هآرتس: الأزمة الدستورية وفيلم الرعب.. ماذا بقي للقضاة حتى يشطبوا أنفسهم؟

2023-09-13

في الظروف المجنونة الحالية حين يتصرف الائتلاف كقطيع محرض ويؤدي إلى صدام جبهوي بين الكنيست والحكومة من جهة والمحكمة من جهة (أ ف ب)في الوقت الذي بحثت فيه هيئة غير مسبوقة من كل قضاة محكمة العدل العليا الـ 15 أمس، الالتماسات ضد التعديل على القانون الأساس، فقد واصل القضاة أعضاء الائتلاف مهمة التحريض ضد المحكمة، وشككوا في صلاحيات المحكمة حتى في إجراء البحث. بدأ هذا بوزير العدل يريف لفين، مهندس الانقلاب النظامي الذي أعلن أن البحث يجرى بانعدام مطلق للصلاحية، ويشكل “مساً جسيماً بالديمقراطية وبمكانة الكنيست”. وعلى حد قوله، فإن “مداولات إمكانية شطب القوانين الأساس التي هي رأس الهرم القانوني في إسرائيل، وإمكانية إخراج رئيس الوزراء إلى العجز، هما مس جسيم بحكم الشعب”. سمح بحرية تعبير أضيق لرفاق لفين في الائتلاف؛ فقد غردوا بالرسالة التي أمليت عليهم كالببغاء: “لن تقبل الكنيست الدوس عليها”. بطاعة جنود في جيش الانقلاب، صدح كل من أوريت ستروك، وأرئيل كلنر، وتسفي سوكوت، وليمور سون هار ميلخ، وحانوخ ميلبسكي، وسمحا روتمان، بالرسالة إياها التي ليست إلا تهديداً فظاً وصريحاً على القضاة: لا تتجرأوا على المس القوانين الأساس، خشية أن تكونوا في مواجهة مع الكنيست، التي “لن تقبل أن يداس عليها”. يبدو أن الائتلاف يرى أن ذلك ليس تعديلاً على قانون الأساس: القضاء هو الذي يقف أمام المحاكمة، بل القضاة أنفسهم. بالنسبة لهم، ثمة إمكانية واحدة لقضاة محكمة العدل العليا، وهي شطب أنفسهم. الويل لهم إذا ما لمسوا القانون نفسه. أقوالهم مقدمة لفيلم الرعب “الأزمة الدستورية” التي ستنشب إذا ما دافعت المحكمة عن الديمقراطية وشطبت التعديل على القانون الأساس.

لكن هذه التهديدات هي نفسها الأزمة الدستورية. وعليه، ففي الظروف المجنونة الحالية حين يتصرف الائتلاف كقطيع محرض ويؤدي إلى صدام جبهوي بين الكنيست والحكومة من جهة والمحكمة من جهة، فمن الواجب الإشارة الطيبة إلى من يتجرأون على الحفاظ على العامود الفقري ويقولون ما لم يعد لكثيرين في إسرائيل أمراً مسلماً به. الوزراء يوآف غالنت وغيلا جمليئيل وموشيه أربيل، أعلنوا بأنهم سيحترمون قرار المحكمة.

المحامي ايلان بومباخ الذي يمثل الحكومة في الالتماسات في العليا، بالغ أمس إذ شكك بالمفعول الدستوري لوثيقة الاستقلال: “لا يعقل أن 37 شخصاً لم ينتخبوا… فدون أن يقصدوا، خلقوا وثيقة تسمى “دستوراً يقيد كل الأجيال التالية”، قال. نأمل في أن موقفه، الذي هو موقف الحكومة، سيفتح عيون أعضاء آخرين في الائتلاف، خصوصاً في الليكود، على ما يجري. حان الوقت ليفهموا بأنهم أعضاء في حكومة تشكك علناً بوثيقة الاستقلال، قيمها، ومفعولها القانوني والدستوري والروحاني. إذا كانت تهديدات الائتلاف تتحقق، وإسرائيل تسير نحو صدام بين معسكر وثيقة الاستقلال هي شمعة تضيء له الطريق، ومعسكر يكافح في سبيل حق الحكومة في التصرف بشكل غير معقول، فيجدر بهم إذاً أن يعيدوا النظر في مكانهم.

 

أسرة التحرير

 هآرتس 13/9/2023








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي