في أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية”.

تشير الصحيفة في المقال الذي كتبه كلايف ميري  إلى أنه “تم اقتلاع 11 مليون شخص من ديارهم، وكانت مهمة المنظمة الدولية للهجرة مساعدة الحكومات الأوروبية على تحديد البلدان التي يمكن إعادة توطين الأشخاص فيها”. وتضيف “أنه  في الخمسينيات من القرن الماضي، قامت المنظمة الدولية للهجرة بترتيب وسائل النقل لما يقرب من مليون مهاجر إلى بلدانهم الجديدة، مع نجاح برنامج إعادة التوطين القائم على التعاون الدولي، وفكرة تقاسم الأعباء.

لكن بعد مرور أكثر من 70 عاما على إنشاء المنظمة الدولية للهجرة، نرى  الآن موقفا مختلفا تماما تجاه أزمات الهجرة المختلفة في العالم، في حين تساهم أزمة المناخ، إلى جانب الحرب والفقر، في تغذية النزوح بأعداد غير مسبوقة”.

وبالإشارة إلى تفاقم أزمة الهجرة والنزوح، يذكر المقال نقلا عن مركز رصد النزوح الداخلي ومقره جنيف “أن عدداً قياسياً بلغ أكثر من 71 مليون شخص في جميع أنحاء العالم في عام 2022، فروا من مجتمعاتهم الأصلية بحثاً عن الأمان والمأوى، بزيادة قدرها 20% عن العام الذي سبقه”.

وينتمي ما يقرب من ثلاثة أرباع النازحين في العالم إلى 10 دول فقط، بما في ذلك سوريا وأفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأوكرانيا والسودان، التي مزقتها الحرب.

ويضيف الكاتب “لكن معظم حالات النزوح في العام الماضي، والتي بلغت 32.6 مليون شخص، كانت بسبب الكوارث المناخية، بما في ذلك الفيضانات والجفاف والانهيارات الأرضية. والكثير من هؤلاء الأشخاص، غير القادرين على إعادة بناء حياتهم في أوطانهم، سيحاولون حتماً بناء حياة جديدة في الخارج، ولكن أين هو التعاون الدولي لمساعدتهم؟”.

وفي النظرة التاريخية، يرى الكاتب :”أن الدافع كان جذب العمال المهاجرين الأجانب، الذين لعبوا دورا حيويا في إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا كان واضحا في معظم مناطق شمال أوروبا بعد عام 1945، ومن هنا تم إنشاء المنظمة الدولية للهجرة. وعلى سبيل المثال، كان لدى ألمانيا الغربية منذ خمسينيات القرن الماضي برنامج العمال المهاجرين، وهو ما يفسر وجود الجالية التركية النابضة بالحياة في ألمانيا الموحدة اليوم”.

أما عن الواقع الحالي، يضيف الكاتب، فإن الأمر المهم هو أن نقص العمالة قد عاد، و شهد عالم ما بعد وباء كورونا انخفاض معدلات البطالة في الدول الغنية إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، مع اقتراب الوظائف الشاغرة من أعلى مستوياتها على الإطلاق، ويحتاج أصحاب العمل بشدة إلى العمال.

تحاول الحكومات الآن بنشاط تشجيع الهجرة، حيث تأمل كندا في استقطاب مليون ونصف مليون مهاجر جديد في العامين المقبلين، كما أن العديد من البلدان الغنية، بما في ذلك بعض الدول التي تعارض الهجرة تقليديا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، أصبحت الآن أكثر تقبلاً للمواهب المولودة في الخارج للتغلب على شيخوخة السكان (لديها)”.

ومع ذلك، يقول الكاتب إنه “بالنسبة إلى معظم الأشخاص الذين يفرون الآن من الحرب والفقر وآثار الكوارث المناخية، لا يوجد سوى عدد قليل من برامج منح التأشيرات أو خطط إعادة التوطين أو الطرق الآمنة  للوصول إلى الدول الأكثر ثراء، لكي يتمكنوا من العيش حياة مزدهرة.

وعن سبب قلة التأشيرات يقول الكاتب: “قد يتوقع البعض سبب ذلك أن معظم الأشخاص المعنيين (بالهجرة) هم من السود أو الملونين، ما يعزز مخاوف المنظمة الدولية للهجرة من أن موتهم في البحر الأبيض المتوسط قد أصبح أمرا طبيعيا”.

وعن الإحصاءات، يشير  المقال إلى تقديرات المنظمة الدولية للهجرة التي تفيد “بأن أكثر من 28 ألف شخص فقدوا أرواحهم منذ عام 2014 في أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا، كما أن عدد الأشخاص الذين تم الإبلاغ عن وفاتهم أو فقدهم حتى الآن هذا العام يفوق الأعداد المسجلة في كل سنة من السنوات الأربع السابقة”.

ويضيف “هناك الآن تأخير  في عمليات البحث والإنقاذ التي تقودها الدول في البحر الأبيض المتوسط، ولم تخف بعض الحكومات مثل المجر، حقيقة أنها سعيدة تماما بقبول المهاجرين المسيحيين والبيض، بينما ترفض المهاجرين غير المسيحيين، وخاصة من ذوي البشرة السوداء أو البنية”.

أما عن رأي  الأمم المتحدة، فهي تقول “إن الوقت قد حان لوضع إستراتيجية عالمية منسقة بشأن الهجرة الدولية، في اجتماع قمة رفيعة المستوى خلال أعمال الجمعية العامة هذا الشهر في نيويورك. والهدف إيجاد نهج أكثر إنسانية لما تسميه الأمم المتحدة “أسوأ أزمة هجرة”، منذ الحرب العالمية الثانية.

ويختم الكاتب بالقول: “لقد ارتقى زعماء العالم إلى مستوى التحدي بعد عام 1945، والآن نحن جميعا ننتظر منهم أن يفعلوا ذلك مرة أخرى”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي